مشروع «الصحة النفسية»... 37 مادة نظمت آلية دخول المرضى
أحالت الحكومة إلى مجلس الأمة، مشروعاً بقانون بشأن الصحة النفسية ورعاية المريض النفسي، مكوناً من 37 مادة، وتمَّت إحالته إلى لجنة الشؤون الصحية والاجتماعية والعمل البرلمانية.وألزم المشروع منشآت الصحة النفسية، بأن يكون لديها سجل خاص للمرضى النفسيين، أياً كان سبب دخولهم المنشأة، كما منح كل مريض نفسي بلغ 18 سنة من عمره الحق في طلب فحصه والكشف عليه لدى إحدى منشآت الصحة النفسية، بناءً على تقرير من الطبيب النفسي يثبت مرضه وحاجته للتقييم والعلاج، من دون حاجة لموافقة أحد من ذويه.
وأكد المشروع الحكومي، عدم جواز إبقاء المريض النفسي إلزاميا بإحدى منشآت الصحة النفسية لأكثر من أسبوع، إلا بعد إجراء تقييم نفسي طبي للمريض، وعند استدعاء الحالة، يجب إبلاغ النيابة العامة بذلك.وجاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع، الذي حصلت "الجريدة" على نسخة منه:"اتساقاً مع تحسين الخدمة الصحية، وما تتطلع إليه الدول من الاهتمام بالرعاية الصحية للمرضى، وما اتجهت إليه التشريعات القانونية من تقنين تلك الرعاية، وكون تلك القوانين لم تتعرض لحالات المرضى النفسيين ورعايتهم، الأمر الذي دعا إلى تصدي مشروع القانون المذكور إلى هذه الفئة، وخاصة أن المريض النفسي يفتقد القدرة على إدارة حياته، ويعجز عن التكيف مع الظروف المحيطة به، بسبب مرضه، إذ يختلف المرض النفسي عن غيره من الأمراض، لأنه يؤثر في وظائف مهمة، مثل الوعي والإدراك والتمييز والتفكير والإدارةوالحكم على الأمور والاستبصار والقدرة على اتخاذ القرار والحالة الوجدانية والسلوكية، وهذه الوظائف تتأثر بدرجات متفاوتة، طبقا للحالة المرضية الموجودة، حيث يزداد الاضطراب في الحالات الذهنية بشكل واضح ومؤثر، ويستدعي ذلك تدخل الأسرة، وأحيانا المجتمع، بهدف الرعاية والحماية أو الوصاية، كما أن المرض النفسي له مستويات متعددة، وينتج من عوامل متشابكة، منها الجسدي والنفسي والاجتماعي والبدني، وبالتالي، فإن التعامل مع هذا المرض النفسي يتأثر بالعوامل الثقافية والقانونية، لذا وجب الإحاطة بكل هذه العوامل، ووضعها في الاعتبار، حين يتم التعامل مع المريض النفسي على المستوى العائلي أو المجتمعي، من ثم الحفاظ على حقوقه وكرامته في الإطار القانوني، استكمالا للارتقاء بالخدمات الصحية وتقنيتها".وشهد الطب النفسي تطورا كبيرا في الآونة الأخيرة، إذ توافرت وسائل علاجية متعددة تسمح بعلاج هؤلاء المرضى وشفائهم في مدد قصيرة، كما تغير مفهوم العلاج النفسي، ليصبح هدفه الأساسي علاج المريض، وإعادته إلى المجتمع والانخراط فيه، وليس عزله أو إقصاءه وإيداعه بالمنشآت النفسية، وبذلك جاءت الحاجة إلى إنشاء هذا المشروع بقانون، الذي ضمَّ خمسة أبواب:الباب الأول، يتعلق بنطاق تطبيق مشروع القانون والتعريفات الواردة في مواده على النحو المبيَّن بها، بل اتسعت المادتان 2 و3، لتحديد المنشآت التخصصية للصحة النفسية والسجلات الخاصة بالمرضى النفسيين والبيانات المتعلقة بهم.