3 جزر كاريبية تمدّك بالطاقة

نشر في 23-08-2015
آخر تحديث 23-08-2015 | 00:01
كم مرة قلت: «أود لو أستطيع الهرب من كل هذا»؟ إن كنت تبحث عن أماكن حيث تحتل الهواتف، الإنترنت والتلفزيون مكانة ثانوية أمام الشواطئ البيضاء الجميلة والرياح التجارية المدارية وإحساس الانفصال عن كل هموم العالم ومشاكله، إليك ثلاث جزر كاريبية قد تقدم لك ما تبحث عنه بالتحديد.
نيفس

بخلاف طبيعة نيفس الهادئة اليوم، كان تاريخ هذه الجزيرة دموياً. فخلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، كانت إحدى أغنى مستعمرات بريطانيا العظمى بسبب ازدهار صناعة السكر. وللحصول على لمحة عن نمط الحياة الباكر هذا، زر تلك المنازل الكبيرة المرممة في المزارع، التي تبدو أشبه بحجارة كريمة موزعة على خلفية الجبال الخضراء.

لعل أبرزها مونبولييه وهيرميتاج، اللتان حولتا اليوم إلى نزلين. قف على الشرفة وفي يدك عصير الليمون الحامض البارد، وتأمل المشاهد الخضراء الغنية ومياه البحر اللماعة في البعيد. تفخر نيفس بتاريخها. في مطلع القرن السابع عشر، انتزع البريطانيون الجزيرة من الإسبان، الذين كانوا قد أخذوها عنوة من سكانها الأصليين: هنود سيبوناي وأراواك وكاريب. وفيها ولد ألكسندر هاميلتون، أحد الأباء المؤسسين في أمتنا. وفي تشارلزتاون، يمكنك زيارة مكان ولادته الذي حُوّل اليوم إلى متحف تاريخ نيفس. بالإضافة إلى ذلك، كان الأميرال هوراشيو نيلسون يعيش في نعيم مع الحسناء فاني نيسبت في نيفس، قبل أن تنتشر فضيحة علاقته بالليدي هاميلتون في إنكلترا. ويضم متحف نلسون مجموعة موثقة من القطع التذكارية من زيارة الأميرال الأولى إلى الجزيرة لفرض تطبيق قانون الملاحة البريطانية، الذي هدف إلى منع مستعمرة إنكلترا الحالية، نيفس، من المتاجرة مع مستعمرتها السابقة، أميركا. كذلك لا تفوت زيارة كنيسة «فيغ تري» الأنغليكانية التي تعرض وثيقة زواج فاني ونيلسون. لكن شواطئ نيفس الخلابة، التي يتمتع كل منها بطابعه الخاص وسحره المميز، هي ما يجذب السياح. ولعل أبرزها شاطئ بيني، الذي يمتد على مساقة 6.5 كيلومترات يمكنك أن تعبرها سيراً على القدمين من فندق Four Seasons إلى العاصمة تشارلزتاون.  إلا أن بيني ليس شاطئ هذه الحزيرة المميز الوحيد. يُعتبر شاطئ أوالي موقعاً ممتازاً للغطس في المياه القليلة العمق. وينطبق الأمر عينه على خليج نيوكاسيل، شاطئ خلاب تحيط به قرية صيد تقليدية. أما الشاطئ عند مزرعة نيسبت، فيضم حيداً مرجانياً قبالته مباشرة. إذاً، لا تتردد في وضع الهاتف الخلوي جانباً، إطفاء الكمبيوتر المحمول، وجعل الأصدقاء على موقع فيسبوك يتساءلون أين اختفيت. ولا شك في أن هذه ستكون مهمة سهلة على هذه الجزر الثلاث. وإذا أردت معرفة المزيد عن نيفس، فزر الموقع الإلكتروني Nevisisland.com.

توباغو

تروي الحكاية أن روبنسون كروزو المعزول على جزيرة مدارية اكتشف أنه لم يكن وحيداً بعثوره على آثار قدم لم تكن قدمه على شاطئ جميل. ويدعي البعض أن هذه الجزيرة كانت توباغو في الطرف الجنوبي من البحر الكاريبي.

