مي أشرف: أكتب تجربة ذاتية مع أولادي
• متحدّثة حول كتابها {اللي خلف ما نمش}
لأنها ترى نفسها أماً غير تقليدية لأطفال غير تقليديين .... قررت مي أشرف إهداء أطفالها كتاباً تدون فيه يومياتها معهم بحلوها ومرها... ملتقطة تفاصيل دقيقة لا يلتفت إليها كثيرون... تحولها إلى صور فلسفية ضاحكة.كتاب {اللي خلف ما نمش} موجه في المقام الأول إلى الأمهات اللاتي يشعرن بالتعب والحيرة والإحساس بالإخفاق في مهمتهن نتيجة ضغوط زمن صعب صارت المرأة، والأم تحديداً، تتحمل فيه مسؤوليات أكثر من طاقتها. كذلك تتحدث فيه عن حال كثير من الأمهات اللاتي يحلمن باحتياجات البشر الطبيعية من نوم وأكل وأحياناً دخول بيت الراحة منفردات!
كتاب يجمع الأمهات والأطفال على مائدة واحدة للقراءة، ويثير فضول الأباء لمعرفة جزء من المعارك الدائرة بين الأم وأبنائها وأيضاً بين الأبناء بعضهم بعضاً. ما دوافعك من وراء إصدار كتاب {اللي خلف ما نمش}؟الكتاب موجه في المقام الأول إلى الأمهات اللاتي يشعرن بالتعب والحيرة والإحساس بالإخفاق في مهمتهن أحيانا نتيجة ضغوط الزمن الصعب، وفيه صارت المرأة تتحمل مسؤوليات أكبر من طاقتها. عندما مررت بالتجربة بنفسي وشعرت بتناقضات كثيرة تحويها من كون الأمومة أمراً غريزياً مبهجاً، وفي الوقت ذاته مرهقاً وتستتبعه توازنات عدة، أردت أن أضعه في قالب ساخر كي تشعر الأمهات بالبهجة ويدركن أننا جميعاً نشترك في كفاحنا لتحقيق الأفضل لأبنائنا ولنا في آن.ما الرسائل التي تودين طرحها من خلال الكتاب؟أولاً: الأمهات... صحيح أننا كلنا نتفق على هدف واحد هو الأفضل لأولادنا لكن سعينا نحو الهدف حتما سيكون مختلفاً. لست كإحدى الأمهات ببساطة لأن أبناءك أيضاً ليسوا كالآخرين. أنت الأم المثلى لأبنائك... الأخطاء واردة لكن التركيز والمرونة والجهد في السعي المستمر نحو هدفك ستجعلك تتداركين تلك الأخطاء وتتعلمين منها. علمي أبناءك لكن لا تنسي أن تتعلمي منهم أيضا! ولا تنسي أبداً هواياتك المختلفة. نعم أنت أم ولكنك أيضاً زوجة وابنة... وقبل ذلك كله أنت امرأة... إنسانة ذات كيان مستقل قبل أن تؤدي تلك الأدوار كافة، فلا تنسي نفسك في خضم تجربة الأمومة.ثانياً: للمقبلات على الأمومة أو الزواج... اعلمي أن أخطر مسؤولية قد توضع على عاتقك هي أن تكوني مسؤولة عن سعادة شخص! فما بالك إن كنت مسؤولة عن سعادتهم وأحلامهم ونجاحهم وتكوينهم؟! تلك العجينة اللينة التي ستتشكل على يديك تحتاج منك الآن وقبل أن تصبحي أماً أن تستثمري في ذاتك وتتوازني مع نفسك لتصبحي قادرة على العطاء.ثالثا: للرجال... رفقاً بها، بتلك المنظومة الكاملة التي تعمل ليلاً نهاراً، حتى وإن لم تغادر المنزل للعمل، من أجل إنجاح الكيان الذي تعاهدتما على إنشائه سويا.رابعا: لأبنائي.. لا أعلم ماذا سيحدث حين تطالعون كلماتي عنكم في المستقبل... هل تغضبون لأني فضحتكم؟ أم تدركون كيف كان الأمر صعبا؟ لا أدري لكني لم أقصد هذا أو ذاك... فقط أردت تخليد لحظاتكم الأولى وأنتم بعد براعم تتفتح في هذا الكون الرحب لأن تلك اللحظات ستعيش في قلبي إلى الأبد لكنها قد تغيب عن الذاكرة في وقت ما. من وجهة نظرك كأم وكاتبة... كثيرا ما نشتكي من صعوبة التعامل وتربية الأطفال. هل نحن نتعامل مع كائنات صغيرة بسيطة بريئة أم الموضوع أكبر من ذلك؟