هل أخفقت استدارة بوتين نحو الشرق؟

نشر في 19-07-2015
آخر تحديث 19-07-2015 | 00:01
مع تواصل تداعيات العقوبات الغربية على روسيا، التي تنعكس سلباً على الاقتصاد، والتراجع الحاد في أسعار النفط الخام، يبدو أن انكماش الاقتصاد الروسي قد يكون أسوأ مما توقعنا قبل بضعة أسابيع، ونتيجة لذلك خُفضت الخدمات الاجتماعية، بما فيها الرعاية الصحية والتعليم.
 واشنطن تايمز أفادت وكالة أنباء تاس الروسية أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وصف الصين بـ"قاطرة الاقتصاد العالمي" خلال اجتماع منظمة شنغهاي للتعاون السنوي وقمة دول البريكس في أوفا، مدينة مهمة في منطقة الفولغا الروسية، ولا شك أن شعور بوتين بضرورة أن يدلي بتصريح مماثل معبر قد يعكس مخاوف الكرملين بشأن استدارته شرقاً عموماً، وباتجاه الصين خصوصاً.

مع تواصل تداعيات العقوبات الغربية على روسيا، التي تنعكس سلباً على الاقتصاد، والتراجع الحاد في أسعار النفط الخام، يبدو أن انكماش الاقتصاد الروسي قد يكون أسوأ مما توقعنا قبل بضعة أسابيع، ونتيجة لذلك خُفضت الخدمات الاجتماعية، بما فيها الرعاية الصحية والتعليم، لكن الكرملين يبقىي الإنفاق العسكري فوق المستوى المعتاد، بما أن الأولوية تظل للتحديث وإعادة التسلح.

لكن انهيار سوق الأسهم يأتي في توقيت سيئ، وعلينا أن ننتظر لنرى ما سيكون تأثير خسارة تريليونات الدولارات من الثروات في الاقتصاد الفعلي، ولعل التأثير الأكثر أهمية لهذه الاضطرابات في عمليات التبادل الصينية محاولات الحكومة الصينية اليائسة التلاعب علانية بسوق الأسهم، وبينما تواصل الصين سعيها إلى إدخال اليوان إلى سلة عملات احتياطي حقوق السحب الخاصة، يجب أخذ هذا التلاعب في الاعتبار، فكيف يمكن السماح لدولة ترهّب الباعة صراحة (مهددة بسجنهم) في أسواقها بالانضمام إلى نظام احتياطي العملات العالمي؟ يبقى هذا السؤال من دون جواب حتى على ضوء عقود من تلاعب الصين بالعملة.

تعاني الصين أيضاً تباطؤاً كبيراً في نموها، حتى إننا بدأنا نلاحظ في الصحف مقالات تحذر من الثورة إن لم تلتزم الحكومة بما تعهدت به تجاه شعبها: الازدهار مقابل خسارة الحريات وحقوق الإنسان، فقد شكلت محاولة الصين تحفيز الإنفاق المحلي كبديل لريادتها التاريخية في مجال الصادرات إخفاقاً كبيراً، ونتيجة لذلك يبدو نموذج الاقتصاد الصيني معطلاً.

علاوة على ذلك، شهدنا في الآونة الأخيرة استياء عارماً في موسكو بسبب التأجير الطويل الأمد لأراض زراعية روسية إلى الصين على الحدود السيبيرية، فقد عادت المخاوفة القديمة من توسع الصين في الأراضي الروسية لتطل برأسها البشع، كذلك أثار واقع أن عدداً كبيراً من صفقات الطاقة التي عقدتها موسكو مع بكين منحت الصين أفضلية في الأسعار الكثير من المخاوف في موسكو من أن الصينيين يتلاعبون بروسيا اقتصادياً، مستغلين فترة ضعفها.

بدأ الروبل أيضاً يفقد قيمته مقابل الدولار، عائداً ببطء إلى معدل الواردات النفسي 60/1.

ويصرّ المصرف المركزي الروسي على أنه يملك احتياطياً كبيراً ليدافع عن عملته في المستقبل، وهذا صحيح إلا أن احتياطي العملات الأجنبية الروسي يتعرض لضغط كبير في مرحلة تحاول فيها الشركات والمصارف الروسية تجديد ديونها التي يسيطر عليها الدولار، في حين تُقفل أمامها أبواب أسواق العواصم الأوروبية.

لا تُعتبر هذه المسائل مقلقة إن فكرنا في كل منها على حدة، ولكن عندما نتأملها جميعها معاً، فمن الطبيعي أن نتساءل عن حكمة ابتعاد روسيا عن الغرب واستدارتها نحو الشرق بحثاً عن التقدم الاقتصادي.

* ل. تود وود

back to top