مخرجون جدد يعيدون إحياء أفلام الرعب!

نشر في 03-11-2015
آخر تحديث 03-11-2015 | 00:01
قال ويس كرافن: {أفلام الرعب لا تولّد الخوف، بل إنها تحرره!}.
لا شك أن كرافن يعني ما يقوله. فقد ابتكر هذا المخرج البارع ثلاثة أفلام رعب ضخمة خلال السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات:
The Last House on the Left وA Nightmare on Elm Street وScream. في كل عقد جديد، وجد كرافن أصواتاً معاصرة لتحرير مخاوف قديمة، بدءاً من المشاهد الدموية المرعبة بقدر نشرات الأخبار المسائية عن أحداث فيتنام وصولاً إلى المقالب الممتعة.
صحيح أن رواد السينما أعلنوا  فشل أفلام الرعب منذ بضع سنوات تزامناً مع استنزاف الأفكار في أفلام الرعب الغنية بمشاهد التعذيب، لكن حصلت مبالغة كبرى في التقارير التي تحدثت عن نهاية عصر أفلام الرعب. بدأ جيل جديد من المخرجين الآن يعيد إحياء الأفلام المميزة والمبتكرة والغريبة التي يسهل أن تجذب المشاهدين.

قال جيسي بيشوب، مدير البرمجة في {جمعية مينيابوليس سانت بول للأفلام} التي تعرض أفلام رعب {قاتمة} منذ فترة طويلة: {بدأنا نتجاوز الأفلام الإباحية السخيفة التي تعجّ بمشاهد التعذيب والتي انتشرت بعد عام 2000. غالباً ما تجعلنا أفلام الرعب الجديدة والناجحة نضحك، حتى إنها قد تجعلنا نقفز من مكاننا. لم يعد العمل يقتصر على تخويف الناس بل يجب أن يكون الرعب مدروساً}.

لكن جاءت الأفلام الحديثة لترفع الخوف إلى مستويات مبهرة.

تطرح شركة الإنتاج {بلوم هاوس} نموذجاً عن أعمال الرعب الجديدة ومنخفضة الميزانية مثل Paranormal Activity

وInsidious وSinister.

يقول ريان توريك، مدير قسم التطوير في {بلوم هاوس}: {تمرّ أفلام الرعب دوماً في مراحل عدة.  تظهر ثم تختفي مثل المد والجزر. غالباً ما تزدهر أفلام الرعب حين تحاكي الأجواء السائدة في العقد الذي تصدر فيه.

نعيش اليوم في مناخ عاصف سياسياً واقتصادياً، وهذا ما يمهد لاختراع قصص رعب عظيمة}.

يتمحور فيلما Unfriended (عن غرفة دردشة مسكونة) وThe Gift (عن علاقة من أيام المدرسة الثانوية تتجدد بطريقة وحشية بعد سنوات) حول موضوع التنمر.

أوضح توريك: {نبحث عن أفلام لديها رسالة. يعلّق فيلم The Purge مثلاً على موضوع السيطرة على الأسلحة. لا شك أن نقل رسالة معينة هو الذي يضمن تحقيق نهضة إبداعية في هذه الفئة من الأفلام}.     

منذ أن نهض مصاص الدماء الشهير {نوسفرتث} من قبره بصمت، أصبح استعمال الأحلام المخيفة حيلة تسويقية لا مفر منها بقدر الأفلام المؤثرة التي تجعل المشاهدين يبكون.

لكن ما الذي يدفعنا إلى دفع المال لمشاهدة صور تسبب لنا الكوابيس؟ شرح ستيفن كينغ في كتابه الذي يتناول تاريخ الرعب المعاصر، Danse Macabre، أن الاستعمال المبتكر للخوف {يعيدنا إلى مرحلة الطفولة لفترة قصيرة}، فنعود بذلك إلى زمنٍ كان فيه الخيال يُعتبر {عالماً مدهشاً}. تجدد السينما صلتنا بأعظم ابتكارات الأخوين غريم وحكايات الكاتب إيسوب.

كانت أفلام الرعب المصورة كفيلة بإطلاق مهن الكثيرين، بدءاً من بيلا لوغوسي وبوريس كارلوف وصولاً إلى ريدلي سكوت وكاثرين بيغلو. لكن لم يسبق أن كانت أفلام الرعب مربحة بقدر ما هي عليه اليوم.

تزامناً مع تطور القدرات التقنية في مجال الأفلام مقابل تراجع الكلفة، ازدهر هذا المجال بالنسبة إلى جيل جديد من مبتكري الأفلام المستقلة الذين يستطيعون تقديم أعمال فردية للمشاهدين، على شاشة كبيرة في المنازل أو في صالات السينما.  يعزز البث المباشر على الإنترنت ظاهرة تكوين المعجبين الجامحين تزامناً مع دعم أفلام الرعب المنزلية.

