لا أحبّ العمل إلا مع الرجال!
تعترف 88% من النساء بأنهن يفضلن العمل مع أرباب عمل أو زملاء رجال. في الشركات، تُعتبر المنافسة بين النساء من المواضيع الشائكة وتبدو التعليقات التي تصبّ في هذا الإطار صادمة ولا يمكن تقبّلها بسهولة لأنها تعمم فكرة مثيرة للجدل عن النساء. لكن كيف يمكن تفسير هذه الظاهرة وهل من مبرر للتفكير بهذه الطريقة؟
قد يتقبل الناس هذا التصريح من الرجال على اعتبار أنهم ينحرجون أو لا يشعرون بالراحة بحضور النساء. لكن حين تصرّح المرأة بذلك، قد تضرّ نفسها وتسيء إلى صورتها! يصعب أصلاً أن تثبت المرأة تفوقها في مجال العمل وغالباً ما تصدر الانتقادات ضدها من نساء أخريات ويبقى التضامن بينهن مجرد كلام في الهواء!تتحدد سلوكيات النساء من خلال علاقتهنّ بسلطة الأم. ينجم موقف المرأة في مكان العمل عن ارتباك في علاقتها مع والدتها التي تتمتع بسلطة مطلقة عليها منذ الطفولة. في الأوساط المهنية، تفضل المرأة التي عاشت هذه التجربة العمل وسط الرجال هرباً من سطوة الأم! لكن يلاحظ علماء الاجتماع لحسن الحظ أن سلوكيات العمل لدى الأجيال الشابة لا تختلف بين الرجال والنساء كونهم يحافظون على التوازن بين العائلة والعمل. يمهد هذا التقدم لترسيخ تفاهم متبادل.
إذا لم تكن المرأة التي تعبّر عن نفسها مضطربة أو تتكلم تحت وقع الصدمة أو العصبية، يمكن أن نستنتج أن انحيازها ضد بنات جنسها جزء من مواصفاتها، وهي شخصية شائعة بين النساء. تتعدد العيوب التي يمكن أن تشوب شخصية المرأة: قد تكون ثرثارة أو تركز على جذب الانتباه، أو تبقى أقل صراحة من الرجل وأكثر ميلاً إلى التصادم أو النفاق إذا لم تكن مصابة بما يسمى {الهستيريا النسائية }. لا شك في أن التواجد مع امرأة تجمع هذه الصفات كلها سيصعّب العمل معها. لكن تعلو أصوات معاكسة لحسن الحظ لأن إنكار وجود اختلافات في شخصيات الناس يعكس وهماً مترسخاً.لا وجود للمرأة الخارقة، لكن تظن المرأة دوماً أن شقيقتها تحقق نجاحاً أكبر منها، وأن زميلتها في العمل تتعامل مع الضغوط أفضل منها، وأن جارتها تجيد التوفيق بين مهنتها وواجباتها المنزلية...باختصار، تظن أن جميع النساء من حولها يبرعن في تجاوز التحديات على عكسها. ينتج هذا الفرق الشاسع بين الواقع وأفكارها الداخلية شعوراً قوياً بالاستياء.• مسألة تربية:تنشأ المرأة بطريقة مختلفة عن الرجل ويشجعها الجميع منذ مرحلة مبكرة على التصرف بلباقة ونعومة وهدوء وتجنب الصراعات والإصغاء إلى غيرها، وهذا ما يطور جانبها العاطفي. من الطبيعي أن تتضح هذه الرواسب في سن الرشد، وفي مكان العمل تحديداً. لذا تكون المديرة أكثر تفهماً بطبيعتها وتجيد حل الخلافات أكثر من الرجل إلا إذا اختارت تبني مواقفه.كذلك، لا تكون العدائية النسائية متطورة جداً وهذا ما يفسر على الأرجح الصعوبة التي تجدها المرأة في التعبير عن ما تفكر به في الظروف الشائكة. لوحظ مثلاً أن المرأة لا تتفاوض بشأن راتبها خلال مقابلات التوظيف بسبب شعورها اللاواعي بالدونية أو بسبب الإحراج أو الانزعاج الذي ينتابها في هذه الظروف، لكن يختلف سلوك الرجل كثيراً في مواقف مماثلة. أثبت بعض الدراسات أن موقف الرجل لا يتغير حتى لو كانت مؤهلاته أقل من المرأة.على صعيد آخر، تواجه المرأة صعوبة في إعطاء أجوبة واضحة وصريحة مع شخص يتكلم معها بنبرة عدائية، لا سيما إذا كانت تفتقر إلى الخبرة.قد يمهد هذا السلوك لسوء تفاهم متكرر ومواقف مزعجة وقد تشتبه المرأة بنوايا الآخرين مع أن أسلوب التواصل يكون سبب المشكلة الفعلي.لكن لا تكون جميع النساء بهذه الشخصية ويتغير سلوكهن مع التقدم في السن واكتساب النضج وإطلاق المشاريع. لكن يدفع هذا النوع من النماذج إلى تعميم هذه الصورة عن النساء.