عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر الدكتور محمود مهنا لـ الجريدة.: الأمة مستهدفة والغرب يُغذي الصراعات الطائفية والمذهبية

نشر في 17-07-2015 | 00:01
آخر تحديث 17-07-2015 | 00:01
No Image Caption
«الإسلام لا يكون صحيحاً إلا بنطق الشهادتين ومن لا يؤمن بذلك كافر»
قال عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر الدكتور محمود مهنا، إن إيران يجب أن تتوقف عن تغذية الصراع الطائفي والتبشير الشيعي في بعض المناطق، مؤكداً في حوار مع "الجريدة"، أن الأمة الإسلامية والعربية مستهدفة من أعدائها، ودعا مهنا إلى ضرورة استصدار قانون يجرم الإفتاء لغير المتخصصين للتصدي لفوضى الفتاوى التي انتشرت على نطاق واسع في عالمنا العربي والإسلامي، وفيما يلي تفاصيل نص الحوار.

• كيف ترون الأعمال الدرامية التي تجسد شخصيات الأنبياء؟

- لا يجوز تجسيد الأنبياء والرسل، وهذا بإجماع هيئة كبار العلماء ومجمع البحوث الإسلامية في الأزهر الشريف، والقائمون على تلك الأعمال آثمون شرعاً لما في تلك الأعمال من إساءة لشخصيات الأنبياء وتقزيم لدورهم.

• ماذا عن الترويج والدعاية لتلك الأعمال؟

- إن الترويج والدعاية لهذه الأفلام معصية لا يرضى الله عنها، وأيضاً سيقع هذا الإثم على كل من يشاهد مثل هذه الأفلام ومن سيقوم بعرضها.

• ما الحكمة من منع تجسيد شخصيات الرسل؟

- أتساءل كيف يقوم الممثل بتجسيد شخصية أحد الأنبياء وبعدها يؤدي دور عربيد أو بلطجي في الأعمال الأخرى، فكيف يجسد الممثل كريستيان بيل شخصية سيدنا موسى في فيلم "الخروج... ملوك وآلهة" مثلا ثم قبلها وبعدها يؤدي أدواراً تدعو إلى الخلاعة والمجون، علاوة على أن الفيلم نفسه يحوي مغالطات تاريخية، فضلا عن عدم إلمام القائمين على العمل بالجانب الغيبي والوحي في حياة الأنبياء والرسل، وأنا أقدم التحية لكل الدول العربية التي منعت عرض هذا الفيلم.

• كيف يمكن التصدي لفوضى الفتاوى التي انتشرت مؤخرا؟

- أدعو مراراً وتكراراً إلى ضرورة استصدار مشروع بقانون يجرم الإفتاء على غير المتخصصين للتصدي لفوضى الفتاوى المسيئة للدين، وقصر أمر الفتوى على دور الإفتاء والمجامع الفقهية المعتبرة في دولنا الإسلامية، منعا للبلبلة والفوضى، فتلك الهيئات هي التي تناقش القضايا المستجدة وتوضح رأي الشرع فيها.

• مؤخرا زادت وتيرة الهجوم على السنة النبوية لا سيما أحاديث صحيح البخاري... فما رأيكم؟

- كلها حملات مغرضة تهدف للنيل من الدين والتشكيك في السنة النبوية ضمن مخطط هدم الإسلام والإساءة إليه، وأنا أعيب على علماء وأساتذة الحديث المتخصصين غيابهم عن المشهد وانشغالهم بأمور الحياة وعدم الرد بالحجة والدليل على تطاول المشككين في صحيح البخاري وفي السنة النبوية.

• هل أنت راض عن مستوى مشايخنا وعلمائنا المعتدلين في وسائل الإعلام؟

- طبعا المساحات التي تخصص للعلماء محدودة جدا وتكاد تكون معدومة، ونحن في أمس الحاجة لإبراز سماحة الإسلام واعتداله وتصحيح المفاهيم المغلوطة عن الدين التي يحاول المتشددون والمتطرفون إلصاقها بالدين وهو منهم براء، وأطالب بوجود تنسيق بين وسائل الإعلام والمؤسسات الدينية حتى لا يسمح لغير المتخصصين بالظهور في وسائل الإعلام.