خلال زيارتي، تفوقت على شخصية ديفو الخيالية الذي عثر في النهاية على فراداي. فقد أمضيت بضع ساعات بعد ظهر أحد الأيام على الشاطئ الرملي الشبيه بالهلال المجاور لفندق {بلو هايفن} ولم أصادف أحداً (باستثناء النادل في الفندق الذي ظهر فجأة حاملاً شراباً بارداً حين بدأت أشعر أن حنجرتي ما عادت تتحمل الحر. فاعتبرته منقذي الخاص. وقد رحبت به تماماً مثل فراداي).

تشكل توباغو الجزيرة الشقيقة لجزيرة ترينيداد وتكوّنان معاً أمة واحدة. لكن الاختلاف بينهما شاسع. فترينيداد تضج بالحياة، فيما تسير الحياة في توباغو بهوادة. تصيح ترينيداد، في حين تهمس توباغو. تشكل ترينيداد تجمعاً سكانياً كبيراً، في حين تبدو توباغو أقرب إلى الجنة. تتمتع هذه الجزيرة بسحر لا يُقاوم حتى إن ملكيتها انتقلت 31 مرة في الفترة الممتدة بين اكتشافها من قبل كولومبس في القرن الخامس عشر واستيلاء البريطانيين عليها في القرن التاسع عشر. وإذا أردت رؤية لمحة من تاريخها المضطرب والتمتع بمنظر خلاب على ساحل ويندوارد، فزر حصن الملك جورج.

ولكن انسَ أمر التاريخ. بدلاً من ذلك، العب دور المستكشف، وتعرّف إلى عدد من المواقع النائية والهادئة في الجزيرة. يُعتبر خليج ستور على الجانب الكاريبي (ثمة جانب من الجزيرة يطل على الأطلسي) أكثر شواطئ توباغو شهرة. ومن هناك يمكنك أن تستقل مركباً مزوداً بقعر زجاجي لتسبح في بركة نيلون، وهي بركة معزولة في البحر، أو لتغوص في رصيف بوكو، أحد أجمل أحياد البحر الكاريبي التي لم تعبث بها يد الإنسان.

في سبايسايد، قرية صيادين على الساحل الأطلسي تشتهر بمواقع الغطس المذهلة، يمكنك أن تستقل المركب إلى {توباغو الصغيرة}، التي باتت اليوم محمية للطيور، أو تقوم برحلة على الدراجة الهوائية عبر الغابة المطيرة الغضة لتصل إلى شلالات أرجيل، التي يمكنك أن تغوص تحتها لتتمتع بمائها المنعش. وعندما تشعر بنسيم المحيط العليل يلاعب الستائر خلف طاولتك في مطعم {عرزال جيما} (نعم، يقع في شجرة فعلية من نوع عنب البحر)، لا شك في أنك ستنسى أي رغبة في الإسراع بالعودة لتستمع إلى أخبار شبكة «سي إن إن» أو التحقق من بريدك الإلكتروني. يمكنك معرفة المزيد عن هذا المكان الخلاب بزيارة الموقع الإلكتروني Visittobago.gov.tt.

قد لا يبدو هذا الاسم (يعني حرفياً {العذراء السمينة}) رومنسياً، إلا أن سائر أوجه هذه الجزيرة الهادئة في الجزر العذراء البريطانية جذاب بكل معنى الكلمة. يمكنك بلوغ هذه الجزيرة بالمركب من جزيرة تورتولا الرئيسة. وعلى غرار معظم الجزر العذراء البريطانية، نجحت في الهرب من التضخم السياحي في نظيراتها الأميركية.