• اختلاف المناصب:قد يعبّر المدير عن نفسه بطريقة سلبية مع النساء في العمل مثلاً إذا لم تكن المرأة مؤهلة للعمل أو لا تحمل شهادة جامعية أو لا تبرع في حياتها المهنية لذا تحتل مناصب أدنى مستوى.لكن على المدى الطويل، لا يحفز هذا السلوك على تعزيز الالتزام بالعمل أو تحسين أداء الرجال أو النساء. يتضح أثر هذا التعامل لدى المرأة بشكل أساسي حين يكون الزوج موظفاً ويبدأ بالتخطيط لإنشاء عائلة وتخصيص الوقت لها. لكن يختلف الوضع طبعاً إذا تولى أحد الطرفين منصباً أعلى من الثاني. عند مراقبة الاختلافات بين الرجل والمرأة، لا يمكن أن نقول إن أحدهما أفضل من الثاني. من حق الرجل أن يكون مباشراً في تعامله ومن حق المرأة أن تركز على علاقاتها وعملها.تحب المرأة بطبيعتها أن تهتم بغيرها ويمكن استثمار هذه الميزة في أي ظروف مهنية. أما الرجل، فيميل إلى إنجاز المهام بطريقة ملموسة. يتكامل هذان الأسلوبان بشكل مثالي شرط أن يتوافر التفاهم والانفتاح من الطرفين. لذا يمكن أن يصبح الاختلاف ميزة حقيقية!يتبنى بعض النساء القواعد الذكورية للتكيف مع البيئة المحيطة بهنّ ومع زملائهن طبعاً. لا تتعلق هذه القواعد بالمظهر وأسلوب الملابس فحسب بل بطريقة التصرف في الأوساط التي يتراجع فيها عدد النساء مثل الزراعة والسياسة والجراحة وغيرها...قد تشعر المرأة أحياناً بأنها مجبرة على المشاركة في مناسبات مع زملائها في مواعيد غير مناسبة بالنسبة إلى ربة أسرة. لكن حين تمشي المرأة على خطى الرجال، يسهل أن تتبنى منطق تفكيرهم فتعتبر أن النساء الأخريات اللواتي يعملن بطريقة مختلفة أو لا يبذلن مجهوداً كافياً للتكيف مع محيطهن لا يناسبن شروط العمل. حتى أنها قد تعتاد على الدعابات الثقيلة وعلى الدوام الطويل من دون أن تدرك أن هذه السلوكيات ليست خيارات شخصية.قد تكون المرأة التي تعترف بأنها لا تحب العمل مع نساء أخريات مدللة جداً وغير صريحة أو تتصرف بهدف إغراء من حولها ولو عن غير قصد. لكن لا تستعمل جميع النساء هذه الأسلحة الأنثوية مع العملاء أو الزملاء أو أصحاب المناصب العليا لتحقيق غاياتهن.لذا تعمد المرأة المتزنة إلى مهاجمة تلك المرأة التي تستعمل هذا الأسلوب المبتذل في العمل. في هذه الحالة، تشعر المرأة بأنها تخوض منافسة شرسة حين تعمل إلى جانب نساء أخريات وسرعان ما تتضخم المشكلة عند وجود رجال في مكان العمل.لا تتعلق المشكلة الأساسية بالعمل مع رجل أو امرأة، بل بغياب الجهود الرامية إلى تعديل أسلوب التواصل مع الآخرين. من الأفضل أن تتمسك المرأة بالأسلوب الذي يريحها ويناسب شخصيتها.لكن في العالم المهني، يجب أن يطرح الجميع، رجالاً ونساءً، أفكارهم الخاصة ويجبروا نفسهم على فهم الآخرين بما يخدم مصلحة العمل.باختصار، يجب أن تنتهي التعميمات وتبدأ التقييمات الموضوعية. كذلك يجب التعمق بالأسباب الكامنة التي تدفع المرأة إلى تفضيل العمل مع الرجال.منى: العمل مع النساء ليس سهلا بأي شكل!{حصلتُ على فرصة العمل مع الرجال والنساء معاً ولاحظتُ أن جو العمل يختلف كلياً في الحالتين. يكون العمل مع الرجال قيّماً ومفيداً جداً شرط أن يصغوا إلينا لأن بعض الشخصيات القوية والتقليدية تميل إلى تهميش المرأة في العمل. لذا يجب أن نثبت آراءنا ونجيد التعبير عن أنفسنا. يتطلب العمل مع الرجال أن نطور ثقتنا بقدراتنا. ويحرص رجال آخرون على {تدليل} المرأة في العمل. لكنّ العمل مع النساء ليس سهلاً بأي شكل!أثبتت لي تجربتي القصيرة أن هذا الجو لا يناسبني لأن النساء يقمن بمقارنات دائمة بينهن. بشكل عام، يسمح الاختلاط بطرح الأفكار وإحراز التقدم. للعمل في ظروف مناسبة، يجب التواجد وسط أشخاص من الجنسين ومن جميع الأعمار. في النهاية يتوقف كل شيء على مستوى التناغم بين الزملاء }...