التشكيلية منى الدويسان: خلف كل لوحة حكاية... وكل لون عالم من الجمال

نشر في 06-10-2015
آخر تحديث 06-10-2015 | 00:01
تملك الفنانة التشكيلية الكويتية منى الدويسان تجربة فنية شديدة الخصوصية، فهي ابتعدت عن الانماط الكلاسيكية المعروفة واعتمدت في أعمالها على التعبيرية والحداثة، وركزت على التكوين والشكل والأسلوب بعيداً عن الموضوعات التسجيلية المباشرة. حول لوحاتها ومعارضها ومسيرتها التشكيلية كان الحوار التالي.

 العمل الإبداعي في النصوص المكتوبة هل يختلف عن الإبداع في اللوحة؟

بالنسبة إلى الفنون المكتوبة في الآداب والقصص تختلف اختلافاً تاماً عن الأعمال الفنية أو اللوحة، فالفنان يعتمد على مقومات عدة منها خبرته وتجاربه وأيضاً ثقافته ومعرفته ودرايته بالمدارس التشكيلية والأساليب والاتجاهات  والأعمال الإبداعية للفنانين العرب والأجانب، كذلك يتعين على الفنان أن يشكل إبداعه ضمن المقومات السابقة الذكر، ويلتزم في أسلوبه واتجاهاته في كل تجربة والاستفادة منها في الحذف أو الإضافة. إذاً، الأسلوب التشكيلي يختلف وكلما اقترب الفنان إلى الاتجاه الأدبي انخفض إبداعه وتراجع، لذلك يجب أن يبتعد الفنان كل البعد عن الأدب والقصص، فالفن التشكيلي ليس كالمسرح أو الشعر ولكنه من وجهة نظري أقرب إلى الموسيقى في اللحن والإيقاع، كذلك لا أعتقد أن العمل الفني يخرج بتخطيط مسبق من الفنان ولكنه حالة فنية يعيشها الفنان أو فكرة تستثيرة ويترجمها من خلال أساليبه وأدواته في ترجمة الوحة.

ما رؤيتك للمشهد التشكيلي العربي عموماً والكويتي خصوصاً؟

لا شك أن المشهد الكويتي جزء من قرينه العربي. أما بالنسبة إلى المشهد العربي فأعتقد أنه في أكثر الأقطار العربية في نهاية جيل الرواد وبداية الجيل الجديد، خصوصاً من نهاية القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين، فالرواد الذين ظهروا من منتصف القرن الواحد والعشرين حاولوا تأكيد لغة تشكيلية رسمية للفن العربي من خلال تجارب ناجحة تستحق الإشادة، ولا شك أنهم وضعوا اللبنة الأساسية لمسيرة الفنون التشكيلية ورسموا الخطوط الأساسية أيضاً التي تحمل الأجيال المقبلة المسؤولية على إكمال هذه المسيرة التي بدأها هؤلاء الرواد. وكما هو معروف أن الوطن العربي منبع الحضارات القديمة بالطبع كالحضارة الفرعونية وحضارة بلاد الرافدين، وأيضاً نعرف وبما لا شك فيه أن الحضارة الإسلامية أعطت للغرب إضافة جديدة، خصوصاً في الفن الحديث. وفي الحداثة وما بعد الحداثة، لذلك يتعين على هذا الجيل أن يقدم تجاربه التي تؤكد هذه السمة، فما أراه اليوم في كثير من الأقطار العربية، أن ثمة تجارب مكررة وذلك من خلال ما شاهدته في البيناليات العربية سواء في الكويت أو على سبيل المثال في القاهرة ودبي والشارقة.

أما في الكويت فثمة تجارب مبشرة لهذا الجيل الجديد وتنم عن أن الحركة التشكيلية بخير وهي تتماشى مع الحركات الأوروبية الأخرى، وهنا أتساءل: هل ثمة ملامح تعكس شخصية الفن الغربي؟

