«معبد لأيام ممتدّة» لخالد حافظ... تشابك عوالم متباينة
يقدم غاليري أيام دبي مساحة فنية جديدة جانب فرعه الأساسي في القوز وذلك باستضافته معرضاً للفنان خالد حافظ بعنوان {معبد لأيام ممتدة}. تتميز الأعمال الفنية المعروضة بتصوير المقاربات الازدواجية في ما بين الحقبات الزمنية والنمطيات المتنوعة والثقافات المختلفة.
يبتكر حافظ هذه الأعمال دامجاً ما عمل به سابقاً قبل ثماني سنوات من فكر تجريدي مع ما يقدمه حالياً من تصوير هيروغليفي، موضحاً بذلك ميوله الإبداعية نحو تشكيل سياق يجمع لحظة من تشابك عوالم متباينة.
يبتكر حافظ هذه الأعمال دامجاً ما عمل به سابقاً قبل ثماني سنوات من فكر تجريدي مع ما يقدمه حالياً من تصوير هيروغليفي، موضحاً بذلك ميوله الإبداعية نحو تشكيل سياق يجمع لحظة من تشابك عوالم متباينة.
يستحضر الفنان خالد حافظ في أعماله متعددة الوسائط بشكل وضاح تصميمات تشمل صوراً من الأيقونات المصرية، والرحلات الألوهية المتجولة والعابرة بين الطرقات والمصورة على شكل شخصيات رمزية بطولية معاصرة، أو حتى من الحروب العسكرية، إضافة إلى الصور الرمزية الرائجة والمزدحمة الظاهرة في وسائل الإعلام اليوم. يريد حافظ من هذه الشكلية التكوينية أن يقدم صورة توضيحية حول التجديد القائم بين الأزمنة وأن الماضي ليس سوى تكرار مستمر يحمل في ثناياه السكينة المعرفية للزمن الحاضر، وقد يؤدي دوراً مهماً في الكشف عن الركن الخفي الواقع بين التصنع والواقع، والذي يعرفه الفيلسوف الفرنسي جان بودريار بقوله: {المرتبة الثالثة من التجانس} وذلك في أطروحته عام 1981 بعنوان التجانس والمحاكاة، ويؤكد بودريار هنا بأن ثقافة ما بعد الحداثة نمت بشكل اتكالي على نماذج أصلية بدائية ولم تعد قادرة على التمييز ما بين العالم الطبيعي ونظيره المزيف والمصنع.يصور حافظ وجهة نظر بودريار السابقة من خلال ابتكار أشكال مجسمة ومؤنسنة تضيف إلى عمله مظهراً مستقبلياً، فيها ميل واضح نحو النزاع الجمالي، فعمله الفني خال من القيود التقليدية التكوينية والامتثالات اللونية، ومن الممكن في لحظة أن يستشعر المتفرج بحركة رشيقة على سطوح لوحاته التصويرية تذكر بتلك المحفورة على جدارن المعابد القديمة.
