نوعان من الأدوية... تجنّبهما حفاظاً على صحة دماغك!
ربطت تقارير حديثة بين فئتين شائعتين من الأدوية والخرف. لكن ثمة خيارات بديلة لهما لحسن الحظ. إذا كنت تشعر بالقلق من الإصابة بالخرف، فلا شك أنك مطّلع على لائحة الخطوات التي يجب اتخاذها لتقليص نسبة الخطر: الالتزام بحمية صحية وممارسة الرياضة بانتظام والنوم السليم وتشغيل العقل والروح باستمرار. في السنة الماضية، علمنا أن بعض الأدوية التي نأخذها لتحقيق تلك الغايات قد ترفع خطر الإصابة بالخرف.
في دراستين كبيرتين ومنفصلتين، ربط الباحثون بين أدوية البنزوديازيبين (تشمل هذه الفئة مزيلات القلق والأدوية المنوّمة) ومضادات الكولين (تشمل هذه الفئة أدوية مضادة للحساسية والزكام والاكتئاب وارتفاع ضغط الدم وسلس البول) وارتفاع خطر الخرف لدى الأشخاص الذين استعملوا تلك الأدوية لأكثر من بضعة أشهر. في الحالتين، زاد الأثر مع زيادة جرعة الدواء ومدة الاستعمال.لا تُعتبر هذه النتائج مفاجئة بالنسبة إلى الأطباء الذين يعالجون كبار السن. تقول الدكتورة لورين غليسون، طبيبة في قسم الشيخوخة في مستشفى بريغهام للنساء التابع لجامعة هارفارد: {لطالما ذكرت لائحة الجمعية الأميركية لطب الشيخوخة أدوية البنزوديازيبين ومضادات الهيستامين ومضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات باعتبارها غير مناسبة للراشدين الأكبر سناً نظراً إلى آثارها الجانبية}.
تَرِد هذه الأدوية على اللائحة لأنها تتقاسم آثاراً جانبية مزعجة مثل الارتباك وتشوّش التفكير وزلات الذاكرة، وقد تؤدي هذه الأعراض طبعاً إلى حوادث سقوط وكسور وحوادث سير.نتائج الدراساتتجدر الإشارة إلى أن هذه الدراسات لم تكن عبارة عن تجارب عيادية عشوائية، وبالتالي لم يثبت أيٌ منها أن نوعاً محدداً من الأدوية يسبّب الخرف.• دراسة عن مضادات الكولين: راقب الباحثون حوالى 3500 رجل وامرأة في عمر الخامسة والستين وما فوق خلال مشاركتهم في دراسة {التغيرات الفكرية لدى الراشدين}، وهي دراسة طويلة الأمد أجرتها جامعة واشنطن و{المجموعة الصحية} في سياتل. استعمل الباحثون سجلات الصيادلة لتحديد جميع الأدوية التي أخذها كل مشارك خلال السنوات العشر التي سبقت بدء الدراسة. تعقب الباحثون صحة المشاركين طوال سبع سنوات تقريباً.خلال هذه الفترة، أصيب 800 منهم بالخرف. وحين درس الباحثون نمط استعمال الأدوية، اكتشفوا أن الأشخاص الذين استعملوا مضادات الكولين كانوا أكثر عرضة للإصابة بالخرف من الأشخاص الذين لم يستعملوها. كذلك، زاد خطر الإصابة بالخرف تزامناً مع تراكم جرعات الأدوية. وثبت وجود رابط بين أخذ مضادات الكولين طوال ثلاث سنوات أو أكثر وارتفاع احتمال الإصابة بالخرف بنسبة 54% مقارنةً بأخذ الجرعة نفسها خلال ثلاثة أشهر كحد أقصى. كانت الدراسة التي أجرتها جامعة واشنطن الأولى التي تشمل أدوية لا تحتاج إلى وصفة طبية. كما أنها الأولى التي تستبعد احتمال أن يأخذ الناس الأدوية لتخفيف أولى عوارض الخرف الذي لم يتم تشخيصه بعد. بالنسبة إلى الأشخاص الذين أخذوا مضادات الكولين للمثانة، كان ارتفاع الخطر بارزاً بقدر أولئك الذين أخذوا مضادات اكتئاب ثلاثية الحلقات، علماً أن هذه الأدوية تدخل أيضاً في خانة مضادات الكولين.• دراسة عن أدوية البنزوديازيبين: ربط فريق من الباحثين الفرنسيين والكنديين استعمال أدوية البنزوديازيبين بارتفاع خطر تشخيص مرض الزهايمر. في الدراسة، تبين أن تراكم جرعات البنزوديازيبين يزيد الخطر بنسبة إضافية.