طريق جهنم مفروش بطيب النوايا
كُلّ دولة مهما كانت مساحتها أو عدد سكانها لها الحق أن تجول في الآفاق، لكن الأهم أن تحدد هذه الآفاق، فالسياسة الخارجية الكويتية حددت هذه الآفاق منذ أكثر من عقدين من الزمن، وبالتحديد بعد الغزو العراقي الغاشم، حيث تتمحور هذه السياسة حول دعم الشعوب ومساندتها أياً كانت طبيعة الحكم فيها. فدعمت الكويت مصر على سبيل المثال في عصر مبارك، ثم المجلس العسكري، ثم مرسي، ثم السيسي، ورغم اختلاف الأيديولوجيات لكن الكويت لم تكف عن دعم المصريين شعباً، أما بشأن سورية فاستضافت الكويت مؤتمر المانحين، وقدمت الدعم الأكبر للشعب السوري واللاجئين السوريين دون النظر إلى توجهاتهم السياسية أو انتماءاتهم العرقية.فالسياسة الكويتية الخارجية «النبيلة» التي تدعم الشعوب وعمليات السلام بالمنطقة وضعت الكويت في مكانة مرموقة لدى المنظمات الحقوقية، وتوجت أخيراً رائدة في العمل الإنساني، فالدبلوماسي الكويتي حقوقي بالإضافة إلى عمله الدبلوماسي.أما ما يتعلق بالحوار الخليجي الإيراني المنتظر في ٢٢ سبتمبر المقبل، والذي جاء بفكرة قطرية، ومباركة عمانية، وتحفظ سعودي بحريني إمارتي، فجاء الموقف الكويتي بـ»لا مانع» فقط، وهو موقف مبني على طيب النوايا، ولكن كما يقال «الطريق إلى جهنم مفروش بالنوايا الحسنة»، وليس بالإمكان أن نتحكم بالجغرافيا التي وضعتنا بالمنطقة الأكثر اضطراباً في العالم. فنحن في مفترق طرق وعلينا حسم مواقفنا، وعلينا تحديد آفاقنا، وعلينا أن ننضم للحق والتصدي للباطل، وإظهار ما نملك من حكمة وعقل، وقوة اقتصادية، وبالتعاون مع أشقائنا وحلفائنا للتصدي لمن يريد الشر لنا، فطيب النوايا دائماً يستغل أبشع استغلال في أي مكان، فما بالك بتلك النوايا في منطقة توصف بالمشتعلة؟!