خلف كل لوحة تكمن حكاية، فما هي أبرز الحكايات التي تحملها لوحاتك؟

أعتمد في لوحاتي على مخزون عميق ذهني وبصري سكن ورسخ في داخلي، وفي مخيلتي وافر من القصص والحكايات والأيام التي عشتها، فأنا ابنة ذلك الزمن الجميل لذلك ارتبطت أعمالي بتراث بلدي حبيبتي الكويت وبواقع مجتمعي الذي عشت فيه وترعرعت. أجسد من خلال هذه الموضوعات لوحات فنية ليس بطريقة مباشرة وإنما التزم بالحداثة وما بعد الحداثة، كذلك أركز على التكوين والشكل والأسلوب وأبتعد عن الموضوعات التسجيلية المباشرة لأن الفن إحساس، وما أستطيع أن أبرزه في أعمالي ما هي إلا أحاسيس داخلية تعكس التراث والتاريخ بنظرة ذاتية لهما، لأصل إلى نوع من البساطة ومن التجريد الذي يخصني وبشخصية فنية متميزة، ولا شك في أن كل عمل من أعمالي هو عبارة عن لوحة لا تشبه إلا نفسها، وهذا ما أصبو إليه للوصول إلى درجة من دراجات الإبداع.

كيف تتعاملين مع الألوان وهل ترين أن أهمية اللون تفوق الفكرة في اللوحة أم العكس؟

أهتم بالدرجة الأولى في أعمالي باللون مع التركيز على العناصر التشكيلية الآخرى وإبراز الموضوع ببساطة وبرؤية جديدة لها مفهوم فني غير مفهومها الأصلي، وأبتعد عن التجسيم والأبعاد الثلاثة في العمل، وأؤكد على التجريد حيناً وعلى التعبير في أحيان أخرى كما هي حال لوحاتي. وفي أعمالي، اللون هو الأساس لإبراز الفكرة ومكمل لها من خلال التكوينات التجريدية والمساحات اللونية المنتشرة على سطح اللوحة، ولا أهمل الخط والتكوين والعناصر الأخرى التي تربطني بها ارتباطاً وثيقاً لإبراز هذا التراث، وأجعل المتلقي بسهولة يصل إلى الفكرة والإحساس بجمال اللون.

 تتصف الأنثى بالجرأة في الفترة الأخيرة لأجل التعبير عن إبداعها، فما هي حدود الجرأة لديك؟

بدأت الحياة مع المرأة وتنتهي معها، فهي كانت الملكة في التاريخ وكانت الزوجة والحبيبة والأخت والأم والابنة، ومن هنا فأنها تملك الجرأة في المجالات كافة. ولما كنت واحدة منهن فإنني أملك من الجرأة الكثير في التعامل مع موضوعاتي وأفكاري وألواني، ولا تقل عن أي فنان، كذلك لا تقل جرأتي في اللون عن جرأتي في طرح المواضيع والأفكار حسب قناعاتي، والتعبير عنها بكل حرية وانطلاق. كذلك تمكنني من تجسيد الأشكال بشفافية وبصورة غير مباشرة، وأتجرأ في تعبيراتي مهما كانت معانيها وأركز على المواضيع التي أشعر بها، وهي بالطبع ليست دخيلة وإنما تعكس فهمي وجرأتي في طرح أفكاري.

من أين تستمدين أفكارك التي تعُد منطلقات لأعمالك؟

من واقع المجتمع الذي أعيش فيه وانعكاساته عليّ، ومن خلال رحلاتي وجولاتي في أرض الله الواسعة ومشاركاتي في بلادي الحبيبة الكويت وخارجها، فإن كل ما حولي يستثيرني فأجسد الموضوعات بالاستعانة بمخزوني الداخلي والبصري، كذلك الاستفادة من الأساليب العربية والأوروبية، فإن كل همي أن أعبر بصدق وإحساس عميق تجاه تلك الموضوعات وأضفي عليها الطابع التراثي الذي يتملكني لأضع بصمتي الشخصية على العمل.

ماذا تمثل لك لوحتك وكيف هي العلاقة بينكما، وبماذا تشعرين عندما تفارقك عند اقتناء أحد لها؟

علاقة الفنان بأعماله كعلاقته بأبنائه، قوية جداً. وأنا كفنانة لا أختلف عن أي فنان في هذا الشعور، فلوحاتي مثل أبنائي عزيزة عليّ إلى أبعد الحدود، أعشقها ويدور بيني وبينها حوار حميم،  وأسعد كثيراً إذا أقتُنيت من شخص آخر هذا يشعرني بالنجاح في إيصال رسالتي وفكري إلى لمتلقي أو المقتني، كذلك أشعر بشيء من الحزن لفراق محبوبتي وكاتمة أسراري وقطعة مني.

back to top