محاكم تفتيش العصور الوسطى

نشر في 08-08-2015
آخر تحديث 08-08-2015 | 00:01
 د. أفراح ملا علي ذروة الإبداع في أساليب التعذيب وآلاتها المبتكرة لمحاكم التفتيش بدأت في العصور الوسطى، ولكن قبل أن نبحر في هذا الموضوع الشائك والحساس لا بد من توضيح جزئية مهمة ألا وهي أن محاكم التفتيش لم تبدأ في إسبانيا كما هو شائع، بالرغم من أنها واحدة من أشهر محاكم التفتيش على مر العصور.

في سنة 1184م أنشئت محكمة تفتيش تدعى لونغدوك Languedoc في جنوب فرنسا، بهدف محاربة البدع وحركة جماعة الكاتار الذين اعتبرتهم الكنيسة الرومانية الكاثوليكية آنذاك من المرتدين والخارجين عن الدين المسيحي، وفي سنة 1231م يضع البابا غريغوري التاسع فرائض محاكم التفتيش التي قامت بقمع العالم المسيحي كاملا، من جرائم البدع، والهرطقة، والردة، وصولا فيما بعد إلى السحر.

بدأت محاكم التفتيش الإسبانية سنة 1478م على يد الملكين الكاثوليكيين إيزابيل وفرناندو، أي قبل سقوط آخر إمارة مسلمة وهي الإمارة الغرناطية لبني أحمر أو أيضا الملقبين ببني نصير سنة 1492، فبدأ الملوك الكاثوليك بشن حملة شرسة على السحرة، وكل من يمارس البدع، والمثلية والهرطقة، وصولا إلى من لا يعتنقون الديانة المسيحية، وشن حملة مرعبة وعنيفة جدا على اليهود، ومن ثم على مسلمي إسبانيا وتحديداً الأندلس.

 لم تكن محاكم التفتيش ابتكاراً إسبانياً لكنها لا تخلو من الدموية، وللأسف الشديد فإنه بالرغم من أن حقوق الإنسان العالمية منذ 1948 تحاكم من يقوم بهذا النوع من التعذيب فإنها ما زالت تمارس ببعض الدول حتى يومنا هذا! وأول محكّم للتفتيش هو القسيس توماس دي توريكيمادا، ويقال إن عدد الضحايا في محاكم التفتيش الخاصة به ترواح بين 1200 و1500 ضحية! وتم إلغاء محاكم التفتيش الإسبانية في 15 يوليو سنة 1834م بأمر من ماريا كريستينا دي بوربون.

وأشهر أساليب التعذيب في محاكم التفتيش كانت المشعل الذي يستخدم لتعذيب الساحرات فيتم ربطهن بعمود خشبي وتشعل بهن النار أمام الملأ، فيحترقن حرقا بطيئا حتى موتهن.

والعجلة أسلوب تعذيب آخر يربط المحكوم عليه بها، وتوضع قطع حديدية فوق مفاصله، ويتم الضرب عليها حتى تتحطم عظامه، ويتم تحريك العجلة إلى العراء حتى تأكل الغربان والحيوانات عيون الضحية وجلدها حتى الموت!

وقيود اللقلق آلة حديدية تغلق على عنق الضحية وأرجله حتى تتشنج جميع عضلات الجسد، وهي أسوأ من الموت، أما العروس الحديدية فهي الكابوس الحقيقي لمن يحكم عليه، وهي تابوت حديدي على شكل امرأة، توضع فيه الضحية ثم يتم وضع مسامير لاختراق الجسد، وبالتالي نزفه واختناقه داخل التابوت بشكل بطيء جدا، وأشهر من استخدم هذه الآلة هي إليزابيث باثوري المشهورة بلقب الكونتيسة الدموية، فكانت طريقة سهلة لاستخراج الدم والاستحمام به!

أسلوب آخر للتعذيب كان السلحفاة! توضع فوق الضحية أوزان سواء كانت من حديد أو صخر من أجل طحنه حتى الموت! أما العقد الحديدي فيوضع على العنق ويبدأ الجلاد بتصغيره تدريجيا حتى يتم كسر عظم الرقبة والظهر! المقصلة والخازوق! أما المنشار فكان أداة للمثليين، إذ يتم تعليقهم من أرجلهم وقصهم بالمنشار وصولا إلى السرة وتركهم ينزفون حتى الموت!

أما المطرقة والملاقط الحديدية فهي لتحطيم الأصابع وخلع الأظافر! والثور الحديدي هو عبارة عن تمثال حديدي على شكل ثور، يتم إدخال الضحية داخله وحرقه حتى يتفحم، وبالتالي يخرج الدخان من فتحات موجودة بأنف التمثال! أما مخالب القط الحديدية فهي لنزع جلد الضحية! وهناك الصلب! والكرسي الحديدي ذو المسامير، إذ يتم تسخينه وإجلاس الضحية! والمشنقة!

وهناك العديد الذي لم يتم ذكره من أدوات وأساليب التعذيب، لكننا نكتفي بالأكثر استخداما وشهرة في تلك الحقبة. فالتجرد من الإنسانية ليس من وحي الخيال، والتطرف بكل حالاته لا تكون نتائجه إلا كذلك، وهي ليست سوى  وصمة عار في تاريخ الإنسانية والبشرية.

دمتم بإنسانية واحترام لكل الأديان.

back to top