رمضان في حلب

نشر في 12-07-2015 | 00:01
آخر تحديث 12-07-2015 | 00:01
في ذاكرة الأيام حكايات للشعوب تناقلتها أجيالها، فيها من البساطة والأصالة والخصوصية ما يستحق أن يروى، وفيها لنا عبر ودروس ومواعظ تخرجنا من عصر السرعة والمادة والتعلق بأستار الرغبات وحطام الدنيا الى مساحات واسعة من الخيال وفضاءات رحبة من التقرب الى الله بنوايا صادقة.

فللشعوب الإسلامية علاقة روحية برمضان، وعشق أزلي يتجدد باستمرار، تنتظره كل عام بشوق وفرح، ارتبطت به روحا وعانقته وجداناً، وكلها باختلاف ديارها وأصولها اتفقت عبادة واختلفت طباعا وعادات وسلوكاً.

للجغرافيا والمجتمع والتاريخ آثارها في صياغة العقل الكلي وتكوين الإرث عبر السنين.

ونحن في بحثنا هذا نحاول ان نعود بالزمن الى الوراء، ونعيد الرحلة في اتجاه المنابع لأن ما تعيشه شعوب اليوم أتى من بعيد، فهناك ولدت الأسرار. نسافر من منطقة إلى أخرى نبحث عن اخبار رمضان في ذاكرة الزمن الجميل وذاكرة الناس البسطاء، لننقل اخبارا بسيطة مثل اهلها لكنها تخبرنا عن الجذور وعن التاريخ حين يدون برغبة صادقة للوصول الى الحقيقة التي تشير جميعها الى نقاء العبادة والنفوس المطمئنة.

على ضفة نهر كان، وفي حقبة من التاريخ قديمة قدم الأصالة والحقيقة والصدق سكنت جماعة سامية من الناس أرضاً بكراً شهباء، فزرعت ورعت وسلمت المسيرة لأجيال متعاقبة في حقب متتالية لتكبر الأرض ويكبر البناء وتكون {حلب}.

حلب القديمة

ثمة أسطورة كان يتناقلها الحلبيون مفادها بأن سيدنا إبراهيم عندما هاجر من أور الى فلسطين مر بحلب فأقام بها أياماً وكانت عنده بقرة شهباء يحلبها يومياً فيأتيه الأهالي ليأخذوا الحليب الذي كان يوزعه عليهم وكانوا يستبشرون، ويرددون» حلب الشيخ الشهباء، حتى أصبحت القرية التي أقام بها {حلب الشهباء}.

وخلال أطوار تاريخية متتالية، كانت المدينة تكبر والسكان يزدادون عدداً حتى جاءها المغول، فاستباحوها ودمروا الآثار وقتلوا البشر، وحين حكمها المماليك عمروها من جديد، وضموها إلى حكم قايتباي حتى وقعت تحت احتلال العثمانيين بعد هزيمة المماليك في معركة مرج دابق، ومنذ بدايات القرن السادس عشر، وحتى بدايات القرن العشرين كانت حلب واقعة تحت الهدوء الحذر والتطور البطيء شأنها شأن معظم الحواضر والمدن العربية الواقعة تحت الاحتلال العثماني، وعاشت فترة هدوء وسكينة وبناء بعد أن وقعت تحت حكم المصريين وبعد أن دمرها زلزالان قضيا على ثلث سكانها وثلثي مبانيها.

الأحياء القديمة

ولعل أهم أحياء حلب القديمة، حي الأبراج، ويقع بين حارتي الباشا والضوضو، وحي ابن نصير أو جب القبة، وحارة ابن يعقوب وتسمى حارة الزغار، وحارة أبو عجور وتقع بين الجديدة والتدريبة، وأرض العجور تقع شرقي الميدان والاسفرس بين المغازلة وساحة بزة والإسماعيلية وتنسب إلى إسماعيل باشا المصري، والأشرفية وهو حي جديد أسسه داويد المندوب الفرنسي الاستعماري، وكان اسمه الداويدية وبعد الاستعمار تم تغيير اسمه إلى الأشرفية، والاعجام وتقع بين ساحة الملح وحارة الباشا وحارة المشارقة وتقع شرقي مقبرة هنانو، أما حارة الأكراد فتقع بين قسطل الحرامي والحميدية وحي الماه جي يقع بين تراب الغربا والعيان ومحلات ابن العديم وبالي برغل وبانقوسا وبحسيتا وبرية المسلخ وحارات البساتنة والبستان وبستان الشيخ طه وبستان القصر وبستان الكلاب والبكرة جي والبلاط والبندرة والبقارة وبوابات الخل والقصب والتلل وتلعران وتراب الغربا والتومايات وجادة الخندق وجب أسد الله وجسر القبة وجب قرة مان والجبيلة والجديدة وجسر الزلاحف وجلوم وكلها أحياء حلبية قديمة.

