الشهرستاني في كردستان ضيف ثقيل

نشر في 03-10-2015
آخر تحديث 03-10-2015 | 00:01
 أنس محمود الشيخ مظهر يمكن تضمين زيارة حسين الشهرستاني لإقليم كردستان على أنها زيارة تشريفية لحضور حفل تنصيب البطريرك مار كوركيس يوحنا مطرانا لكرسي كنسية المشرق، لاسيما أن الشهرستاني نفسه أكد أن الزيارة ليست للتباحث حول ملفات سياسية. لكن هل كان اختيار حيدر العبادي لحسين الشهرستاني لينوب عنه في حضور احتفالية كهذه خالياً من أي محتوى سياسي؟

معروف لدى القاصي والداني من هو حسين الشهرستاني، وما كان له من دور مشبوه في توتير العلاقة بين أربيل وبغداد في حقبة المالكي، واستمراره على نفس السياسة حتى بعد استلام حيدر العبادي منصب رئاسة الوزراء العراقية؛ فمشكلة عقود النفط لإقليم كردستان بدأت عندما كان الشهرستاني وزيراً للنفط، ورأينا كيف وقف بقوة ضد محاولات الإقليم لحل هذه المشكلة، وساهم في إفشال أية مفاوضات بين الطرفين على مدى ثماني سنوات. وبعد أن قطعت بغداد ميزانية الإقليم ورواتب موظفيه، حاول بقوة إجهاض محاولات الإقليم تصدير نفطه باستقلالية عن حكومة المركز لتسديد التزاماته المالية أمام الكردستانيين، إضافة إلى موقفه السلبي من الاتفاق الذي أبرم بين بغداد وأربيل في عهد حيدر العبادي، رغم أن حقيبته الوزارية آنذاك ( ولا تزال) أبعد ما تكون عن شؤون الطاقة وشجونها. إن هذا الدور السلبي للشهرستاني حيال قضية مصيرية تهم كل مواطن كردستاني يجعل منه ضيفاً ثقيلاً... إن لم يكن على ساسة الإقليم فعلى شعبه، وإصرار حيدر العبادي على تكليفه بهذه الزيارة يزيد من ثقل الضيف، فضلاً عن أن تصريحه بأن الزيارة غير سياسية ولن تكون هناك مباحثات حول أي من الملفات العالقة جعل من الزيارة مرفوضة وغير مرحب بها عند الشارع الكردي.

وقبل الخوض في تقييم الزيارة نقول... إن نقل كرسي كنيسة المشرق الآشورية إلى كردستان وانتخاب غبطة المطران مار كوركيس صليوا كبطريرك جديد لها هو حدث عظيم يستحق الاحتفاء، إلا أن إصرار الشهرستاني على إظهار الناحية التشريفية من زيارته هو بحد ذاته إهانة للشعب الكردي، كان الأحرى بحكومة الإقليم تداركها وتلافيها. وعلى ذلك نود توضيح بعض النقاط المهمة حول هذه الزيارة:

1- مادام سبب الزيارة تشريفياً لحضور مراسيم دينية (حسب ما أكد الضيف نفسه)، فكان الأولى ترك مهمة استقباله لوزير الأوقاف في الإقليم، حتى وإن كان مندوباً من قبل رئيس الوزراء العراقي، لا أن يستقبل من قبل رئيس وزراء إقليم كردستان.

2- التغطية الإعلامية لزيارة الشهرستاني كانت مبالغاً بها، أولته اهتماماً لا يستحقه، ولا يتناسب مع حجمه، ومكانته في قلوب الكردستانيين.

3- إن إصرار حيدر العبادي على أن ينوب عنه شخص كالشهرستاني هو رسالة غير مطمئنة، ولا تتناسب مع آفاق العلاقة التي يطمح الإقليم إلى الوصول إليها مع المركز، خصوصاً أن منصب الرجل في الحكومة الحالية (كوزير للتعليم العالي) ليس له علاقة من قريب ولا من بعيد بأي حدث أو مناسبة دينية، ولا بالمشاكل السياسية بين الإقليم والمركز.

4- محاولة حكومة المركز بغداد تبني مناسبة مهمة كهذه تعتبر تسويقاً إعلامياً غير مشروع عبر بوابة حكومة الإقليم التي نجحت في إرساء أسس مجتمع تسامحي تعايشي في كردستان، عكس ما أرسته حكومة بغداد من مجتمع يرفض الآخر ويقمعه. فمنذ متى كانت حكومة بغداد تهتم بالإخوة المسيحيين ومناسباتهم كي تحضر هذه المناسبة؟ فقد شهدنا كيف قُتِل المسيحيون، وهجروا، ونكل بهم من قبل عصابات تشرف عليها الحكومة العراقية نفسها وأمام أنظارها، دون أن تحرك ساكناً للدفاع عنهم، فكيف يسمح لها اليوم بتنصيع صفحتها أمام العالم المتحضر عبر بوابة إقليم كردستان وعلى حسابه؟

5- أليس من المخجل، بعد تأكيد الشهرستاني، على هدف الزيارة التشريفي... أن يصرح مسؤول في حكومة كردستان بأن هناك مباحثات سياسية سيتم عقدها مع الضيف؟ وهل يعطي موقف الشهرستاني هذا الأمل بأن يكون لأي مباحثات معه طابع جاد ومثمر؟

 إن زيارة الشهرستاني للإقليم مرفوضة من قبل الكردستانيين، جملة وتفصيلاً، حتى وإن قبلت حكومة الإقليم بإجرائها، وكان الأولى بالعبادي أن ينيب عنه شخصية سياسية معتبرة جديرة بثقة واحترام الطرف الآخر، لا أن يبعث أحد أتباع المالكي الذين لا تزال رائحة سياساتهم الفاسدة وأزماتهم، المنتنة تزكم أنوف العراقيين.

* كردستان العراق – دهوك

back to top