الكويت متحدة... لكن لن نجامل

نشر في 02-07-2015
آخر تحديث 02-07-2015 | 00:01
 حسن مصطفى الموسوي مثلما أننا بحاجة إلى تشديد أواصر الوحدة والأخوة بين أبناء الشعب، فإننا بحاجة، في نفس الوقت، إلى الصراحة لمواجهة الفكر التكفيري الإقصائي لدى بعض المجاميع لدينا بعيداً عن أسلوب المداراة الذي أدى إلى استفحال هذه الظاهرة التي تهدد أمن وكيان الكويت ككل.

دخل عليهم وإذا بهم ركَّعٌ سجّدٌ... كان عليه أن يشاركهم في سجودهم لكن "إبليس أبى أن يكون مع الساجدين"، أراد أن يقتدي بابن ملجم حينما طعن الجسد الشريف لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع)، وهو راكع ساجد في بيت الله وفي نفس الشهر الفضيل أيضاً، لكنه لم يعِ أن مسعاه سيذهب هباءً منثوراً، لأنه يواجه أناساً يستمدون صبرهم وإصرارهم من مدرسة "أبالموت تهددني يا ابن الطلقاء... إن القتل لنا عادة وكرامتنا منا الشهادة".

أراد بث فتنة طائفية ليدخل الكويت في الفوضى خدمة لأجندات أسياده في المخابرات الإقليمية والدولية، وإذا بالشعب الكويتي يتوحد ليواجه هذا الإجرام التكفيري لأنه يعي الهدف من هذه العملية الإرهابية، ولعل حضور صاحب السمو أمير البلاد إلى المسجد بعد سويعات من العملية لهو أبرز دلالة على حكمة سموه وإدراكه لخطورة هذا الفعل الآثم، وهو بهذه الخطوة المسؤولة قد لفت نظر المواطنين إلى أهمية هذا الحدث وضبط نغمة ردات الفعل وجمع المواطنين نحو التضامن والتكاتف مع عوائل الشهداء والجرحى، فكل الشكر لصاحب السمو على حسه العالي المسؤول وأبوته لجميع المواطنين.

ولا شك أيضاً أن تفاعل المواطنين بكل مشاربهم مع الحدث الجلل وتعاطفهم مع أهالي الضحايا وهرعهم للتبرع بالدم تدل على سمة هذا الشعب الذي عُرِف بالتسامح والتكافل في أوقات الشدة والضنك، وأيضاً في أوقات الرخاء، فرسم الكويتيون صورة جميلة أمام أنظار العالم بالتواجد الكثيف عند مراسم دفن الأجساد الطاهرة، وأيضاً بالتوافد بالآلاف لتقديم واجب العزاء في المسجد الكبير... ولكن، ولكن، ولكن، كل هذه المظاهر الإيجابية يجب ألا تخدرنا، فنظن أن الأمور كلها على ما يرام، فأغلب ردات الفعل المتعاطفة تضعف مع الوقت كما قالت الزميلة الفاضلة إقبال الأحمد مثلما ضعفت أواصر الوحدة الوطنية تدريجياً بعد التحرير، بعدما كانت في أوجها أثناء الغزو الصدامي الغاشم، ورجعنا للاحتماء بانتماءاتنا العرقية والمذهبية، وإن كان لممارسات الحكومات المتعاقبة دور رئيسي في ذلك.

فكما أن هناك الكثير من الاستنكار والتعاطف الصادق من جميع الأطياف، فإن استنكار البعض لما حصل ما هو إلا نفاق ودجل ومحاولة للتهرب من اشتراكهم في مسؤولية خلق مناخ خصب لمثل هذه الأعمال الإجرامية، لاسيما الذين لم يتورعوا طوال الأشهر والسنوات الماضية عن بث خطاب الكراهية والتكفير عبر مواقع التواصل الاجتماعي وفي المساجد وفي قاعات الدراسة؛ فبعد أن كانوا للمجرمين شركاء، جاؤوا اليوم ينادون بحب ووئام، كما قال الشاعر غازي الحداد، ولكن هذه المحاولات لن تنطلي على الواعين من الشعب الكويتي، فلا مجاملات بعد اليوم.

فمثلما أننا بحاجة إلى تشديد أواصر الوحدة والأخوة بين أبناء الشعب، فإننا بحاجة في نفس الوقت إلى الصراحة لمواجهة الفكر التكفيري الإقصائي لدى بعض المجاميع لدينا بعيداً عن أسلوب المداراة الذي أدى إلى استفحال هذه الظاهرة التي تهدد أمن وكيان الكويت ككل.

وفي المقالين القادمين سنتطرق إلى أسباب خلق المناخ الطائفي المتأزم مؤخراً والخطوات المطلوبة لمواجهته؛ فبعد التفجير الإرهابي الآثم لمسجد الإمام الصادق (ع)، هناك الكثير من الأمور التي يجب أن تتغير في بلدنا الحبيب الكويت.

back to top