ومن الأحياء القديمة أيضاً الجميلية وآل رحمون وحمزة بيك والحميدية وزقاق الطويل والسفاحية والسليمانية وسويقة سالم وسويقة علي وحارة السيسي، وسكنها الأرمن بعد المجزرة التركية وكذلك حارات الضوضو والعرقوب والعزيزية والفرافرة والفرايين، والأحياء والحارات المذكورة هي أهم أحياء وحارات حلب، وأما الأحياء الصغيرة الأخرى فهي كثيرة ولا يتسع المجال لذكرها، إنما ذكرنا الحارات والأحياء المهمة والكبيرة للتدليل على حجم المدينة الكبير وسكانها، وكيف أنها المدينة الكبرى الثانية في سورية.

مدفع القلعة

دخل المدفع في خدمة أهالي حلب منذ أواخر القرن التاسع عشر بمدفعين وضع أحدهما فوق قلعة حلب، ووضع الآخر في إحدى الثكنات العسكرية، وخلال بضع سنوات زادت المدافع بشكل كبير فوضع بعضها في البساتين والأطراف، وكانت تطلق 23 طلقة عند ثبوت رؤية هلال شهر رمضان، ومثلها عند رؤية هلال شوال، وأما في وقت المغرب من أيام شهر رمضان فكانت المدافع تطلق طلقة واحدة وفي السحور طلقة أيضا. لكن تسمية المدفع اقتصرت على الإفطار فقط لأن أهالي حلب لم يكونوا بحاجة لمدفع السحور مع وجود المسحراتي، وقد بقي المدفع علامة من علامات شهر رمضان طوال فترة الحكم العثماني، وبعد الاحتلال الفرنسي استبدلت الطلقات الحية بطلقات صوتية منذ فترة الثلاثينات واستمر استخدام المدافع في الإفطار والسحور بنفس الطريقة العثمانية طوال فترة الاحتلال الفرنسي، وبعد الاستقلال لم يتغير شيء أيضاً.

وتعارف الحلبيون على تسمية المدفع {طوب الرز} والطوب كلمة تركية، وكعادة أهالي حلب الأوائل وطرافتهم المعهودة حيث اعتادوا ألا يأكلوا الرز إلا في رمضان لارتفاع سعره، وقد قالوا في أمثالهم المحلية {العز للرز والبرغل شنق حالو} وذلك لأن الرز يستورد مما تسبب بارتفاع سعره بينما البرغل يزرع محلياً، لذا فهو متوفر طوال أيام السنة ولا يقتصر شراؤه على شهر رمضان فقط، وكان العامل على المدفع يسمى الطوبجي وكان جد أسرة الطوبجي الحلبية الحالية أول حلبي يعمل طوبجياً في أواخر القرن التاسع عشر.