اتكل الباحثون على قاعدة بيانات يحتفظ بها {برنامج كيبيك للتأمين الصحي}. استناداً إليه، حددوا حوالى ألفَي رجل وامرأة فوق عمر السادسة والستين ممن أصيبوا بمرض الزهايمر. ثم اختاروا عشوائياً أكثر من 7 آلاف شخص من غير المصابين بالزهايمر وقد كانوا متطابقين مع المصابين بالمرض من حيث السن والجنس. بعد اختيار المجموعات، حلل الباحثون وصفات الأدوية خلال فترة تترواح بين خمس وست سنوات قبل تشخيص الزهايمر.تبين أن خطر الإصابة بالخرف كان مشابهاً لدى الأشخاص الذين أخذوا أدوية البنزوديازيبين طوال ثلاثة أشهر متلاحقة كحد أقصى وأولئك الذين لم يأخذوا أياً منها. لكن ارتفع خطر الإصابة بالزهايمر بنسبة 32% لدى الأشخاص الذين أخذوا نوعاً من البنزوديازيبين بين ثلاثة وستة أشهر، وزاد الخطر بنسبة 84% لدى الأفراد الذين أخذوا هذا الدواء لأكثر من ستة أشهر مقارنةً بمن لم يأخذوه.لوحظ أن نوع الأدوية المأخوذة له تأثير أيضاً. كل من أخذ دواءً طويل المفعول من فئة البنزوديازيبين، مثل الديازيبام (فاليوم) أو الفلورازيبام (دالمان)، كان أكثر عرضة للخطر من أولئك الذين أخذوا دواءً قصير المفعول مثل التريازولام (هالسيون) أو اللورازيبام (أتيفان) أو الألبرازولام (كزاناكس) أو التيمازيبام (ريستوريل).مع التقدم في السن، تتغير قدرتنا على امتصاص الأدوية. تصفّي الكلى والكبد الأدوية بوتيرة أبطأ، لذا تبقى مستويات الأدوية في الدم مرتفعة لفترة أطول. يكسب الناس أيضاً الدهون ويخسرون كتلتهم العضلية مع مرور الوقت. تؤثر هذه التغيرات على طريقة توزيع الأدوية وتفكيكها في أنسجة الجسم.ونظراً إلى تخزين هذه الأدوية في دهون الجسم، قد تتابع إعطاء آثارها بعد أيام من وقف أخذها، وتحديداً لدى الأشخاص الذين يسجلون نسبة أعلى من الدهون. كذلك، يميل الأشخاص الأكبر سناً إلى أخذ أدوية إضافية، ويستطيع كل نوع منها قمع أو تحسين آثار الأدوية الأخرى.لماذا تؤثر الأدوية على العقل؟تؤثر مضادات الكولين وأدوية البنزوديازيبين على نشاط الناقلات العصبية (إنها العناصر الكيماوية التي تنشط في الجهاز العصبي المركزي)، لكن تعمل الأدوية بطرق مختلفة بعض الشيء.تعيق مضادات الكولين مفعول الأسيتيل كولين. في الدماغ، يؤثر الأسيتيل كولين على عملية التعلم والذاكرة. وفي بقية أجزاء الجسم، هو يحفز الأعصاب اللاإرادية، أي تلك التي تنظم انقباضات الأوعية الدموية والمسالك الهوائية وأنظمة القلب والأوعية والجهاز الهضمي. تشمل أقوى مضادات الكولين بعض أنواع مضادات الهيستامين ومضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات والأدوية التي تسيطر على فرط نشاط المثانة والأقراص المنوّمة. تعزز أدوية البنزوديازيبين فاعلية ناقل عصبي آخر. فهي تزيد قوة حمض الغاما-أمينو بيوتيريك الذي يبطئ نشاط الخلايا العصبية في الدماغ. لهذا السبب، هي تُستعمل لتخفيف القلق ومساعدة الناس على النوم.مفاعيل هذه الأدويةتقترح غليسون مناقشة الوضع مع الطبيب لمراجعة المنافع والأضرار المحتملة لهذه الأدوية وجميع الأدوية الأخرى التي تأخذها. إذا طرح أي دواء مشكلة، يمكنكما أن تحللا معاً الخيارات البديلة عبر تقييم سبب أخذ الدواء وتحديد نوع مختلف يمكن استعماله كبديل له. لكن لا تتوقف عن أخذ أدويتك من تلقاء نفسك. ليس آمناً التوقف عن أخذ معظم أدوية البنزوديازيبين ومضادات الكولين فجأةً. تعاون مع طبيبك لتطوير خطة تسمح بوقفها تدريجاً.