لم يسبق أن سافرنا إلى قلب الظلام في هذه الاتجاهات المتعددة كلها. يجب أن يرحب محبو الأفلام من جميع الأنواع بهذا التطور الإيجابي.

حتى أن شركة {بلوم هاوس} استثمرت نجاحها لإنتاج أفلام مميزة، مثل الفيلم الدرامي النفسي Whiplash الذي أصدرته في السنة الماضية وفاز بجائزة أوسكار.

لكن رغم الميزانيات الواعدة في مجال أفلام الرعب (علماً أن هذا النوع لا يتطلب ميزانيات إعلانية ضخمة أو نجوماً مكلفين لبيع بطاقات كثيرة)، حققت محاولات أهم شركات الإنتاج نتائج باهتة.

صدرت نسخ مقتبسة كثيرة من أفلام رعب سابقة، وثمة مجموعة لامتناهية من أفلام Poltergeist و Carrieو Hostelو The Thingو Evil Dead. لكن تبدو معظم هذه النسخ مضلِّلة وهي لا تعترف بالعوامل التي جعلت الأفلام الأصلية مرعبة. كما أنها ليست مخيفة بقدر ما هي مخيبة للآمال.

بدل مواكبة نزعة هوليوود الوحشية إلى الاستفادة من أمجادها السابقة، بدأ الأتراك الشباب يخترقون عالم الرعب عبر استعمال مؤثرات جمالية مميزة وطرح أفكار جديدة.

في أول فيلم رعب أخرجته جنيفر كينت بعنوان The Babadook، تحولت حكاية كلاسيكية شبيهة بأجواء فيلم The Old Dark House إلى عمل صادم يتمحور أساساً حول تناقض المرأة عند خوض تجربة الأمومة. لقد بلغ مستويات عاطفية عميقة من الخجل والإجهاد والحزن ولا يمكن تحقيق الهدف نفسه عبر أي مؤثرات مخيفة أخرى.

في فيلم It Follows، يرعب ديفيد روبرت ميتشيل المشاهدين من دون عرض مواجهات مرعبة وصادمة. يحوّل فيلمه المتقن المخاوف الجنسية في فترة المراهقة إلى صورة مجازية للخوف الحتمي والجارف من الموت نفسه. لقد ابتكر مؤثرات بصرية مرعبة انطلاقاً من صورة شخص بعيد يمشي ببطء نحو الكاميرا. في فيلم التشويق الممتاز Ex Machina، حوّل أليكس غارلاند قصة رومانسية سخيفة مع آلة تتمتع بذكاء اصطناعي إلى معركة محتدمة بين الكائنات الفضائية والتكنولوجيا الوحشية والبشر النرجسيين والأنانيين.

لا شك أن الناحية المادية تبقى أساسية في هذه الطفرة الإبداعية بحسب رأي ترافيس ستيفنز، منتج بارز لأفلام الرعب والحركة.

يوضح ستيفنز: {أصبح تأمين ميزانيات أفلام الرعب أسهل بكثير في آخر ست أو سبع سنوات بالنسبة إلى المخرجين الشباب. إذا صنعنا فيلماً منخفض الكلفة بما يكفي، يمكن أن نضمن حضور جمهور كافٍ لمنح المستثمرين فرصة استعادة أموالهم}. هذه الميزة تسمح لستيفنز بتمويل مشاريع صغيرة مثل فيلم We Are Still Here للمخرج تيد جيوهيجان. يتحول هذا الفيلم بسلاسة من تجسيد بعض الأوهام التقليدية الشائعة إلى محاكاة ساخرة ومرعبة ترتكز على الفكاهة السوداء. يستفيد مخرجو الأفلام عالية الميزانية من هذه الفرصة الإبداعية أيضاً. كتب جوس ويدن (Avengers: Age of Ultron) سيناريو فيلم The Cabin in the Woods باعتباره رحلة عبر جدار مكسور للوصول إلى عمق أجواء أفلام الرعب.

وبدأ الكاتب/المخرج/المنتج إيفان لويس كاتز (من أعماله فيلم The ABCs of Death 2) قصه حبه لأفلام الرعب منذ أن كان معجباً بها في شبابه. قال كاتز: {إنه نموذج جيد للقيام بكل ما نريده. إنه عالم منفتح جداً. لا يسهل ضمان هذه الميزة لدى العاملين في هذا القطاع لأنهم يحبون تسوية جميع المسائل بالكامل}. هو يعتبر أن أفلام الرعب الضخمة مثل فيلم Crimson Peak الجديد للمخرج غييرمو ديل تورو أصبحت نادرة، {وتقوم شركات الإنتاج بمشاريع مماثلة كل سنتين أو ثلاث سنوات. لكن يمكن أن يعتمد كل مخرج فردياً ألف طريقة إخراجية مختلفة في هذا النوع من الأفلام}.

المنبع الحقيقي لهذه الإبداعات هو {فهم روح العصر. ما الذي يخشاه الناس الآن؟}.

هم يخشون الكثير على ما يبدو!

back to top