المطبل أو الطبال

وهو الرجل الذي يعتمد عليه الحلبيون في ايقاظهم للسحور، وسمي المطبل أو الطبال لأنه كعادة المسحراتية في مختلف المدن العربية كان يحمل طبلة بيسراه تسمى بازا وفي يمناه عصا يضرب بها على الطبلة واحياناً على أبواب المنازل, وقد ينادي على بعض أصحاب المنازل بأسمائهم أو بكناهم يا أبو فلان او يا فلان، حيث كان المطبل من أهالي الحي ويعرف السكان فرداً فرداً، ويرافق المطبل غلام يحمل القنديل أو الفانوس ليضيء له الطريق والمطبل يردد بعض الكلمات والجمل مثل {يا صايم وحد الدايم، ولا إله إلا الله محمد الهادي رسول الله، وقد يطيل الوقوف أمام منازل الأثرياء والموسرين ويضرب بطبلته وهو ينادي قوم يا أبو فلان أو يا فلان، ويسمي صاحب المنزل أو أبناءه طمعاً بإكراميته، ولم يكن المطبل يقف أمام منازل الأرامل أو المنازل التي يغيب رجالها احتراماً لحرمة المنازل، وابتعادا عن الشبهات حيث كان المطبل من أهل الايمان والتقوى في الغالب، ويقوم بمهمته ابتغاء وجه الله، وإن حصل من الأهالي على بعض الهدايا والإكراميات، ولا يقتصر حمل المطبل للفانوس أو القنديل في ليل حلب على رؤية الطريق وهو يمر بين السكك والأزقة، بل لأن القانون العثماني الذي كان مطبقاً في حلب منذ منتصف القرن التاسع عشر وحتى نهاية الحكم العثماني كان يمنع الناس من المسير ليلا بلا قنديل، حيث يحسب الرجل من اللصوص أو القتلة ويحجز في القرة غول أو المخفر حتى يتم التحقيق معه ومعرفة سبب عدم حمله للقنديل، وأما في الشوارع والممرات الرئيسية فقد كانت السلطة تضع الفوانيس على بعض الأعمدة ويتولى رجل الإشراف عليها يسمى {الدومري».

ويستمر المطبل بأداء مهامه بكل همة حتى آخر ليلة من شهر رمضان, وفي صباح العيد يدور على المنازل مباركاً لهم العيد السعيد، فيعطيه الأهالي إكراميته ويشكرونه على ما قدمه لهم طوال الشهر الكريم.

الحمامات واستقبال رمضان

اشتهرت حلب بحماماتها العامة منذ القدم, واعتاد الحلبيون أن يقصدوا هذه الحمامات في بعض المناسبات كالزواج والأعياد وقبل شهر رمضان، فكانت تزدحم بالناس في الأيام الثلاثة الأخيرة من شهر شعبان، وقد قدر عدد الحمامات العامة بأكثر من مئة حمام في بداية القرن العشرين، وكان الحمام يتكون من ثلاث صالات الأولى تسمى البراني وهي الباردة والثانية تسمى الوسطاني وهي الفاترة والثالثة تسمى الجواني وهي الساخنة.

وكان الحلبيون يعتقدون أن الحمام بالإضافة إلى ما يساهم به من نظافة الأبدان فإن اتيانه لأجل شهر رمضان يجلب المسرة ويبطل السحر والمس والعين، وهي معتقدات لا يعرف أصلها وربما ساهم أصحاب الحمامات بتسويقها لتنشيط تجارتهم.

وأما أشهر حمامات حلب، فكانت سبعة هي حمام {يلبغا} الناصري ويقع أمام البرج الجنوبي لقلعة حلب، وحمام النحاسين وكان يقع أمام خان النحاسين، ويتبع المدرسة الخسروية وقد تم بناؤه في القرن الثاني عشر، وحمام السلطان ويقع شمال حلب وهو خاص بالنساء، وحمام الجوهري وهو من الحمامات الحلبية الفخمة والقديمة، وحمام البياضة ويقع قبالة جامع البياضة وهو من الحمامات القديمة التي تعود إلى العصر المملوكي، وحمام ازدمر وهو قديم بناه ازدمر الشركسي قبل خمسة قرون بالإضافة إلى خان الصابون وحمام الصالحية، وحمام بهرام باشا وهو من أوقاف المدرسة البهرمية ويمتاز بالواجهة الجميلة.

