خلايا الدم الحمراء... ناقلات أدوية متعددة الاستعمالات

نشر في 29-12-2015
آخر تحديث 29-12-2015 | 00:00
No Image Caption
بفضل خلايا دم حمراء تمت هندستها وراثياً للتحول إلى ناقلات أدوية، قد يصبح ابتكار عدد هائل من العلاجات الجديدة ممكناً. وبما أن الخلايا الحمراء الناضجة لا تحمل أي مواد وراثية، يمكن أن تخفف المخاطر أكثر من أي علاجات جينية أو خلوية أخرى. هذه هي الفكرة الكامنة وراء التكنولوجيا التي كشفت عنها شركة Rubius التي أسستها شركة Flagship Ventures منذ 18 شهراً في كامبريدج، ماساتشوستس.

تسعى شركة مبتدئة إلى معالجة أمراض معقدة عبر خلايا دم معدّلة وراثياً. سيستهدف أول دواء تطرحه شركة Rubius مرض «بيلة الفينيل كيتون»، وهو اضطراب وراثي مريع يجعل المصابين به عاجزين عن هضم حمض الفينيل ألانين الأميني الموجود في معظم المأكولات الغنية بالبروتينات. ما لم تُعالَج الحالة، قد يؤدي المرض إلى مجموعة متنوعة وخطيرة من المشاكل الصحية، منها تضرر الدماغ. لكن تقضي الطريقة الوحيدة لمعالجته باتباع حمية صارمة جداً.    

اختبرت الشركة حتى الآن الدواء الذي يعالج مرض «بيلة الفينيل كيتون» على الحيوانات وعلى الدم البشري في المختبر، وهي تسعى إلى بدء اختبارات عيادية في السنة المقبلة. بالإضافة إلى هذا العلاج، طورت شركة Rubiusأكثر من 50 علاجاً مختلفاً انطلاقاً من خلايا الدم الحمراء بحسب قول أفاك قهوجيان، مدير الشركة التنفيذي وأحد الشركاء في Flagship Ventures. يقول إن هذه المقاربة قد تؤدي إلى ابتكار علاجات بيولوجية لمجموعة من المشاكل مثل الاضطرابات الدموية ومشاكل المناعة الذاتية والأمراض المعدية والسرطان.    

ترتكز التكنولوجيا الجديدة على التطورات الأخيرة في مجال تعديل خلايا الدم الحمراء البشرية وراثياً انطلاقاً من الخلايا الجذعية عن طريق الزرع. من خلال استعمال التقنيات البيولوجية الجزيئية القائمة، يستطيع العلماء في شركة Rubius أن يهندسوا خلايا سلفية مأخوذة من نخاع عظمي بشري ويزرعوا خلايا دمٍ تنتج بروتينات علاجية معينة على سطحها أو داخل الخلية. قبل أن تصبح ناضجة بالكامل، ترفض خلايا الدم الحمراء لدى الثدييات المواد الوراثية، ما يعني أن السيطرة على هذا العلاج تزداد سهولة وتتراجع مخاطرها مقارنةً بالعلاجات الأخرى التي تستعمل الخلايا الجذعية والجينات، فقد تؤدي هذه الخيارات إلى نمو أورام وخلايا غير طبيعية.

تجري خلايا الدم الحمراء البشرية لفترة تصل إلى أربعة أشهر، ما يعني أنها قد تشكّل أساساً للعلاجات على المدى الطويل. يمكن أن تصل الخلايا إلى أي مكان من الجسم عبر مجرى الدم ويمكن أن تحمي العنصر العلاجي من جهاز المناعة.

في ما يخص مرض {بيلة الفينيل كيتون»، حدد الباحثون أنزيمات تستطيع تفكيك الفينيل ألانين، لكن لا يمكن أن نحقن أنزيماً في مجرى الدم لأن الجسم سيتخلص منه بسرعة ويمكن أن ينتج ردة فعل مناعية من شأنها أن تجعل العلاجات المستقبلية التي تستعمل ذلك الأنزيم غير نافعة بحسب قول هارفي لوديش، أستاذ في علم الأحياء والهندسة الحيوية في «معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا» وعضو في «معهد وايتهيد للأبحاث الطبية الحيوية». لوديش أحد مؤسسي شركة Rubius وعضو في مجلس إدارتها وهو يعتبر أن هندسة خلايا الدم الحمراء لإنتاج الأنزيم المنشود تعالج المشكلتين معاً.

تشير الاختبارات على الحيوانات إلى أن خلايا الدم الحمراء المُهندَسة قد تكون علاجاً قوياً جداً لمجموعة من الأمراض. يقول لوديش إن الدراسة التي أجراها مختبره ولم تُنْشَر بعد أثبتت أن الخلايا المعدّلة لإنتاج جسم مضاد لسم بكتيري محدد تجعل الفئران تقاوم الجرعة القاتلة من ذلك السم بنسبة مضاعفة.

لا بد من مرور بضعة أسابيع كي تنمو الخلايا التي تنتج بروتيناً مهماً جديداً: إنها العملية التي يسميها قهوجيان {النمذجة السريعة}. لا تزال الشركة متكتّمة بشأن العلاجات المرتقبة الأخرى، لكن يقول قهوجيان إن قدرة الأدوية الجديدة التي تستعمل خلايا الدم الحمراء {لا يحدّها إلا خيالنا}!

back to top