أوروبا ورقة غير مضمونة مع دخول الصفقة النووية الإيرانية حيز التنفيذ

نشر في 29-10-2015
آخر تحديث 29-10-2015 | 00:01
إذا ما اتخذت إيران خطوات متفقاً عليها بهدف تفكيك برنامجها النووي فإن الدول الأوروبية وغيرها خارج الولايات المتحدة ستستأنف التجارة الخارجية مع إيران في شتى المجالات، من النفط والغاز إلى الخدمات المالية والنقل والقطاعات المرتبطة بها، أي نحو 95% من النشاط الاقتصادي الخارجي الإيراني.
 المونيتور  مع دخول خطة العمل الشاملة المشتركة حيز التنفيذ، يخشى المشككون أن يتحول العدد الضئيل من الشركات الأوروبية الذي يدخل السوق الإيرانية إلى دفق كبير. يوضح إيمانويل أوتولنغي، كبير الباحثين في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات المتشددة ومستشار الكونغرس وعدد من وزارات الخارجية الأوروبية في الشأن الإيراني، أن مستقبل نظام العقوبات "يتوقف حقاً على مدى تأكيد الولايات المتحدة سلطتها في مستهل اللعبة، لأن هذا سيشكل سابقة وسيحدد النهج المتبع بالنسبة إلى الأوروبيين"، وأخبر أوتولنغي أيضاً صحيفة Al-Monitor: "إذا لاحظ الأوروبيون أن العواقب محدودة وأن التدابير المتخذة ضدهم لا تُذكر، فلا شك أنهم سيتخطون الحدود"... وتنتاب الكونغرس الأميركي مخاوف مماثلة.

كتبت السيناتورة جاين شاهين، ديمقراطية بارزة في هيئة العلاقات الخارجية للشؤون الأوروبية في مجلس الشيوخ، في رسالة وجهتها إلى سفراء فرنسا، وبريطانيا، وألمانيا الشهر الماضي: "أعتقد أن القوة والوحدة في ائتلافنا عبر الأطلسي سيواصلان تأدية دور إيجابي في نجاح هذه الصفقة الطويلة الأمد"، فوفق شروط هذه الصفقة، على أوروبا والولايات المتحدة كلتيهما تعليق عقوباتهما النووية إذا ما اتخذت إيران خطوات متفقاً عليها بهدف تفكيك برنامجها النووي، علماً أن هذا سيتطلب، حسبما يُفترض، ستة أشهر تقريباً، كذلك سيُسمح للدول الأوروبية وغيرها خارج الولايات المتحدة أن تستأنف التجارة الخارجية مع إيران في شتى المجالات، من النفط والغاز إلى الخدمات المالية والنقل والقطاعات المرتبطة بها، أي نحو 95% من النشاط الاقتصادي الخارجي الإيراني، وفق مسؤول العقوبات السابق في وزارة الخارجية الأميركية ريتشارد نيفيو.

من المتوقع أيضاً أن تؤدي الوكالات الحكومية الأميركية دوراً كبيراً في تفسير القوانين التي تمنع الكيانات الأجنبية من استعمال النظام المالي الأميركي للتعامل مع إيران، فمع فتح إيران بابها أمام الاستثمارات الأجنبية في الأشهر والسنوات المقبلة، وسماح خطة العمل الشاملة المشتركة للمصارف الأجنبية بالقيام بمعاملات مالية مع إيران بالدولار، سيُضطر المستثمرون المحتملون إلى إيلاء اهتمام كبير للقواعد المعلّقة.

لكن منتقدي هذه الصفقة ليسوا واثقين إلى هذا الحد، فقد راقبوا بريطانيا وهي تعيد فتح سفارتها في طهران، وفرنسا وهي ترسل الوفود التجارية إلى هذا البلد؛ لذلك يشعرون بالقلق من أن تؤدي هذه العلاقات المستأنفة إلى صراع عبر الأطلسي في المستقبل.

يذكر باتريك كلوسون، مدير الأبحاث في معهد سياسة الشرق الأدنى في واشنطن: "لن يكون من السهل على الإدارة الأميركية أن تقنع الأوروبيين بأن من الملائم إبقاء كل تلك العقوبات بسبب الإرهاب وغيره من الأسباب". وأخبر كلوسون Al-Monitor أيضاً: "لا شك أن الطريقة التي تتصرف بها الشركات الأوروبية والتي تتعاطى بها الحكومات الأوروبية مع مشاركتها التجارية في إيران تُظهر أن الأوروبيين يعتقدون أن شركاتهم ستتمكن من إجراء معاملات مالية مع إيران من دون أن تواجه عقبات تُذكر، لكن هذا سيكون صعب المنال مع استمرار تطبيق هذه العقوبات الثانوية".

إن استمددنا العبر من التاريخ، حسبما يؤكد كلوسون وغيره، فسينتهي المطاف بالولايات المتحدة إلى الاستسلام للضغط الأوروبي، تماماً كما حدث نحو منتصف تسعينيات القرن الماضي مع تمرير قانون عقوبات ليبيا وإيران، فبعد أن ثارت الأمم الأوروبية ضد الجهود الاميركية الرامية إلى منعها من التعامل تجارياً مع مَن تشاء، رضخ الرئيس الأميركي بيل كلنتون ومَن خلفوه وقدموا عفواً واسعاً أثار استياء الكونغرس.

يقول مساعد سابق للسيناتور آل داماتو (جمهوري من نيويورك)، الذي وضع مشروع القانون هذا: "بعيد توقيع القانون ودخوله حيز التنفيذ، بدأ الأوروبيون يشتكون منه، فمنحتهم حكومة كلنتون استثناء لم يخضع للتصويت أو يحوّل إلى قانون، وهكذا حصلوا على استثناء في شتى المجالات، ولا شك أن هذا يُظهر لنا ما قد يحدث".

يؤكد المدافعون عن هذه الصفقة أن الجمهوريين يُعتبرون لهذا السبب واهمين إن ظنوا أن بإمكانهم تقويض الصفقة واستمالة الأوروبيين إلى صفهم للعودة إلى فرض العقوبات، لكنهم يستخفون أيضاً بمخاطر حصول شرخ مماثل في المقام الأول، في حال التزمت الولايات المتحدة بالصفقة.

يوضح داريل كمبل، مدير تنفيذي في جمعية الحد من انتشار الأسلحة: "أعتقد أن الدول الأخرى ستتجاهل عموماً محاولات الولايات المتحدة للي ذراعها ودفعها إلى عدم تطبيق الصفقة، إن واصلت إيران الالتزام بالاتفاق". حتى إن بعض منتقدي الصفقة ينصحون الجمهوريين ومعارضي الصفقة الآخرين في الكونغرس بالتعاون مع الأوروبيين، إن كانوا يأملون النجاح.

يذكر أوتولنغي: (إن كانت الرسالة: "ما زلنا نحارب الصفقة"، فلن يأبه الأوروبيون لأن الصفقة عقدت). ويضيف: (ولكن إن كانت الرسالة: "لا نحارب الصفقة، إلا أننا نعمل على التأكد من أن المجتمع التجاري حريص في انتقائه مع مَن يتعامل"، أعتقد في هذه الحال أننا سنحظى برد فعل مختلف لأن الحجة لن تكون: "لا تتعاملوا مع إيران"، بل "تعاملوا مع ذلك الجزء من إيران الذي لا علاقة له بنظام نشر الأسلحة النووية الصناعي، وبالإرهاب، وبحرس الثورة الإيراني، وغيرها).

* جوليان بيكيه

back to top