الأسواق الحلبية

ما كان شهر رمضان يُقبل حتى ترى الحلبيين يرتادون الأسواق لشراء حاجاتهم الرمضانية، فتزدحم الأسواق بالمتسوقين وتمتلئ المحال بالسلع، وقد عرفت حلب بأسواقها التاريخية الشهيرة، وأهمها سوق الزرب أي سوق الضرب بعد أن عجم العثمانيون الضاد وهو سوق مسقوف على الطريقة القديمة، ويتكون من سبعين محلاً تقريباً، ويختص بالمنسوجات، وسوق {العبي} وكان يسمى سوق النشابين و يختص ببيع العباءات القديمة والمناديل والأقمشة، وسوق العطارين وهو السوق المختص ببيع التوابل ومشتقاتها والأعشاب والأدوية، وسوق السقطية وكان مختصاً ببيع الأكلات الشعبية وينشط طوال شهر رمضان في الليل حيث يشترى الناس منه طعام السحور كالفول والأجبان والحلويات والخضار والفواكه، وبعض المواد الأولية لصنع الحلويات والمعجنات والأطعمة الأخرى، وسوق القصابية وسمي بالقصابية لأنه مجاور للخان الذي يحمل الاسم نفسه، وهو سوق صغير تباع به المكسرات الحلبية والفواكه المجففة بمختلف أنواعها، وسوق البهرمية، ويعتبر امتداداً لسوق السقطية، وسمي كذلك لمجاورة بابه الرئيسي المدرسة البهرمية.

وتباع الأغذية المختلفة في السوق الذي سقفت بعض أجزائه وتركت الأخرى، وسوق أنطاكية وهو سوق متعدد الأنشطة وإن غلبت عليه الصناعات، وسوق الدهشة، وكان أشهر أسواق الأقمشة القديمة في المنطقة، وكان يقصده الكثير من تجار المدن العربية لما للملابس التي يعرضها من جمال وجودة وسمي بالدهشة لأن الداخل إليه للمرة الأولى يصاب بالدهشة من تنوع الملابس وجمالها، وسوق الحراج وهو السوق الذي تباع به الأخشاب والفحم وسمي الحراج لأن الأخشاب التي تباع به تحضر من الأحراج المجاورة، وسوق الطرابيشية وكانت تباع به الطرابيش الحلبية والمسابيح والملابس الحلبية الخاصة, وسوق استنبول ويسمى سوق النسوان لكثرة ما ترتاده النسوان حيث تغلب البضائع النسائية على معظم محاله.

ومن الأسواق المشهورة في حلب القديمة أيضاً سوق الحمام وسوق الجوخ وسوق الشام وسوق خان الحرير وسوق الحدادين وسوق أصلان والعديد من الأسواق الأخرى.

المائدة الحلبية

تعتبر المائدة الحلبية من أكثر الموائد تنوعاً وتعدداً في أصناف الأطعمة وخصوصاً في شهر رمضان، حيث كانت المرأة الحلبية مبدعة في منزلها وسيدة مطبخ من الطراز النادر، فمن الأطعمة المهمة المسقعة بأنواعها المختلفة، والأكلات اللحمية المنوعة كالمشوي والمقلي والمطجن والمكمورة وهي اللحم المسلوق بالبصل والهبرة المدهونة وهي دق اللحم ودهنه وتتبيله وتقريصه, وأما الخضار فأهمها الملفوف والملوخية، وبالإضافة إلى الاكلات المذكوة، فإن الهيطلة واليالنجي واليخني والفول والقباوات والقريشة والقشة والكبة والمشاوي المختلفة من الأكلات الحلبية المعروفة، ورغم هذا التنوع فإن أول ما يبتدئ به الصائم إفطاره التمر واللبن أو القمر الدين، على أن بعض الأكلات كانت حلبية خالصة لا تجدها في مكان آخر كما لا تجدها إلا في رمضان غالباً، ومن هذه الاكلات الكماي والكويسات واللبنية ولحم العجين وشيخ المحشي وضرب القتل والسبانخية والسماقية والسندوانة والسودا والـرمان والبالوطة.

المساجد الحلبية

ما كان يحين وقت صلاة العشاء حتى يهرع الحلبيون إلى المساجد ليؤدوا صلاتي العشاء والتراويح، ورغم انتشار المساجد قديماً في معظم أرجاء حلب لكن بعض المساجد كانت مقصداً للمصلين أكثر من غيرها إما لاتساعها أو لحلاوة تلاوة الإمام للقرآن, ولعل أهم المساجد في الماضي كان مسجد الكواكبي ويقع في محلة الجلوم، وبني عام 1614م ومئذنته المضلعة بناها قانصوه الغوري, ومسجد أصلان دادة وبني في عام 1672م ومسجد الشيخ حمود ويقع جنوب البيمارستان الكاملي وعليه كتابة بالخط الكوفي تشير إلى بنائه عام 514هـ، وهناك جامع الكيزواني ذو المنارة ذات الأقراص الجميلة، وهو من الجوامع القديمة التي لم يستدل على سنة بنائه، وجامع التوتة ويسمى جامع الغضائري أيضاً وقد بني عام 637 هـ، وجامع العادلية وقد بناه العثمانيون عام 1557م، وجامع السفاحية ويقع جنوب مدفن ملك شاهلا وبناه ابن صالح السفاح عام 828 هـ، ومسجد الطرسوسي ويقع بجوار باب قنسرين مقابل المدرسة الكريمية، وبني قبل 700 عام، ومسجد الزركشي الذي بني قبل 500 عام ويقع في محلة أوغل بيك، وجامع الحيات، وبني في مكان أحد المعابد اليهودية في القرن الخامس عشر الميلادي, وجامع الطواشي بني في عصر المماليك، وجامع الحموي وبني عام 1560 م.