يبتكر حافظ في معرضه المقبل تحديداً أعمالاً مليئة بالنزاعات التوافقية تعطي المكان صفة تنسكية هادئة، فمثلاً في عمله بعنوان {سوناتا الدفن في ثلاث حركات عسكرية} 2012 المبتكر بقياس كبير على قماش، يصور من خلال فيديو ويعرض قاسماً العمل إلى ثلاث لوحات مسلطة على ثلاثة جدران ليحيط المتفرج من جميع الجهات مترافقاً مع أصوات جليلة عبارة عن تراكيب لحنية حزينة للمؤلف الموسيقي محمود صالح.تسيطر حالة من السكون في اللحظات الأولى من العرض، ثم لا تلبث شخصيات اللوحة وأبطالها على خلفية شبه فسيفسائية غير منتهية بسبب حالة الطلاء النازفة منها أن تتحرك، ونرى العمل أنثى لا ترتدي من الثياب إلى القليل ومع ذلك تضع غطاء رأس على شكل ملكي فرعوني محدقة من عرشها مباشرة وبجرأة نحو زاوية واحدة بالمقابل تحتلها مجموعة من الأنوبيس {ألهة الموتى عند الفرعونيين} مجسمة على شكل لاعبي كمال الأجسام ذوي العضلات المفتولة. ويريد حافظ من هذا التواجد الشكلي البطولي الإشارة إلى النزاعات الحالية التي تتداول الظهور الجسدي المسرف والذي يقف حائلاً أمام السعي خلف الاستقلالية الفكرية.أما الجزء المركزي لهذا الشكل من عرض لوحة {سوناتا الدفن في ثلاث حركات عسكرية} فيركز على الأشكال الثنائية منها المتجلية من خلال مجموعة متراصفة من القناصة، وحاملي سلاح يعزز ابتكارهم بتلك الحدية الداكنة الإيحاء بلهجة تهديد صارمة. ويترسخ الشعور بهيكلية المكان من خلال وضع عشرة تماثيل نصفية من الحجم الطبيعي تصطف على الأرض ضمن صفين متقابلين، كل منها مرصوف على كومة من الرمل، وتمتد صور ظللية لأبطالها الخارقين نحو رؤوس الأنوبيس، ويتزامن هذا التشكيل مع عرض الفيديو للوحة السابقة. يلمح حافظ من خلال هذا التشكيل النابع من الأرض نحو إلهام بوجود زلزال أيديولوجي من شأنه أن يشير نحو انبعاث تنبؤي للموتى أو كإشارة نحو إعادة خلق الطبيعة.تؤكد أعمال حافظ المفعمة بالغوامض والرموز التاريخية القديمة التعاطف القائم مع المتفرج، وتزيده خيالاً بدءاً من الحالة العبثية للتشكيل باتجاه الحالة التنبؤية الساخرة والعاطفية في آن والمعبأة بالحنين إجمالاً.من الممكن أن يمثل هذا المعرض بشكله الخاص المستند إلى إضفاء القدسية بشكل عام لقطة من مسيرة الإنسان ضمن صيرورة تدميرية لذاته أولاً ولغيره ثانياً من خلال ما يلاحقه من عنف وما يشعر به من نرجسية، أو من الممكن أن يشير نحو السعي وراء الخلاص من خلال إعادة تبعية المجتمعات أصول ما. ومع ذلك ترى الفنان يومئ نحو خامة تفاؤلية قد تتضح بين ثنايا تراكيبه بشكل عام. • من 16 نوفمبر 2015 حتى 14 يناير 2016في سطورولد خالد حافظ في القاهرة بمصر عام 1963. تدرب في مدينة كلية الفنون وحصل لاحقاً على الماجستير في قسم الفنون الرقمية والميديا من معهد ترانس آرت في نيويورك بالولايات المتحدة، ومن جامعة دانوب في كيرمس إستريا. عرضت أعماله في كثير من الفعاليات مثل: بينالي فينيسيا السادس والخمسين 2015، ومهرجان أبو ظبي، بينالي فوتوفيست العالمي الولايات المتحدة 2014، بينالي فينيسيا إيطاليا جناح جزر المالديف 2013، وبينالي هافانا كوبا 2012. كذلك عرضت فيديوهاته وأفلامه في مهرجان روتردام الدولي للأفلام بهولندا 2012، ومهرجان كوبنهاغن للأفلام بالدنمارك 2011، ومهرجان المتحف الأفريقي الحديث للأفلام بالولايات المتحدة 2010. قدم معارض فردية، منها: غاليري شوتر في ألمانيا 2013، غاليري AB في سويسرا 2013، غاليري ميم في الإمارات العربية المتحدة 2013.تتواجد أعماله في أماكن عامة عدة، مثل: المتحف العمومي للفنون في ثيسالونيكي اليونان، والمتحف البريطاني في بريطانيا، مقتنيات ساتش في المملكة المتحدة، ومركز مرايا للفنون في الإمارات العربية، وغيرها.