Mad Max: Fury Road الأول لعام 2015!

نشر في 22-12-2015 | 00:00
آخر تحديث 22-12-2015 | 00:00
No Image Caption
يصعب أن نشاهد نشرات الأخبار أخيراً من دون أن نشعر بخليط من الإحباط والاشمئزاز ويسهل أن نستنتج أن العالم بدأ يخرج عن السيطرة بوتيرة متسارعة ويتجه إلى المجهول. عكست الأفلام في عام 2015 هذه الفكرة وعرضت مشاهد متلاحقة من هذا العالم الغارق في الأزمات.

لكن برزت أيضاً جوانب ضمنية تعكس مشاعر المسامحة والمصالحة والتطور والأمل، في أعمال السينما على الأقل. يبدو أن الأفلام تخبرنا بأن المستقبل أمامنا: ما يحصل الآن يتوقف علينا جميعاً.

لهذا السبب، يبدو فيلم Mad Max: Fury Road مميزاً أكثر من أي فيلم آخر هذه السنة، فهو يعكس تياراً نادراً ومبهراً من الواقع المحتدم، لذا يمكن اعتباره أفضل فيلم لهذا العام. يجسد الفيلم بطريقة مميزة مظاهر الفوضى والصداقة والعنف والكراهية والتصميم والقدرة على تجاوز الخوف عبر قوة التحمل والتفاهم.

تولى جورج ميلر إخراج فيلم Mad Max: Fury Road وشارك في كتابته. ينجح في طرح مواضيع كثيرة دفعةً واحدة: النزعة الذكورية ونظرية المساواة مع المرأة، التشتت والتركيز، الوحشية والحنان. إنه فيلم حركة مدهش يعكس بكل براعة معنى السلطة. قرر ميلر بشكل أساسي أن يعطي الشخصية التي تحمل اسم فيلمه، وهو متجول يلعب دوره للمرة الأولى توم هاردي، دوراً مساعداً ويفسح المجال أمام ظهور قائدة جديدة: إنها المحاربة {فوريوزا} وتؤدي دورها تشارليز ثيرون.

يستعمل فيلم آخر هذا الأسلوب لتعميق طريقة تجسيد العالم: إنه فيلم Chi-Raq للمخرج سبايك لي، يعرض حكاية جامحة وذكية بطريقة منظمة وسط احتدام موضوع العنف المسلح في شيكاغو راهناً. يخصص الفيلم مساحة حرة كي يكشف عن جرأته وقد يبالغ أحياناً في طرحه لكن من دون أن يخسر رؤيته عن الموضوع المؤلم الذي يرتكز عليه. يستند هذا الأسلوب إلى إخراج سينمائي بلا ضوابط ويتعزز نجاح فيلم Chi-Raq بشكل خاص لأن سبايك لي كان يُعتبر مخرجاً عظيماً في السابق ولكنه يتخبط في أفلامه الحديثة. لا شك في أنّ عودته إلى القمة بهذه القوة ستكون مصدر إلهام لافت.

أداء صادم

يقدم سامويل جاكسون أداءً صادماً في فيلم Chi-Raq، ويؤدي هذا الممثل أيضاً دوراً محورياً في مسار الأحداث في فيلم The Hateful Eight للمخرج كوينتن تارانتينو: إنه فيلم درامي يدور بشكل أساسي في كوخ جبلي بعيد بعد الحرب الأهلية مباشرةً. يخصص وقتاً طويلاً قبل أن يكشف عن مواجهة مباشرة للعنف الموروث والكراهية العنصرية. سرعان ما يتحول الفيلم إلى نقد ذاتي ضمني ويتحدى في أجزائه الأخيرة المتعة التي اتسم بها في أجزائة الأولى.

وجدتُ صعوبة في إدراج فيلم The Big Short على لائحة أفضل عشرة أعمال لهذه السنة، فهو يحاول بدوره أن يفهم هذا العالم المتقلب. ابتكر المخرج آدم ماكاي الذي نسف ثقة النفس الأميركية في أفلام مثل Anchorman وTalladega Nights عملاً مختلفاً بالكامل: إنه فيلم ساخر عن الانهيار المالي في أواخر العقد الأول من القرن الواحد والعشرين من وجهة نظر عاملين داخل القطاع المالي. هم لم يتوقعوا ذلك الانهيار فحسب، بل كسبوا المال منه. تقول الشخصية التي يجسدها براد بيت: «أنت تراهن بكل بساطة ضد الاقتصاد الأميركي».

نشأت علاقات معقدة ومتضاربة في أفلام متلاحقة. في فيلم The Assassin الذي أخرجه هوي هسياو هسين وتدور حوادثه في الصين الإقطاعية، تتداخل المكائد السياسية مع الدراما الشخصية وتصل إلى نهايات مميزة ومؤثرة. وفي فيلم Sicario للمخرج دينيس فيلنوف، تتزعزع الحدود بين الخطأ والصواب وبين المشروع وغير المشروع.

خصائص البشر

يتعمق فيلم Ex Machina للمخرج ألكس غارلاند بخصائص البشر عبر طرح مثلث حب غير متوقع والتشديد على حيل ومحاولات الصمود بين البشر والآلات الجميلة.

شقّ بعض الأفلام طريقه بصعوبة وأثبت قوته وحكمته. في فيلمَي The Diary of a Teenage Girl للمخرجة مارييل هيلر

وTangerine للمخرج شون بايكر، تمر الشخصيات الرئيسة بصراعات وصدمات ولكنها تجد بصيص أمل في الصداقة والعائلة والحب. ويسهل التعاطف مع فيلم Results للمخرج أندرو بوجالسكي لأنه يسمح للشخصيات بأن تكون فوضوية وشائبة وصعبة، أي على طبيعتها، ولكنها تبقى منفتحة على التغيير. يمكن أن نفاجئ الآخرين دوماً لكنّ الأهم أننا نستطيع أن نفاجئ نفسنا أيضاً!

عواطف عميقة

يرتكز فيلم Carol للمخرج تود هاينز على عواطف عميقة، لكنها تتضح بشكل أساسي في مظاهر الصمت والنظرات، وتؤدي كايت بلانشيت وروني مارا دور امرأتين تناضلان ضد ضوابط المجتمع خلال الخمسينات لعيش قصة رومانسية. تبدو كل نظرة أو لمسة عابرة مشحونة بتوق حسي وخطر داهم. أما فيلم While We’re Young للمخرج نواه بوماش، فهو عمل كوميدي عن القلق من التغيير الاجتماعي بين الأجيال، أي الشعور بالعزلة والوحدة. لكن تعكس حوادث القصة أهمية المصالحة والتفاهم، بمعنى أنّ العمر ليس عائقاً لخوض مغامرات جديدة.

مثلما يتراجع دور {ماد ماكس} للتركيز على شخصية أخرى في فيلم Fury Road، تؤدي شخصية {روكي بالبوا} في فيلم Creed دوراً مساعداً كي يشق شاب طريقه في العالم. أعاد الكاتب والمخرج راين كوغلر تركيب شخصية {روكي}: لا يزال دوره مهماً (يقدم سيلفستر ستالون أداءً سلساً) وأكثر ما يميزه هو سخاء الروح وحب العطاء.

كانت هذه السنة قاتمة في العالم وفي مجال الأفلام، لكن يمكن المضي قدماً طبعاً. في فيلم Creed، يتضح مغزى القصة في الوقت المناسب بالنسبة إلى الشخصية وبالنسبة إلى المشاهدين أيضاً: حتى لو كنت محبطاً، يمكنك النهوض دوماً!

back to top