تقرير سياسي : الهدر في «العلاج بالخارج»... اختبار للسلطتين

نشر في 10-01-2016 | 00:13
آخر تحديث 10-01-2016 | 00:13
No Image Caption
يحل ملف العلاج بالخارج ضيفاً ثقيلاً على السلطتين التشريعية والتنفيذية خلال الأيام المقبلة، وفي اتجاهين مختلفين؛ أولهما يتعلق بموقف النواب مما أصبح يُعرَف سياسياً وشعبياً بالعلاج السياحي في الخارج، والآخر بجدية الحكومة في ترشيد الابتعاث مع الأخذ بعين الاعتبار أن العلاج بالخارج تحديداً يمثل سلاحاً فعالاً في التعامل مع النواب.

ومع الحديث عن رغبة الحكومة في ترشيد الدعم، كما تصفه، أو رفع الدعوم كما يراه النواب والمواطنون، فإن باب الصرف على العلاج في الخارج لايزال بعيداً عن التداول في الأروقة الحكومية، مع الوضع في الحسبان أن ميزانيته بلغت في السنة المالية الحالية أكثر من 460 مليون دينار، في مقابل عدم تجاوزها 198 مليوناً في السنة المالية الماضية، أي أن الزيادة تخطت 132 في المئة.

وتدرك الحكومة، بحسب ما تؤكده تقارير ديوان المحاسبة، أن العلاج في الخارج يمثل أحد أوجه الهدر المالي في الموازنة العامة للدولة، إلا أنها ترى في هذا العلاج، علاجاً آخر لأزماتها السياسية مع أعضاء مجلس الأمة، أو وسيلة تخترق عبرها المواقف النيابية في التصويتات، ولذا فإن المساس بهذا الباب يعني خسارة إحدى أدوات التأثير الحكومي على قرارات النواب.

أما على الصعيد النيابي، فالاتجاه هنا أكثر حرجاً مما تقع فيه الحكومة، إذ إن أعضاء مجلس الأمة أمام اختبار سياسي وشعبي خلال جلسة مناقشة استجواب وزير الصحة د. علي العبيدي، المقدم من النائبين راكان النصف وحمدان العازمي، والذي يتضمن في أحد محاوره قضية العلاج في الخارج. ففي حين يؤكد تقرير ديوان المحاسبة الأخير رصده أكثر من 6500 حالة ابتعاث للعلاج في الخارج - من أصل يتجاوز 11 ألف حالة - تدخَّل فيها نواب وشخصيات سياسية، فإن الأعضاء سيكونون محل رقابة شعبية لمواقفهم من الاستجواب، فهل يتجاوز النواب القضايا الواردة في صحيفة الاستجواب - إذا تأكدت صحتها - حفاظاً على علاقتهم بالحكومة ومعاملات العلاج في الخارج؟ أم يتخذون موقفاً مؤيداً للاستجواب، وهو ما يعني ضمنياً خسارتهم إحدى أدوات كسب الناخبين؟

جدية الحكومة في معالجة اختلالات مالية الدولة تعني معالجة مواطن الهدر في أجهزتها، ومنها العلاج في الخارج، وجدية مجلس الأمة في تحقيق الرقابة البرلمانية تعني وقف العلاج السياحي أو السياسي في الخارج، وفي كلتا الحالتين فإن السلطتين أمام اختبار لإصلاح خلل يتحدث عنه الجميع، بمن فيهم المواطنون.

back to top