لا تشكل فيرجين غوردا مقصداً للسفن السياحية الضخمة، بل لأصحاب اليخوت والمارة الذين يقصدون عادة نادي بيتر آند لليخوت. لا يجد السياح الذين يبحثون عن صفقات جيدة وبضائع بخسة الثمن ضالتهم في هذه الجزيرة. أما إذا كنت من محبي الغطس في المياه القليلة العمق والبحث عن روائع ما تحت البحار، فلا شك في أنك ستعثر على كنوز كثيرة، وخصوصاً بين التشكيلات الصخرية الكبيرة المدعوة The Baths. وخلال الغطس في هذا المكان، عثرت على تشكيلات مرجانية لونها أخضر داكن لم يسبق لي أن شاهدت مثيلاً لها.

لن تجد في فيرجين غوردا مطاعم فاخرة كثيرة، إلا أنك ستستمتع في “سابا روك”، مبنى مشيد فعلياً على قطعة من الغرانية على بعد 800 متر من الشاطئ. لا يمكنك بلوغه إلا بالمركب، ولا يضم، بالإضافة إلى الفندق الفاخر المؤلف من ثماني غرف نوم، إلا حانة/مطعم تضج بالحياة خلال نهاية الأسبوع (يزور السير ريتشارد برانسون، مؤسس {فيرجين أتلانتيك} الذي يملك جزيرة تيكر المجاورة، هذا المطعم باستمرار).

أما إذا رغبت في الاسترخاء، فلن تعثر على مكان أفضل من منتجع “بيراس كريك”. فقد اتبعت خلال إقامتي في هذا المنتجع روتيناً مميزاً: القهوة الصباحية على الشرفة حيث لا تسمع سوى أصوات موج المحيط الأطلسي، السباحة في الحوض المطل على المحيط، التنزه على شاطئ خاص والاستمتاع بوجبة خفيفة على الرمال، جلسة تدليك بعد الظهر وتناول المشروبات الباردة والطعام في مطعم في الهواء الطلق يطل على الخليج، لا شيء يُضاهي جمال موقعه إلا ربما غروب الشمس الخلاب: لوحات عملاقة من الأحمر الأرجواني والبنفسجي والأصفر والأزرق. إذا رغبت في معرفة المزيد، فزر الموقع الإلكتروني BVITourism.com.

عندما رأيتها لحظة وصولي إلى رصيف الميناء في سانت كيتس المجاورة، وقمتها البركانية تقف وحيدة مخترقة السماء، فكرت في الحال أن بالي هايي موجودة حقاً، إلا أنها انتقلت، على ما يبدو، من جنوب المحيط الهادئ إلى شرق الكاريبي.

فيما انطلقت في رحلة الكيلومترات الثلاثة قاصداً شواطئها، أقسم أنني سمعتها تنادي “تعالي إلي! تعالي إلي!”. وعندما بلغت رصيف فندق Four Seasons الخاص في نيفس، توقعت أن أرى ماري الدموية واقفة على الشاطئ وهي تغني Happy Talk للزوار القادمين.

تشكل نيفس إحدى أصغر جزر ليوارد، وهي تبعد نحو ساعة بالطائرة من بويرتو ريكو أو الجزر العذراء الأميركية. ولكن خلال هذه الساعة بالطائرة، تسافر سنوات بالزمن بعيداً عن تلك الأماكن التي تضج بالسياح.

في نيفس، تتألف الجولة الليلية من مرافقة عالم طبيعة يحمل مصباحاً إلى الغابة المطيرة حيث يريك الخفافيش، الضفادع، الحشرات، وكل أنواع الحيوانات والنباتات الليلية.

لا تزال الماغز تجوب الجزيرة بحريّة، وما من إشارات مرور أو لافتات. أما عاصمة نيفس الصغيرة، فتبدو أشبه بقرية صغيرة مصنوعة من كعك الزنجبيل، فيما تعلو وراءها قمة جبلية غريبة الشكل يكللها السحاب باستمرار.

لكن هذه الجزيرة تضم منتجعاً عالمياً فاخراً: 5-Diamond Four Seasons الواقع على شاطئ بيني الذي يُعتبر غالباً الأجمل في البحر الكاريبي. لكن غالبية الأماكن الأخرى التي يمكنك الإقامة فيها في الجزيرة هي عبارة عن منزل صغير كان في الماضي منازل كبيرة قطنها مالكو مزارع السكّر.

back to top