كما كانت توجد الكثير من المساجد القديمة الأخرى التي كان الحلبيون يقصدونها لصلاة التراويح مثل الأميري والبهرمية والميداني والهمندار والرومي والتون بغا والابن وأبشير باشا والعثمانية والدباغة والعتيقة وبان قوسا والصباحية والشيخ معروف والسكاكيني والعديد من الجوامع الأخرى.

التكايا والتصوف

حينما حكم العثمانيون حلب أدخلوا التصوف معهم، فبنوا التكايا وألحقوا بها بيوت الإيواء للمقطوعين والفرادى، ووفروا لهم المأكل والمسكن والانقطاع للذكر، ومنذ القرن السابع عشر الميلادي انتشر التصوف في حلب بشكل كبير، وفي شهر رمضان كان الكثير من الحلبيين يلجؤون لهذه التكايا التي كانت تقيم حلقات الذكر والمدائح الصوفية، وكانت معظم هذه التكايا برعاية الحكم العثماني وتبرعات بعض الأغنياء والميسورين من أهالي حلب. وأشهر التكايا القديمة تكية بابا بيرم وهي تكية تابعة للطريقة القلندرية التركية، وتكية الإخلاصية وكانت تابعة للطريقة الرفاعية وتقع في محلة البياضة وتنسب إلى الشيخ اخلاص الخلواتي الرفاعي الذي أسسها في النصف الأول من القرن السابع عشر، وتكية القلقر وبنيت فوق مغارة الأربعين في محلة شاهين بيك، وتكية المخملجي في تراب الغربا، وتكية المولوية وهي مركز الطريقة المولوية الحلبية المنسوبة للمولى جلال الدين الرومي, وتكية أبوبكر الوفائي الواقعة في المحلة التي تحمل نفس الاسم شيخو بكر وتأسست قبل أربعة قرون وحظيت باهتمام العثمانيين ورعايتهم.

المقاهي الحلبية

كان الكثيرون من الحلبيين ما إن ينتهوا من الإفطار حتى يسارعوا إلى الخروج من منازلهم متوجهين إلى المقاهي التي اعتادوا الجلوس فيها، ويتسامرون مع الأصدقاء هناك. ووجود المقاهي الحلبية قديم، واعتاد الناس على الاجتماع وتناول المشروبات الساخنة وتدخين النراجيل، وقد تخصصت بعض المقاهي ببعض الصناعات أو المهن مثل قهوة اللحامين والنجارين والحمامتية، ولذا كانت المقاهي مكاناً للاجتماع ومعالجة مشاكل المهن، ومنتديات لتبادل الأخبار واللهو البريء والتدخين وتناول الشاي والقهوة، وكان معظم المقاهي يضع مصاطب مفروشة بالبسط يجلس عليها الأصدقاء وتضاء بالقناديل، وفي القرن التاسع عشر تطورت بعض المقاهي وطورت من أعمالها، فوفرت المقاعد والطاولات والقهوة والعاب الطاولة وبعض الأنشطة الفنية كالأراكوز والحكواتي ومغني التواشيح، وفي رمضان كانت بعض المقاهي تستجلب بعض المنشدين من التكايا لتقديم بعض المدائح على إيقاع الطنبورة والدف، فكان مقهى المواصلة اشهر المقاهي التي تقيم حفلات الذكر والإنشاد في رمضان، وكانت على كبر حجمها تغص بالزبائن.

*كاتب وباحث كويتي

back to top