في حين يتعلق الباب الثاني بالمجلس التنسيقي للصحة النفسية، إذ حددت المادة 4 مسميات رئيس وأعضاء المجلس التنسيقي للصحة النفسية، فيما أوضحت المادة 5 اختصاصات هذا المجلس، التي انحصرت في وضع السياسات التي تضمن احترام حقوق وسلامة المرضى النفسيين، ومراقبة دخولهم وحجزهم وعلاجهم، وأيضا البت في التظلمات من قرارات اللجنة التخصصية للصحة النفسية.وبينت المادة 6 أحقية وزير الصحة في تشكيل لجان فرعية، وفق التشكييل المقرر بها، تختص بمتابعة التقارير الشهرية الواردة من المنشآت النفسية والتفتيش على تلك المنشآت، وتقديم تقرير عن أعمالها إلى المجلس التنسيقي للصحة النفسية كل ثلاثة أشهر على النحو الوارد تفصيلاً في سياق تلك المادة.وجاء الباب الثالث، ليشمل دخول المريض النفسي لمنشآت الصحة النفسية، ويتكون من ثلاثة فصول:الفصل الأول، خاص بالدخول الإرادي الطوعي، وقد بينت المواد 7 و8 و9، بأن لكل مريض نفسي يبلغ 18 سنة، طلب دخول إحدى منشآت الصحة النفسية، من دون حاجة لموافقة ذويه، ويحق له طلب الخروج في أي وقت، ما لم تسر في شأنه شروط الدخول الإلزامي، التي تتطلب إبلاغ المجلس التنسيقي للصحة النفسية، وإجراء تقييم طبي، كما يمنع مغادرته المنشأة لمدة لا تجاوز 72 ساعة، في أي من الحالتين التاليتين:1- إذا كان خروجه يشكل احتمالا جديا لحدوث أذى فوري أو وشيك على سلامته أو صحته النفسية أو العقلية أو الجسدية أو حياته أو على سلامته أو صحة حياة الآخرين.2- إذا كان غير قادر على رعاية نفسه، بسبب نوع أو شدة المرض النفسي، أو أنه غير قادر، بسبب مرضه النفسي، على اتخاذ قرار بشأن الاستمرار في تلقي العلاج الإرادي الطوعي، وذلك من دون الإخلال بأحكام القانون رقم 74 لسنة 1983، بشأن مكافحة المخدرات وتنظيم استكمالها والإنجاز فيها وتعديلاته، بالنسبة لمن يتقدم من متعاطي المواد المخدرة من تلقاء نفسه للعلاج أو إيداعه في إحدى منشآت الصحة النفسية، على إنه وفق المادة 10 يجوز فحص المريض النفسي ناقص الأهلية وعلاجه بإحدى منشآت الصحة النفسية، بناءً على طلب والديه أو الوصي أو القيم.وجاء الفصل الثاني، الخاص بالدخول الإلزامي، حيث نصَّت المادة 11 على عدم جواز إدخال أي شخص الزاميا للعلاج بإحدى منشآت الصحة النفسية، إلا بموافقة طبيب متخصص في الطب النفسي، ووجود علامات واضحة تدل على مرض نفسي شديد، وذلك في الحالتين التاليتين:1- قيام احتمال تدهور شديد وشيك للحالة النفسية. 2- إذا كانت أعراض المرض النفسي تمثل تهديداً جدياً ووشيكا لسلامة أو صحة أو حياة المريض أو الآخرين.ويتعيَّن في هاتين الحالتين، أن يكون المريض رافضا لدخول المنشأة لتلقي العلاج، على أن يتم إبلاغ ذويه ومدير المنشأة والأخصائي النفسي والاجتماعي بذلك خلال 24 ساعة من دخوله، مع إعداد تقييم عن حالته الصحية النفسية، ونسخة منه للمجلس التنسيقي للصحة النفسية، ويتم عرض الموضوع على النيابة العامة خلال 24 ساعة، لاتخاذ ما يلزم، وذلك على النحو الذي تحدده اللائحة التنفيذية.