ليتيسيا كاستا: لا يزعجني أن أبدو امرأة مغرية
خلال حوارها مع الكاتب نيكولاس راي
شاهدنا صوراً كثيرة لها ولطالما تمنّينا نظرة منها. قرر الكاتب نيكولاس راي المعروف برواياته الساحرة والوحشية الغوص في حقيقة ليتيسيا كاستا. أخرجت هذه الممثلة التي كانت الوجه الإعلاني لعطر L’Extase من ماركة “نينا ريتشي” أول فيلم قصير لها بعنوان En moi (في داخلي). ما كانت دوافعها؟ حوار معها في مجلة ماري كلير.
نيكولاس راي: في فيلمك القصير الذي عُرض في مهرجان “كان”، نتابع قصة مخرج قلق ومُحبَط يبحث عن ممثلة تستطيع أخيراً التفوّه بأقوال صائبة.ليتيسيا كاستا: نعم، هذا صحيح. في فيلم Paris, Texas للمخرج ويم ويندرز، هربت امرأة بحثاً عن أمر معيّن وعن مكان تضع فيه أمتعتها. يمكن اختصار كل شيء بهذه الفكرة. لطالما كنت أبحث عن المطلق مع أن هذا البحث يتناقض مع مجال عملي. لكني أحاول إيجاد شكل من الحرية والعدل داخل هذه المعمعة كلها. لِنَقُل إنني متناقضة جداً.
ما هو جوهر الموضوع؟لا بد من تحديد جميع التفاصيل. يرتكز الناس في هذه المهنة على مراجع ثابتة تحدد ما يجب أن تكون عليه المرأة أو ما يجب أن تشبهه. لكن لطالما تمرّدتُ على هذا الواقع. أتناول هذا الموضوع في فيلمي.أخبرينا عن لقائك بالمخرج باسكال توماس.كنت أؤدي دور “أوندين” على المسرح. فجاء لرؤيتي وأخرج من جيبه سيناريو فيلمLe Grand appartement (الشقة الكبيرة). كان العمل يروي قصته لكنه أسقطها على شخصية نسائية. أحببتُ تلك الشخصية التي تناضل وتحاول إرضاء الجميع كي تصمد. بدأتُ أكتشف عالم السينما حينها وكنت جديدة في هذا المجال. لكن لطالما شعرتُ بوجود فجوة معينة. لم أعرف أين يجب أن أجلس. في لعبة الكراسي، لطالما كنت الشخص الذي يبقى واقفاً!في عالم الأزياء، يكفي أن تأخذي التعليمات عن مكان جلوسك.لا أوافق على هذه الفكرة: منذ عمر الرابعة عشرة، تعلّمتُ أن أضع وجهي تحت درجة معينة من الأضواء ويمكن أن أتحدث لساعات عن مكان تثبيت الهدف. يصبح الجسم في هذه الحالة أداةً تقودنا إلى فكرة مثيرة للاهتمام وشبه شاعرية. حين أصل إلى الاستوديو للخضوع لجلسة تصوير، أشعر بالرهبة.حتى الآن؟طبعاً! لا أعرف إذا كنت سأرقى إلى مستوى التوقعات أو سأقدّم ما ينتظره المصور مني. علّمتني هذه المهنة أن أؤدي شخصيات مختلفة. بدأ كل شيء من هنا. لكنّ التمثيل في السينما أكثر بساطة. فعلاً؟نعم لأن كل شيء مكتوب. يصطحبوننا ويخبروننا القصة ويقولون لنا ما يريدونه منا. العملية سهلة جداً. لكنّ العارضة مضطرة لاختراع كل شيء بنفسها! يظن الجميع أنها مهنة سهلة لكنها شاقة جداً كونها تتطلب ابتكار الشخصيات ورفع مستوى العروض. لإعطاء نظرة عميقة، لا بد من تكوين فكرة دقيقة.وللتمثيل في فيلم Une Histoire d’amour (قصة حب) مع بونوا بولفورد، يجب أن تتمتعي بأعصاب قوية؟أفضّل التمثيل مع بونوا بولفورد على مواجهة مواقف مريعة بكل صراحة.توحين بأنك امرأة مغرية. هل تزعجك هذه الصفة؟ لا بأس بأن أبدو امرأة مغرية. ثمة صفات أسوأ كما تعلم.هل يختلف استعدادك الجسدي لأدوارك في السينما ولعروض الأزياء؟لا فرق بين المجالَين. ما إن أوافق على المشروع، ألتزم به وأعطي من كل قلبي.بما أنك تتحدثين عن عالم الأزياء، ماذا تقولين عن إيف سان لوران الذي كان ركناً أساسياً في هذا العالم؟من حسن حظي أنني قابلتُه وإلا لما كنت ما أنا عليه اليوم. كان إنساناً راقياً ونادراً. كان يمد يده لمساعدة كل من يحتاج إليه. كان خليطاً من الخجل والتواضع. كان يكفي أن يتفوّه بثلاث أو أربع عبارات كي يحدد مسار حياتك. أشتاق إليه كثيراً.هل تفكرين به كثيراً؟