تداعيات استمرار معدلات الفائدة المنخفضة في بريطانيا

نشر في 22-08-2015
آخر تحديث 22-08-2015 | 00:01
حفظ حاكم بنك إنكلترا مارك كارني ماء وجهه بإعلانه أن لجنة السياسة النقدية بالبنك، سترفع معدل الأساس في الفائدة من 0.5% إلى 0.75% مع توقعات لاحقة بالزيادة في 2016، لتصل إلى 2% و2.5%، غير أن ذلك ربما يتأجل سنوات عديدة، ومن المحتمل أن ينهي فترة عمله في 2018 قبل تمكنه من اتخاذ تلك الخطوة.
 الغارديان من المؤكد ان معدلات الفائدة المتدنية في بريطانيا سوف تستمر على حالها خلال السنتين الحالية والمقبلة، وتلك هي رسالة الاقتصاد العالمي، حيث تشير كل الأدلة الى استمرار التضخم المتدني لسنوات عديدة مقبلة لتحرم البنوك المركزية أي سبب لرفع المعدلات الأساسية المتعلقة بالرهن العقاري والسحب على المكشوف والقروض.

وقد تضطر بعض البنوك إلى ضخ المزيد من الأموال في الاقتصاد المحلي عبر برامج التيسير الكمي من أجل منع التضخم من دخول المنطقة السلبية مرة ثانية.

وحتى حاكم بنك انكلترا مارك كارني تمكَّن من حفظ ماء وجهه عبر إعلانه ان لجنة السياسة النقدية في البنك، سوف ترفع معدل الأساس في الفائدة من 0.5 في المئة الى 0.75 في المئة مع توقعات لاحقة بالزيادة في سنة 2016 لتصل الى حوالي 2 في المئة و2.5 في المئة، وربما يتأجل ذلك سنوات عديدة، ومن المحتمل أن ينهي فترة عمله في البنك في سنة 2018 قبل أن يتمكن من اتخاذ مثل تلك الخطوة.

وتوفر نظرة واسعة الى النشاط الاقتصادي في المملكة المتحدة كل الأسباب اللازمة من أجل الحفاظ على تدفق الائتمان الرخيص، ومن المتوقع أن يبلغ معدل التضخم في شهر يوليو الماضي درجة الصفر عندما يتم نشر الأرقام الرسمية خلال الأسبوع الحالي، ويبعد هذا كثيراً عن الهدف الذي يتصورة كارني والبالغ 2 في المئة، ومع عودة الهبوط في أسعار النفط خلال الأشهر القليلة الأخيرة قد يتحول التضخم الى المربع السلبي.

وقد تقول لجنة السياسة النقدية في بنك انكلترا انها تتوقع أن يصبح التضخم أعلى خلال عامين وتبرر بذلك رفع معدلات الفائدة في وقت مبكر، كما أنها قد تشير الى الضغوط على الأجور عبر الأعجوبة الاقتصادية التي تحققت في السنوات القليلة الماضية، والتي أفضت إلى توفير حوالي مليوني وظيفة.

وبالطبع لا يمكن استبعاد حدوث معدلات توظيف عالية، ولكن المشكلة بالنسبة الى لجنة السياسة النقدية، تكمن في أنها أنجزت القليل على طريق ضغوط الأجور، ما عدا ما حققته في قطاعات معينة من الاقتصاد، حيث يبرز النقص في المهارات.

ويضاف الى ذلك أننا نسمع القليل عن كيفية بقاء الانتاج الصناعي دون نسبة الـ 10 في المئة عن مستويات الذروة السابقة في شهر يناير من سنة 2008، بحيث تعافت الأرباح الحقيقية المتوسطة فقط الى مستويات شهر أغسطس من عام 2004، ما جعل عملية شراء أريكة أو سيارة يرغم الملايين من العائلات على أخذ قرض بسبب عدم توافر المبالغ النقدية اللازمة.

وبحسب مكتب مسؤولية الميزانية فإن ديون العائلات ترتفع الى مستويات ذروة أعلى سوف تصل الى 183 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي في سنة 2020، متجاوزة سنوات طفرة الائتمان خلال السنوات من 2005 إلى 2008 عندما وصلت الى 175 في المئة.

وسيتعين على لجنة السياسة النقدية أيضاً مواجهة الاتجاه السائد في التجارة العالمية، وعلى الرغم من ان التجارة حققت درجة كبيرة من التعافي في اعقاب الانهيار الذي حدث في سنة 2008 فقد تراجعت الى حد ما خلال الأشهر الخمسة الأخيرة، ونظراً لاعتمادها الدائم على قيام السلطات الصينية بضخ بضائع رخيصة عانت التجارة العالمية بسبب عجز بكين عن الحفاظ على الزخم الذي كانت عليه في فترة ما قبل الانهيار الاقتصادي.

خفض اليوان

ثم عمدت الحكومة الصينية في الآونة الأخيرة إلى خفض قيمة اليوان، وذلك في محاولة يائسة لاطلاق اندفاعة جديدة من عمليات التصدير. وتجدر الاشارة الى أن هذه الخطوة التي تأتي ضمن خطة تهدف الى اعادة الحيوية الى الاقتصاد الصيني، فضلاً عن الاقتصاد العالمي، والتي خفضت اليوان بنسبة 3 في المئة مقابل الدولار كانت تفتقر الى قوة فاعلة مؤثرة وحاسمة، ولكن على الرغم من ذلك فإن تأثيرات تلك الخطوة سوف تلمس في مناطق التضخم الأدنى في شتى بلدان الغرب.

وسوف يمثل ذلك فرصة جيدة بالنسبة الى المستهلكين الذين يسعون الى عمليات مربحة والذين اعتادوا التعويل على البضائع الرخيصة من أجل الحفاظ على مستويات معيشتهم، وقد يفضي ذلك الى تحسين الطلب العالمي والتجارة العالمية.

ولسوء الحظ فإن عودة النمو العالمي القوي لا يبدو محتملاً في الوقت الراهن، والقوة الاقتصادية التي أنتجتها معظم الحكومات الكبرى والبنوك والعديد من الشركات التي سددت ديونها التي أخذتها قبل فترة الانهيار، تظل عقبة مستمرة على طريق النمو.

وفي الشهر الماضي أشار كارني بقوة الى أن المملكة المتحدة كانت تنمو بقوة كافية لتحمل الخطوة الأولى على الأقل نحو انهاء فترة الأموال الرخيصة السهلة، ومن المتوقع أن تسير رئيسة مجلس الاحتياط الفدرالي الأميركي جانيت يلين في الاتجاه نفسه.

back to top