عدلت فأمِنت فنمت

نشر في 20-06-2015
آخر تحديث 20-06-2015 | 00:01
 يوسف سليمان شعيب عندما نستمع أو نقرأ تصريحات الحكومة، سواء من سمو رئيس مجلس الوزراء أو أي وزير في الحكومة، كل حسب وزارته والأعمال المنوطة بها، ونقارنها بالأفعال والسياسة التي تسير عليها، يظهر لنا وبلاشك أن الأقوال أكبر وأوسع وأشمل من الأفعال والأعمال، كما أن ذلك يدعونا إلى أن نقول، دون أدنى شك، إن ما يتم التصريح به نهايته أحد الأمرين، إما أن يكون فقاعة صابون ضخمة و"قرقعة مواعين"، أو أن يندرج تحت مظلة وسياسة الكيل بمكيالين.

وندلل على ذلك بالسيناريو الهوليودي في قضية نائب سابق وقضية نائب حالي، مع تقديرنا واحترامنا لكل منهما، ولكننا سنستند إلى أحداث كل قضية والحكم الصادر فيها، والإجراءات التي اتبعتها الحكومة معهما.

فقضية النائب السابق اعتُبِرت مساساً بالذات الأميرية، والجميع يرفض جملة وتفصيلاً المساس بالذات الأميرية، وتمت محاكمة النائب وصدر بحقه حكم قضائي من محكمة التمييز بالسجن سنتين مع الشغل والنفاذ، والحكومة، ممثلة في وزارة الداخلية تلعب مع النائب المحترم (لعبة اللبيدة)، فمرة تذهب للمزارع، ومرة إلى الديوان، وتقول إن النائب يتستر خلف النساء، وهي لم تقم بعمل الإجراء اللازم وفق القانون ونصوصه.

وفي قضية النائب الحالي لم تعتبر الحكومة ما قاله بحق خادم الحرمين أي مساس بالذات الملكية واكتفت المحكمة بالنطق بالحكم مع وقف التنفيذ وغرامة مالية (البنغالي يدفعها)، فأين الميزان والعدل في القضيتين؟!

نحن لا نقف خلف أحد، ولا ندافع عن أحد، ولكن نقول بكل صراحة: "اللي ما نرضاه على أميرنا ما نرضاه على ملوك وسلاطين وشيوخ الخليج"، والمثل يقول: "المساواة في الظلم عدالة"... فعندما يرى الجميع أن معايير القضاء والحكم باسم الأمير فيه من العدل والمساواة خال من الكيل بميكالين، بعيد كل البعد عن "من حبتك عيني ما ضامك الدهر" يطمئن الجميع ويردع أي متخاذل متواطئ.

فلذلك كان الأجدر بقضائنا أن تكون المعايير واضحة لديه، والخطوط الحمراء متساوية بين زعماء دول الخليج، وكان على "الداخلية" القيام بتنفيذ حكم المحكمة واتخاذ كل الإجراءات وفق القانون، وألا يتركوا أي مثلب على الإجراءات.

نحن لا نطعن في نزاهة القضاء، ولا نجرم فعل أحد ونغفل عن غيره، ولكن عندما نرى الأحداث والقضية متشابهة، نستغرب أن يكون الحكم مختلفاً وبشكل كبير.

عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، عندما كان أميراً للمؤمنين جاءه رسول أحد الملوك، فسأل هذا الرسول مجموعة من الصحابة عن أمير المؤمنين، فأخذه أحدهم إليه، ليراه نائماً تحت شجرة على حصير، فاستغرب ذلك الرسول، وهو قد سمع عن عمر ما سمع، فقال: "عدلت فأمنت فنمت يا عمر".

فإذا كان العدل قائماً بين الناس في جميع الأمور، فسوف يأمنون لذلك العدل ومصدره والقائمين عليه، ولسوف ينامون وهم موقنين أنهم في حراسة أيادٍ وعيون متيقظة تخشى الله... وما أنا لكم إلا ناصح أمين.

back to top