يجب ألا ننسى أننا نتعامل مع أجزاء من أنفسنا في طور التكوين! كونهم كائنات صغيرة لا يعني أنهم {بسطاء}، فتلك الأجساد الضئيلة تحمل قلوباً كبيرة للغاية يعتمل بداخلها مشاعر كثيرة ومتنوعة في آن: الغضب والحب والتحدي والعند والخوف والسعادة والحزن... كذلك ما زالت عقولهم في رحابة الكون. كل شيء بالنسبة إليهم ممكن: التعريفات والقواعد والممكن والمسموح والصواب والخطأ، ليست في قواميسهم لكن في الوقت نفسه تحتوي عقولهم ومشاعرهم على عنصر خطير... هو الفطرة! الموضوع إذاً بسيط لأنه فطري. كل أم تعلم ما يجب فعله على مستوى معين، وكل طفل يدرك أبعاد ما تقومين به على مستوى معين... إلا أن الخوف والظروف والحياة والتوازنات والوقت والمجتمع، ذلك كله يزيد الأمر تعقيداً. تذكري أن ابنك/ ابنتك جزء منك... افهمي نفسك وظروفك أولاً، ثم افهمي طفلك. تعاملي مع الأمر ببساطة وهدوء... فكري... توغلي داخل شخصية طفلك أنت. تواصلي معه/ معها. لا أعدك أن الأمر سيصبح أبداً سهلا وبسيطاً، لكنه سيكون صعباً وليس مستحيلاً وممتعاً جداً جداً.ما النموذج الذي تطمحين إليه؟ثمة أنواع من الأمهات بقدر ما توجد أنواع من {المرأة}. كلنا نتشابه في خطوط عريضة تحدد أهدافنا وسلوكنا بشكل عام لكننا نختلف كلية في تفاصيلنا. لا أجد للأم {نموذجاً} يحتذى وآخر ينتقد... كل أم هي أم {نموذجية} لأبنائها... لا يمكن لأم أن تزايد على أخرى لأن كل منهن يبذل أقصى ما في استطاعته لتحقيق الأفضل للأبناء... نخطئ ونصيب بالطبع، لكن هذا لا يجعل أياً منا أقل كأم.. لذلك لا أطمح سوى إلى أن أكون نفسي في حالتها الأفضل.أحياناً مع ضغط الحياة يأتي وقت تيأس فيه المرأة خصوصاً لو كانت موهوبة إن لم تحقق كل ما تتمناه... كيف ترين هذا الوضع؟ربما يشكل هذا التحدي الأكبر بالنسبة إلى المرأة فهي تجد نفسها دوماً في موقع المفاضلة بين ذاتها وبين أدوارها المختلفة كأم وزوجة. ستكون مخطئة لو كانت ضد نفسها على طول الخط... والأمر نفسه لو قامت بالمفاضلة لصالحها باستمرار... يكمن سر النجاح في التوازن... ونقطة التوازن تختلف من شخص إلى آخر... يجب أن تدرك أولاً أن أدوارها في الحياة غير متعارضة بل متكاملة. الهدف في النهاية هو تحقيق ما تتمناه كامرأة وكزوجة وكأم... وأي دور آخر تؤديه.. كلها في النهاية أمنياتها هي وليست رغبات الآخرين منها. كل ما عليها فعله حينئذ أن تدرك أن لا أحد يستطيع الحصول على 100% من كل شيء... يجب أن تعطي وتأخذ، وتوزع أولوياتها وتنظم حياتها بالشكل الذي يسمح لها بتحقيق أحلامها تدريجاً.بالكاد نرى نصائح في كتابك. لماذا اخترت هذا النوع من الكتابة؟لدي إيمان بأن النصيحة المباشرة تولد الكفر بها! كل شخص معتد بذاته يدرك أن آراءه وسلوكه تتكوَّن عبر سنوات عدة ساهم فيها مجموعة من الظروف والملابسات الخاصة جدا حيث إن أي {ناصح} له سيجد نفسه في مواجهة تبريرات تنتهي بجملة {إنت مش فاهم حاجة}.. فإذا كان هذا على مستوى الشخص العادي ما بالك بالأم؟! تبذل الأم مجهوداً خرافياً وتواجه ظروفاً وتحديات تختلف من واحدة إلى أخرى وتنظر إلى أبنائها على أنهم ثمرة جهادها في تلك الحياة ومصدر فخرها واعتدادها بنفسها... فتخيلي بعد هذا كله أن يأتي شخص غريب عنها وعن ظروفها وأبنائها ليؤلف كتابا يقول لك فيه افعلي هذا ولا تفعل ذاك.أحترم خصوصية كل أم... بل كل {ذات}.. ولا أرى في نفسي مقومات النصيحة لأحد وأزهد في تحمل تلك المسؤولية...كل ما أستطيع وأرغب في فعله هو المشاركة، ونقل رؤيتي من دون إلزام لأحد بالاقتناع بها، علها تفيد، علها لا تفيد... في النهاية يهمني أن تكون الأم قد ابتسمت خلال صفحات الكتاب.