نعم كثيراً! أفكر بأشعاره وبنظرته الطفولية إلى العالم وجنونه وعصبيته. لم أكن أشعر معه بالوحدة.هل كان مراوغاً؟كان مراوغاً جداً. كان يمكن أن يصبح شريراً أيضاً لكنه يبقى مضحكاً.هل توافقينها الرأي؟لم تتزوجي يوماً لهذا السبب: لأنك تعتبرين الحب جدياً جداً.نعم أعتبر الحب أساسياً.لا يمكن الاستخفاف بالحب بنظرك.طبعاً لا. لكن مع مرور الوقت، تتغير أفكار كثيرة أليس كذلك؟نعم. لا تكفّ أفكارنا عن التغير. قلتِ مرّة: “في الحب، شعرتُ أنني محارِبة. ظننت أنني مضطرة لتحقيق ما أريده عن طريق القوة. لكن انتهى الأمر الآن. أنا أستسلم”.أستسلم؟ نعم، هذا صحيح، أتذكّر أنني قلتُ هذا الكلام. لِنَقُل إنني لم أعد واثقة بأفكاري بالقدر نفسه.نشعر أحياناً أننا نستطيع تصويرك آلاف المرات طوال ساعات... ثمة غموض لا يمكن تفسيره فيك.نعم، لكني أعطي من كل قلبي. صدّقني. نميل إلى تبسيط كل شيء والتعبير عنه شفهياً. أحب أن تبقى بعض الأمور عالقة. لسنا مضطرين لإيجاد تعريف لكل مقاربة نتّخذها. يجب أن نترك مجالاً لكل ما هو مطلق وشاعري وجنوني ويجب أن نبطئ مسارنا أيضاً.نعم البطء مهم أيضاً، لكن يرفضه هذا العصر: يجب أن نكون فاعلين كل ثلاث دقائق. ينطبق المبدأ نفسه على السينما: النشاط مطلوب كل ثلاث دقائق وإلا تحلّ الكارثة!ألا تلاحظ أن الحياة بجميع جوانبها أصبحت كذلك؟ ينتظر منا الجميع نتائج متواصلة.ماذا تقترحين بدل هذه المقاربة؟عدم القيام بشيء... أو قراءة كتاب! في الفترة الأخيرة، كنت أقرأ في جنوب إيطاليا أمام باب كنيسة وشاهدتُ مجنوناً وسط الناس. اتّجه نحوي كي يهمس في أذني أنه يعيش في دوامة. كان الموقف مقلقاً. إنها لحظة غير متوقعة في الحياة. ما أحبه أيضاً في مهنتي هو استكشاف مجالات غير مألوفة.ليتيسيا، يجب أن نعود إلى أرض الواقع: أريد أن أطرح عليك بعض الأسئلة الجمالية.لا أحب هذا النوع من المواضيع.في آخر إعلان لعطر L’Extase من ماركة “نينا ريتشي”، كيف استعدّيتِ كي تصبحي مغرية لهذه الدرجة؟ إذا طلب مخرج من ممثلة أن تكون مغرية، ستعجز عن ذلك. الأمر أشبه بادعاء الحب. من الجنون أن يطلب هؤلاء أمراً مماثلاً.ما الذي دفعك في ذلك الإعلان نفسه إلى تقبّل دور المرأة المغرية التي تدّعي الشعور بالنشوة؟أنا لا أدّعي الشعور بالنشوة مطلقاً.ما معنى النشوة بنظرك؟ وأين يمكن إيجادها؟حين أطلق أي مشروع مهم أو أتواجد على شرفة في إيطاليا مع طبق لذيذ من المعكرونة أو أتّحد مع رجل... هذا هو معنى النشوة الحقيقي.ما الذي تعلّمتِه من والدتك عن الجمال وما الذي تريدين تعليمه لابنتك؟علّمتني والدتي مسائل أهم من الجمال. لقد علّمتني دروساً في الحياة.هل تعتبرين أن معايير الجمال تغيرت منذ أن بدأتِ مهنتك؟نعم. اليوم، لم تعد المعايير موجودة. يمكن تعديل جميع الشوائب، لذا أصبح كل شيء اصطناعياً.شكراً على المقابلة ليتيسيا.لا شكر على واجب.اعذريني إذا أفسدتُ صباحك.لم تفسد شيئاً!
نصائح بريجيت باردو
عن علاقتها بالنجمة بريجيت باردو قالت: كانت تتكلم بعفوية فائقة وكأنها تفشي لي بأسرارها. كانت تقول لي: “في مطلق الأحوال، لن يعتبروك ممثلة جيدة قبل عمر الخمسين. لذا لا نفع من تشويه جمالك في الأفلام: استفيدي من الفرص! أنا استفدتُ من الرجال لأنني كنت أعلم أن شيئاً لن يدوم”. استفادت باردو من كل شيء ولم ترفض ما قُدّم لها. كان سلوكها قوياً في عصرها. أما اليوم، فقد أصبح معياراً شائعاً. لكن بالنسبة إليها كان الزواج التزاماً ثابتاً ولا مجال فيه للطلاق.
من حسن حظي أنني قابلتُ إيف سان لوران وإلا لما كنت ما أنا عليه اليوم
كانت باردو تتكلم بعفوية فائقة وكأنها تفشي لي بأسرارها
كانت باردو تتكلم بعفوية فائقة وكأنها تفشي لي بأسرارها