• إلى أي مدى ترى أن المؤسسات الدينية قادرة وحدها على مواجهة الفكر التكفيري؟

- لا بد من اصطفاف كل الدول العربية وأجهزتها لمعاونة المؤسسات الدينية للقيام بدورها والوصول إلى كل ربوع الأمة، بهدف التصدي للأفكار الشاذة والمتطرفة، مع وقف غير المتخصصين ممن يثيرون البلبلة لدى الناس في أمور دينهم.

• ما موقف هيئة كبار العلماء من الشيعة؟

- طالبنا المرجعيات الشيعية في العراق وإيران بإصدار فتاوى صريحة تحرم بشكل قاطع سب الصحابة وأمهات المؤمنين ورموز أهل السنة، والتوقف عن محاولات نشر المذهب الشيعي في البلاد السنية.

• كيف تفسر الصراع السني الشيعي في بعض الدول العربية؟

- الأمة الإسلامية مستهدفة والغرب كثيراً ما يحاول خلق صراعات طائفية ومذهبية في الدول العربية والإسلامية لمصلحة أعداء الأمة، وعلى علماء المسلمين ضرورة تدارك الخلاف بين السنة والشيعة الذي يمزق الأمة الإسلامية، ويحول دون التفاهم والحوار بين المذهبين.

• ما دور العلماء تجاه هذا التوتر المذهبي في المنطقة؟

- مجلس حكماء المسلمين برئاسة شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، طالب إيران بعدم التدخل في شؤون دول المنطقة، لاسيما دول الخليج، وعدم تغذية الصراع الطائفي، كما أن شيخ الأزهر يسعى إلى لم شمل المسلمين وتوحيدهم وجمع كلمتهم، حتى تنعم الأمة الإسلامية بالأمن والسلام، والأزهر الشريف على أتم استعداد، إذا خلصت النيات، لجمع علماء السنة والشيعة للتصدي للأمور التي تفرق بينهما وتجعل كلاً منهما في مواجهة الآخر.

• ما رأيك في القول بأن المسلم هو كل من يشهد بأن لا إله إلا الله؟

- هذا الزعم ينبئ عن فكر منحرف يسيء إلى الإسلام وعلمائه، لأن فيه مخالفة جريئة للنصوص الصريحة من الكتاب والسنة، ففي القرآن الكريم آيات كثيرة تدل دلالة صريحة على أن الشهادة هي "شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله"، وهي ركن الإسلام الأول الذي هو رسالة محمد (ص)، ودون الإقرار بهاتين الشهادتين معا لا يكون الإنسان مسلماً مؤمناً بمحمد (ص) وبرسالته.

• لكن هناك من يستند في رأيه إلى قول الله تعالى: "هو سماكم المسلمين"؟

- يقصد بتلك الآية الكريمة أن الله تعالى هو الذي أطلق علينا المسلمين، والدين عند الله هو الإسلام، وهناك شرائع سماوية نزلت للأمم السابقة مثل اليهود والمسيحيين، ودين الأنبياء الـ25 الذين ذكرهم القرآن جميعاً هو الإسلام، ومن يدعي ذلك يناقض حديث رسول الله (ص) حينما قال: "بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً"، كما يناقض قوله تعالى: "قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ" (الرعد: 43)، كما يخالف قول الله تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا" (الأحزاب: 45)، وقوله تعالى: "قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ" (التوبة: 65).

 كما أن أعرابياً جاء للنبي (ص)، قائلاً: "يا رسول الله إن أمور الإسلام قد شقت عليّ، مُرني بشيء يسير، فقال له الرسول: تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً".

• ألا يكون مسلماً من نطق شهادة "لا إله إلا الله" فقط؟

 - من نطق شهادة "لا إله إلا الله" فقط هو كافر، ومن يعتقد أن الشهادة الواحدة تكفي هو كافر، فالإسلام لا يكون صحيحاً إلا بنطق الشهادتين، ومن لا يؤمن بذلك هو صاحب فكر خرب ولا يُعتد به.

back to top