صورة لها تاريخ : دركال بن حيدر: اليومية ربع روبية (أقل من عشرين فلساً) إلى روبية وربع في الثلاثينيات

نشر في 26-06-2015
آخر تحديث 26-06-2015 | 00:05
وثق الكاتب محمد عبدالهادي جمال في كتابه القيم "الحرف والمهن والأنشطة التجارية القديمة في الكويت" نشاط الدركال الذي بدأت الحديث عنه في مقال الأسبوع الماضي.

وقد ورد في كتاب الأستاذ جمال معلومات قيمة عن الدركال وماهيته، لذلك أدعو من هو مهتم بهذا العمل التاريخي أن يطلع على هذا الكتاب لمعرفة التفاصيل الخاصة بهذه المهنة الشاقة. ومما ورد في الكتاب أن هذه المهنة "شكلت مصدراً مهماً للرزق للمئات من الكويتيين الذين انخرطوا في هذه المهنة الشاقة عندما وصلت الأوضاع الاقتصادية إلى أسوأ مستوى لها في تلك الفترة، فكان الشيب والشباب من كل الأحياء يتوجهون بعد صلاة الفجر، أو ربما قبل ذلك، إلى مواقع العمل علهم يحصلون على عمل يقتاتون من ورائه".

 ويعزز العم عبدالعزيز صالح الصلاحات (مواليد عام 1929) هذا القول فيقول إنه كان يرافق أخاه الأكبر "خليفة" رحمه الله حيث كانا ينطلقان من المطبة بالحي الشرقي قبل صلاة الفجر، ويصليان الفجر في مسجد الملا صالح في الصالحية كسباً للوقت، ولكي لا يفوتهما التسجيل للعمل مع الشركة في ذلك اليوم. ويقول إنهما كانا يمشيان على أقدامهما على امتداد شارع دسمان ثم شارع فهد السالم، ويستمران في السير إلى أن يصلا إلى بوابة الجهراء ثم إلى موقع الدركال في الشويخ، ويعودان من نفس الطريق بعد انتهاء العمل بعد يوم كامل من العمل المضني.  

ويضيف العم "أبو وليد" أن العمل كان يبدأ في الصباح مع شروق الشمس والموقع يكتظ بالعمال والحركة الدؤوبة، إذ يقوم بعض العمال بحفر الأرض ووضع الرمل في الزبلان (جمع زبيل) أو "فرخ اليلة"، ويساعد شخصان العامل لكي يحمل الزبيل على ظهره، ومن ثم ينقله بمفرده إلى الدوبة بالصعود على الدواسة القوية ويلقي بالرمل على سطح الدوبة، ويستمر في مشيه بشكل دائري لينزل من الدوبة على دواسة أخرى إلى الساحل، ليقوم بنقل درب آخر دون توقف إلا عند الظهر للصلاة والغداء.

وتم استحداث عربات النقل الخشبية بعد ذلك، واستخدمت في نقل الرمل من الدركال إلى الساحل، وكان العامل يدفع "العربانة" على خط سكة حديد لتسهيل حركتها فوق الرمال. وفي كل ذلك يوجد "تنديل" وهو مراقب أو ملاحظ مهمته مراقبة العمل والعمال ولا يترك فرصة إلا وصاح بالعمال لتشجيعهم على العمل أو نهيهم عن التوقف عن العمل للاستراحة أو لقضاء الحاجة أو ما شابه ذلك.

ويقول جمال في كتابه: "ولا يكاد العامل يلتفت أو يقف للاستراحة أو يذهب لقضاء الحاجة إلا ويتلقى اللوم والتأنيب على تهاونه بالعمل من قبل التنديل، ما يؤدي إلى عدم اختياره في اليوم التالي".

ويقول العم عبدالعزيز الصلاحات إنه كان يتقاضى روبية واحدة في اليوم نظير العمل في الدركال، وكذلك يقول العم عبدالعزيز بن ناصر الراشد، إلا أن العامل في بداية العمل في الدركال في بنيد القار كان يتسلم 6 آنات، ثم أصبح يتسلم 12 آنة، ثم روبية واحدة في الثلاثينيات (الروبية 16 آنة وتعادل 75 فلساً).

أما العامل الذي يصعد على الدواسة لنقل الرمل إلى سطح الدوبة، فإنه يستحق روبية وربعاً عن يوم عمل كامل. ومن التنديلية الذين يذكرهم العم عبدالعزيز الصلاحات ابن بداح وعبدالعزيز الربيّع.

هذه بعض الذكريات عن مهنة شاقة في الكويت مارسها رجال كرام لم يتورعوا عن العمل الشريف من أجل العيش الكريم.

back to top