سقوط الطائرة الروسية بخاصرة الاقتصاد المصري

نشر في 14-11-2015
آخر تحديث 14-11-2015 | 00:01
 مشاري ملفي المطرقّة أثار حادث سقوط الطائرة الروسية في سيناء منذ أسبوعين ضجة عالمية وجدلاً في الأوساط الدولية والسياسية، في ظل غموض أسباب سقوطها لتبقى كل السيناريوهات مطروحة، وكأن لم تسقط طائرة على مر التاريخ إلا تلك الطائرة! فإلى أي زاوية تميل في تفسير أسباب سقوطها؟ هل تنظيم الدولة هو من يقف وراءها؟ هل هناك تقصير أمني مصري لاسيما بمطار شرم الشيخ؟ هل تسعى واشنطن ولندن إلى ترويج ذلك؟ هل هناك مخطط لاستخدام سقوط الطائرة لضرب السياحة في مصر؟ هل هناك مؤامرة دولية صهيونية انقلابية لتدويل سيناء وتسليمها إلى إسرائيل على طبق من ذهب!

نرجع بالتاريخ إلى الوراء فنستذكر تحطم الطائرة الماليزية بسبب شظية جراء انفجار صاروخ، لتسقط بسبب تفريغ الهواء الناجم عن الانفجار الهائل ليكون ضحيتها 298 راكباً، وقتئذ أعلن المتحدث باسم مجلس الأمن الأوكراني أندرية ليسينكو أن هذه المعلومات جاءت من خبراء حللوا بيانات جهازي تسجيل الطائرة التي أسقطت في أراض يسيطر عليها انفصاليون شرق البلاد، وصنف الحادث من مفوضية الأمم المتحدة بأنه جريمة حرب، ورغم ذلك لم يتم تطبيق العقوبات على المتسببين بالدرجة التي طبقت على مصر، وعمل دعاية إعلامية من النوع الآخر، وذلك للإساءة إلى الاقتصاد المصري مخلفة وراءها خسائر فادحة قد تجر مصر إلى التراجع بإيراداتها بالقطاع السياحي إلى ما دون سبعة مليارات دولار التي سجلت خلال العام الماضي.

 ومن هنا يمكن للأمور أن تتضح بأي زاوية تميل أسباب سقوط الطائرة الروسية في سيناء، أما بالنسبة لتنظيم الدولة وتبنيه إسقاط تلك الطائرة، فما هو إلا لزيادة شعبيته في سيناء لإغراق مصر في مزيد من المشاكل الاقتصادية، وزيادة التنظيم في سورية وتعزيز قدراته التعبوية في مواجهة التدخل الروسي، فلا يمكن أن نضع اللوم على عاتق مصر، كما نستبعد تقصير الأمن المصري لأن إيرادات القطاع السياحي المصري تشكل المورد الأول والأساسي بمدينتي شرم الشيخ والغردقة، وبالتالي فما حدث كان وفق تخطيط وتنظيم مدبر لشن حرب من نوع آخر على اقتصاد مصر، فلقد عانى الاقتصاد المصري طوال الفترة الماضية عدة صدمات كان آخرها ارتفاع الدولار أمام الجنيه لتضاف أزمة جديدة سببها سقوط الطائرة التي يتوقع أن تعمق جراح قطاع السياحة بشكل خاص.

وسرعان ما جاءت الأخبار، من فرنسا وألمانيا وبلجيكا وإسبانيا وروسيا، تفيد بمطالبة هذه الدول رعايها بتجنب السفر إلى شرم الشيخ، أما روسيا فكانت صدمة لها من النوع الثقيل التي بدت مصطفة إلى القاهرة في الفترة الأخيرة، وفي أزمة الطائرة خصوصاً، حيث سعى الجانبان إلى نفي فرضية تعرض الطائرة لعمل تخريبي، فقررت روسيا أن تحذو حذو بريطانيا وتجلي رعاياها من مصر ككل، لا شرم الشيخ فقط، كما قررت تعليق رحلات طائراتها إلى هناك، بغض النظر عن الفاعل أو المستفيد أو المتضرر سياسياً واقتصاديا، ولكن للأسف تظل أرواح الأبرياء، مهما كان دينهم وعرقهم، هي أكبر مأساة، حين يتم إزهاقها لتحصيل مكاسب آنية والتقدم خطوة في مواجهة الطرف الآخر في مفاوضات عقيمة على حساب أرواح البشر، ومع ذلك لا يبدو أن هذا سينقذ السياحة التي كانت واحداً من قطاعات قليلة تضع عليها السلطة المصرية آمالها، ولعل الفيديو الذي نشرته صحيفة بريطانية قبل أيام قليلة لاحتفال سائحين بريطانيين بالعودة الآمنة من مصر يبدو معبراً، فقد انقلب الحال وبدا أن الطائرة الروسية سقطت وأسقطت معها كثيراً من الأمن والاطمئنان للمستقبل.

back to top