وقد بينت المادة 12، أنه لا يجوز لطبيب غير متخصص في الطب النفسي إدخال مريض من دون إرادته (إلزاميا) المنشأة لمدة 48 ساعة، إلا بناء على طلب كتابي مقدَّم من الأشخاص المبينين، كالآتي:1- أحد أقارب المريض حتى الدرجة الثانية.2- أحد المحققين أو ضباط مخفر الشرطة.3- الأخصائي الاجتماعي أو النفسي.4- قنصل الدولة التي ينتمي إليها المريض الأجنبي.5- أحد متخصصي الطب النفسي من غير العاملين بالمنشأة حتى الدرجة الثانية.6- بناء على أمر قضائي.ويجب عرض الموضوع على النيابة العامة خلال فترة لا تجاوز 24 ساعة، كما يجوز للطبيب النفسي المسؤول إلغاء الدخول الإلزامي قبل انتهاء مدة 48 ساعة، المشار إليها إذا انتفت مبررات الدخول، على أن يتم الإخطار بذلك للجهات المبينة بتلك المادة، وله أيضا وفق المادة 13، أن يمد فترة الدخول الإلزامي المنصوص عليها في المادة 8 من هذا المشروع، ولم يكن في الإمكان الحصول على التقييم الطبي المستقل خلال الأيام الثلاثة الأولى من الدخول الإلزامي.وحظرت المادة 14 من وجود المريض النفسي إلزاميا بإحدى منشآت الصحة النفسية لأكثر من أسبوع، من دون إجراء تقييم نفسي طبي. وأوجبت المادة 15 على أن الأشخاص المحددين بالمادة 12 في غير الحالات العاجلة التي يعتذر فيها إحضار المريض بالوسائل العادية، إبلاغ النيابة العامة لندب أحد الأطباء النفسيين لفحص حالة المريض، وفي حال التقرير، بأن حالته تستدعي الدخول الإلزامي الأمر بنقله إلى إحدى منشآت الصحة النفسية.كما أجازت المادتان 16 و17 في الحالات العاجلة، إبلاغ إحدى منشآت الصحة النفسية المنصوص عليها في المادة 2 لفحص المريض وإدخاله للعلاج على وجه السرعة، مع تحديد فترة الدخول الإلزامي والإجراءات اللازمة لتمديدها، مع إخطار النيابة العامة وموافاتها بالتقرير والقرارات المتعلقة بهذا الشأن، مع جواز التظلم من القرارات الصادرة إلى وزير الصحة على ضوء اللائحة التنفيذية التي تنظم أحكام وقواعد التظلم.وبينت المادة 18 الإجراءات المتبعة، حال هروب المريض النفسي الخاضع لنظام الدخول أو العلاج الإلزامي من المنشأة، وأجازت المادة 19 للطبيب النفسي، إنهاء حالة الدخول الالزامي، بناء على طلب احد أقرباء المريض حتى الدرجة الثانية، ومن يقوم على شؤونه قانونياً، وذلك إذا أصيب المريض بمرض جسماني يُنذر بالموت.ونظمت المادتان 20 و21 إجراءات إيداع المتهمين، بموجب قرارات أو أحكام قضائية بإحدى منشآت الصحة النفسية، كما بينت هاتان المادتان إجراءات انهاء الايداع للمتهمين، او التصريح بمنحهم اجازات للعلاج.ونظم الباب الرابع علاج المريض النفسي، إذ أفصحت المادة 22 عن عدم إعطاء اي علاج لمريض الدخول الإداري، من دون الحصول على موافقته المسبقة المبنية على إرادة حرة مستنيرة، أو بموافقة الولي او الوصي أو بقرار من المحكمة.ونصت المادة 23 على عدم جواز إعطاء المريض النفسي علاجا من دون احاطته علما بطبيعة العلاج، والغرض منه، والآثار الناجمة عنه، وبأي تغيير يطرأ على خطة العلاج المصرح بها.وبينت المادة 24، أنه في حال الضرورة يجوز إعطاء المريض النفسي العلاج من دون الحصول على موافقته، إذا كان ذلك لازما، لتلاشي تدهور حالته النفسية والجسدية، وتعرض حياته أو صحته أو حياة وصحة الآخرين لخطر جسيم.