أميركا توسع عملياتها في العراق والعبادي قد يدفع الثمن

60 نائباً من «جناح المالكي» يرفعون الغطاء عن رئيس الحكومة

نشر في 29-10-2015
آخر تحديث 29-10-2015 | 00:11
No Image Caption
تراقب القوى الشيعية المتشددة في العراق، بحذر، التسريبات والتصريحات الأميركية بشأن «تطوير خطة الحرب ضد داعش»، وخاصة بعد تسريبات صحافية أميركية عن إرسال قوات خاصة أو مزيد من المروحيات، أو منح الإذن للضباط الأميركيين في العراق بالاقتراب أكثر من الخطوط الأمامية للمعارك وفق مقترح موجود على طاولة الرئيس باراك أوباما.

ولم تكن هذه التسريبات مجرد شائعة بالنسبة إلى مراكز القوى في بغداد، لأن أنصار طهران لايزالون في هذه اللحظة يناقشون معنى عملية بلدة الحويجة (جنوب كركوك) التي شهدت مطلع الأسبوع الجاري مقتل أول جندي أميركي في العراق منذ انسحاب القوات في ديسمبر 2011.

وقد أثارت عملية الحويجة حفيظة بغداد، وأربكت حكومتها، فهي تمت بالتعاون مع قوات البيشمركة الكردية لا مع الجيش العراقي، وفي هذا شرعية جديدة للأكراد. وهي أيضاً تمت بلا توضيح لفحواها الاستخبارية. فقد كانت إنزالاً جوياً مفاجئاً على سجن لتنظيم «داعش» فيه عناصر من العرب السنة العراقيين، الذين جرى تحريرهم، ثم عرضت إفاداتهم عبر محطة تلفزة كردية وهم يمتدحون إقليم كردستان الذي حررهم، من دون أي ذكر لحكومة العراق.

وبغضّ النظر عما يحكيه هذا من انقسام في جبهة خصوم الإرهاب، فإنه في توقيته وموقعه الجغرافي، جاء بمنزلة رد على انتصار مهم حققته الميليشيات الموالية لطهران، في بلدة بيجي جنوب كركوك وشمال تكريت، ضد «داعش»، الأسبوع الماضي. إذ إن نجاح العملية جعل الميليشيات تتطلع شمالاً نحو الموصل، بينما ترفض أميركا أي تدخل ميليشياوي في الموصل وأيضاً في الأنبار على الحدود مع الأردن والمملكة العربية السعودية.

وقبل إعلان مقتل أول جندي أميركي في مواجهة مع «داعش» خلال عملية الحويجة الأميركية الكردية، بساعات، كان هناك اعتراض كبير على رئيس الحكومة حيدر العبادي سجله

أبومهدي المهندس، وهو الاسم الحركي للزعيم العراقي الفعلي لـ»الحشد الشعبي» الموالي لطهران، والذي يعد نائباً للجنرال في الحرس الثوري قاسم سليماني.

فقد وزع المهندس بياناً شديد اللهجة يتهم العبادي بأنه يعرقل عمل متطوعي الشيعة في حرب «داعش». وكل هذه الإشارات ظلت تصب في نقطة أساسية: فالقوى المناصرة لإيران تضغط على العبادي كي يترك مساندة واشنطن ويطلب دعماً رسمياً من موسكو. لكن الأخير تلكأ بينما تتعاظم مهمة أميركا في العراق وسورية، لترسم ملامح غير مسبوقة لمواجهة كبيرة بين الفرات والبحر المتوسط، بطلاها الروس والأميركان.

لذلك كله، فإن التصعيد العسكري المحتمل ولو بمستواه الرمزي، بين روسيا والولايات المتحدة، ينعكس سياسياً في بغداد، خصوصاً بعد صدور بيان يكاد يكون مفاجئاً، ضد سياسات العبادي، وقعه نحو 60 نائباً من حزب الدعوة موالين لسلفه نوري المالكي المتحالف مع طهران ضد العبادي وضد مرجعية النجف الدينية نفسها.

وإذ يكشف البيان انشقاقاً تاريخياً محتملاً في حزب الدعوة الذي ينتمي إليه العبادي، فإن الصورة برمتها تعكس انقساماً وضعفاً في «جبهة الاعتدال الشيعي». إذ إنها تتكون من المرجع علي السيستاني وتيار عمار الحكيم وكتلة مقتدى الصدر، لكن الثلاثة ليسوا في هذه اللحظة منسجمين مع العبادي، كما أنهم لا يمتلكون مقاربة موحدة للموقف من موسكو ولا واشنطن، رغم وحدة موقفهم المطالب بكبح جماح الدور الإيراني.

وإذا جمعنا هذا مع أزمة مالية خانقة في البلاد بسبب الحرب وأسعار النفط، فإن المراقبين سيندفعون لنبوءات كارثية بشأن النظام السياسي برمته، يرشح للعراقيين أكثر شتاءاتهم سخونة منذ 2003.

back to top