التجربة السنغافورية

تمتلك سنغافورة ثلث مساحة الكويت تقريباً بعدد سكان أكثر من الكويت أربعة أضعاف، لذلك من واجباتنا تجاه الإنسانية أن نواسيهم ونتمنى لهم الصبر على ارتفاع الإيجارات وكذلك المعاناة في البحث عن سكن ملائم.

هذا ما كنت أتوقعه... ولكن المفاجأة أن جميع الشعب السنغافوري يمتلك مسكنه! كيف حصل هذا؟

هذا ما أجاب عنه د. سوبا راو المستشار في البنك الدولي، والذي تحدثت معه عن بعض التجارب الدولية، على هامش ورشة عمل معنية بالإسكان نظمها البنك الدولي في الكويت، حيث أشاد بتميز التجربة الكويتية في الإسكان لكنه أكد عدم فاعليتها في الوقت الراهن في ظل عدم ضبط أسعار العقارات، وأخبرني عن تجربة سنغافورة كنموذج رائد في مجال الرعاية السكنية، فهي تعتبر الدولة الوحيدة في العالم التي يمتلك جميع سكانها سكناً خاصاً بهم في ظل تلك الظروف.

فهم يقومون باستقطاع جزء من دخل الفرد الشهري (إجبارياً) حسب القانون، ليودع في بنك للإسكان، ويقوم البنك باستثمار تلك الأموال المستقطعة في قنوات استثمارية عديدة في مجال بناء العقارات والبنية التحتية وتجارة مواد البناء وتصنيعها، وبعد مدة زمنية معينة يقوم البنك بإرجاع المبالغ المدخرة إلى المواطن متى ما شاء، بالإضافة إلى أرباحها، ليشتري مسكناً ملائماً مع إمكانية إعطائه قرضاً بفائدة بسيطة إن احتاج.

لذا تمنيت تطبيق هذه التجربة على الوضع الإسكاني في الكويت، فإنها من الممكن أن تحمل فوائد عديدة، ومنها:

- عدم تحميل الدولة أعباء كبيرة ومتزايدة في توفير السكن للمواطنين، وبخاصة مع تذبذب أسعار النفط بالمستقبل.

- عدم تأثر أسعار العقارات بالقرض الممنوح، وذلك لتفاوت المبلغ المدخر من شخص إلى آخر.

- نشر ثقافة الادخار لدى المواطنين، ولاسيما إذا كانت الجهة المدخر فيها بنكاً حكومياً.

- ولإعطاء خيارات أوسع للمواطنين، يتم إنشاء وحدات للمعاملات الإسلامية (مرابحة – استصناع)، وذلك على غرار ما تقوم به البنوك التقليدية في شتى أنحاء العالم.

- توفير تدفق مالي كبير إلى موجودات الجهة المستثمرة لتواجه الإنفاق الضخم المتوقع مستقبلاً.

- إضافة إلى أن هذه الفكرة مجربة بالكويت ومطبقة، ولكن بطريقة أخرى تتمثل في المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية.

لذلك أتمنى من كل من يعرف شخصاً سنغافورياً أن يدعوه إلى القيام بواجباته تجاه الإنسانية لمواساتنا والشد من أزرنا.