«أوبك» لا تزال اللاعب الرئيس في السوق وليس النفط الصخري

نشر في 19-12-2015
آخر تحديث 19-12-2015 | 00:04
No Image Caption
لم ينجم انخفاض أسعار النفط عن قرار من شركات التكسير الأميركية في هيوستن، بل من اجتماع مهم لمنظمة أوبك، قررت فيه السعودية إبقاء حصة السوق، من دون تغيير، بدلاً من خفض الإنتاج، على أمل دفع الأسعار إلى الارتفاع لمصلحة الكارتل بصورة عامة. والمهم هو أن ما تفعله «أوبك» لا يزال ينطوي على أهمية.
لا يزال كارتل النفط يتمتع بنفوذ مؤثر، ولا تستطيع شركات الزيت الصخري الأميركية الحلول محل المنتج "الفاعل" في العالم.

لقد أطلق الانهيار المريع في أسعار النفط حكمة تقليدية جديدة، مفادها أن صناعة الزيت الصخري الأميركية حلت محل منظمة "أوبك"، لما يدعى المنتج "المحدد"، ما جعل تلك المنظمة عاجزة عن التأثير في سعر الخام.

 وأبلغ محلل النفط المحنك دانييل يرغين، محطة بلومبرغ التلفزيونية، الأسبوع الماضي، أن ظهور شركات الزيت الصخري الأميركية في دور "المنتج المحدد للسعر" يسهم بتقلبات سعر النفط "لأنك تتحدث عن تأثير قرارات يتخذها الآلاف من المنتجين الأفراد".

ومع الاعتذار من يرغين والآخرين الذين يقولون الشيء ذاته، فإن هذا خطأ على مستويات عدة. فـ "أوبك" تظل المجموعة الوحيدة التي تستطيع التأثير بطريقة ذات معنى على سعر النفط، من خلال الرفع أو الخفض المتعمد للإنتاج.

ولا يقوم منتجو الزيت الصخري في الولايات المتحدة بتنسيق أعمالهم بصورة استراتيجية، كما تفعل "أوبك"، ويتعيَّن عليهم القبول بأي سعر تقدمه الأسواق. وإلى الحد الذي يتمكن فيه منتجو الزيت الصخري في أميركا من التأثير على أسعار النفط العالمية، من خلال القيام بصورة مستقلة، بزيادة الإنتاج عندما تكون الأسعار عالية وخفضه عند تدنيها، فإنهم يميلون إلى العمل على استقرار السوق، وليس إضافة التقلب، كما يرى يرغين.

من المؤكد أن النفط متقلب في الوقت الراهن، فقد وصل سعر نفط غرب تكساس الوسيط إلى أكثر من 100 دولار للبرميل في يونيو 2014، لكن ضعف النمو الاقتصادي وزيادة الإنتاج - بما في ذلك من شركات تكسير النفط الصخري الأميركية – دفع الأسعار بثبات إلى الهبوط. وقد انخفضت إلى أقل من 40 دولاراً في الرابع من الشهر الجاري، وهو اليوم الذي أعلن فيه وزراء نفط "أوبك"، بعد اجتماعهم في فيينا، استمرار مستويات الإنتاج من دون تغيير، ثم تابعت الأسعار هبوطها في الأيام التالية، ووصلت إلى أدنى مستوياتها في 6 سنوات عند 37.23 دولارا في 9 الجاري.

 كما أن المخزون لدى منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، الذي ارتفع 11 في المئة منذ يونيو 2014، وصل إلى أعلى مستوياته منذ عام 1996 على الأقل.

تجدر الملاحظة، أن الانخفاض لم ينجم عن قرار من شركات التكسير الأميركية في هيوستن، بل من اجتماع مهم لمنظمة "أوبك"، قررت فيه السعودية إبقاء حصة السوق من دون تغيير، بدلاً من خفض الإنتاج، على أمل دفع الأسعار إلى الارتفاع لمصلحة الكارتل بصورة عامة. والمهم، هو أن ما تفعله "أوبك" لا يزال ينطوي على أهمية.

صناعة الزيت الصخري

يوجد سبب وراء وصف صناعة الزيت الصخري الأميركية من قبل غولدمان ساكس والايكونوميست وبلومبرغ نيوز وغيرها، على أنها المنتج "المحدد"، وهي مؤثرة في هذا الشأن: ومن خلال إسهامها في تخمة النفط منعت منظمة "أوبك" من رفع الأسعار إلى ثلاثة أرقام، كما أن إنتاجها – مثل "أوبك" – مراقب عن كثب من قبل السوق للحصول على مؤشرات حول اتجاه السعر.

لكن المنتج "المحدد" الحقيقي يملك حرية العمل، وهو الذي لديه سوق كبير وسعة احتياطية وتكلفة إنتاج متدنية جداً، وقادر على العمل بشكل استراتيجي – بمفرده أو عبر الكارتل - لرفع أو خفض الإنتاج، بحيث يؤثر في السعر.

وتلائم هذه المواصفات السعودية، فيما لا ينسحب ذلك على منتجي الزيت الصخري الأميركيين. وشركات الزيت الصخري صغيرة جداً لتحريك السعر بمفردها، وهي لا تعمل بتنسيق معاً. وليس لديها طاقة احتياطية، لأنها تنتج دائماً ما يحقق لها الربح الممكن. كما أن تكلفة الإنتاج أعلى كثيراً من تكلفة إنتاج السعودية أو الكويت. وفي لغة الاقتصاد، فإن منتجي الزيت الصخري الأميركيين يأخذون السعر ولا يحددونه.

وتقول إيمي جاف المديرة التنفيذية للطاقة والاستدامة لدى جامعة كاليفورنيا – ديفيز، إن "السعودية لا تزال محددة السعر".

 وعلى العكس من ذلك، فإن شركات الزيت الصخري انتهازية بقدر أكبر من كونها استراتيجية، وهي أكثر حدة الآن، ومن المرجح أن ينخفض إنتاجها بصورة حادة خلال الأشهر الستة المقبلة، مع نضوب الآبار القديمة، وعدم استبدالها بجديدة. لكنها ستعود إلى العمل بسرعة إذا عاد سعر النفط إلى مستوى يحقق لها المال.

شركات الزيت الصخري ليست هي التي تحدد بدء وتوقف العمل، والاستخدام غير الدقيق لكلمة المنتج المحدد، مثل "دعامة" لوصف صناعة الزيت الصخري الأميركية، له عواقب في العالم الحقيقي. ويقول ديفيد ليفنغستون، الزميل في برنامج الطاقة والمناخ لدى مركز كارنيغي للسلام الدولي "الناس يرون هذه اللغة ويقبلونها وهم يظنون أنها تعني أن في وسع الولايات المتحدة تحقيق توازن في سوق النفط، ويدفع ذلك الناس إلى الظن، بأن في وسعهم أن يديروا ظهورهم إلى دور إنتاج أوبك".

لن يكون من الحكمة إدارة الظهر إلى "أوبك" الآن – والتخمة سامة لأي كارتل، سواء في النفط أو الماس أو الكوكايين. لكن إذا تغير الميزان واختفت التخمة، فسوف تتمكن "أوبك" من جديد من دفع الأسعار نحو الأعلى.

ومن خلال السماح بهبوط السعر، تأمل السعودية في القضاء على بعض المنافسة الأعلى سعراً في الأجل المتوسط، وفق مارك تشاندلر، وهو رئيس قسم استراتيجية العملات لدى براون براذرز هاريمان.

back to top