ترانيم أعرابي: لماذا ترانيم أعرابي!

نشر في 15-09-2015
آخر تحديث 15-09-2015 | 00:07
كان الشق الأول من العنوان «ترانيم» تفاؤلا بأن تمر المقالات التي أكتبها على أسماعكم كالألحان الجميلة التي تترك وقعاً في النفوس ولا تثقل عليها! أما شقّ العنوان الثاني فهو لأن الأعراب كانوا على سجاياهم، ولهم في سرعة البديهة نصيب، وفي الصراحة وطن؛ ولهذا أحببت أن يجتمع في كل مقال مزيج بين اللحن الجميل وصراحة الأعراب.
 عبدالرحمن محمد الإبراهيم فكرت كثيراً واستشرت بعض الفضلاء، ماذا يمكن أن أضع عنوانا دائماً لزاويتي الأسبوعية، حار فكري بين عناوين عديدة منها "شوارد" الأفكار، وهو العنوان الذي حاز أغلبية أصوات من استشرتهم، وبين "ترانيم أعرابي" و"إيماض الكلم"، وفي مقابل تلك كانت بعض العناوين الأخرى التي لها في قلبي مكان، خصوصا تلك التي التصقت بأديب الفقهاء وفقيه الأدباء حبيبي الشيخ علي الطنطاوي، رحمه الله، منها "هتاف المجد" و"صور وخواطر" و"من حديث النفس".

جالت الخواطر في العقل حتى استقر على الخروج من عباءة الشيخ الطنطاوي وكنفه رغم عشقي اللا محدود لكتبه، وقررت الذهاب مع عنوان "ترانيم أعرابي"، وسببه أن لي مؤلفين صغيرين هما "ترانيم قلب" و"أعرابي في بلاد الإنجليز" وكلاهما كانت له قصة قد أحدثكم بها في مقالات لاحقة.

الترانيم مفردها ترنيمة، وفي بعض المعاجم يعرفون "الترنيمة" بأنها لحن خفيف صغير، ولهذا كان الشق الأول من العنوان "ترانيم" تفاؤلا بأن تمر المقالات التي أكتبها على أسماعكم كالألحان الجميلة التي تترك وقعاً في النفوس ولا تثقل عليها! أما شقّ العنوان الثاني فهو لأن الأعراب كانوا على سجاياهم، ولهم في سرعة البديهة نصيب، وفي الصراحة وطن؛ ولهذا أحببت أن يجتمع في كل مقال مزيج بين اللحن الجميل الذي يؤثر في قلب القارئ وصراحة الأعراب التي تصل إلى عقولهم، وأتمنى أن أستطيع أن أصل إلى الهدف ولو بعد حين!

والأعرابيّ كذلك كناية عن التمسك بقيم العرب الكريمة، التي ترفع قدر المرء في سُلّم المكرمات، فكيف إذا اقترنت هذه القيم بأخلاق الإسلام الراقية، عندها يكون الأعرابيّ حاز خير الدنيا حين انتقل من اتساع الصحراء المقفر إلى ضيق المدينة المزهر، فكلنا أعراب ما دمنا نحمل الخلق الرفيع، ونؤمن بالدين القويم. ولا أملك سوى أنْ أترحَّم على فقيه الأدباء علي الطنطاوي رحمه الله، فهو صاحب فكرة العنوان حينما كتب مقالين مشابهين عنونهما بـ"أعرابيٌّ في الحمام" و"أعرابيٌّ في السينما" في كتابه الرائع "صور وخواطر" جمعنا الله وإياه- أعراباً كنا أم أهل حاضرةٍ- في جنات النعيم.

أما الترانيم فقد تكون كهذه الترنيمة التي تتحدث عن الألم وتشرحه، إذ إن الألم شعور جميل يبدع فيه الشاعر ويرسم بحروفه لوحة ينبهر أمامها القارئ ويحب سماعها العاشق! والألم أيضا مصدر إلهام، فكم من مبدع عاش حياته متألماً بائسا، وختم حياته مبتهجاً عالما... رغم قسوتك معنا أيها الألم فإنك فرد من عائلتنا الكبيرة، عائلة المشاعر ولا ننكر حبنا لك؛ لأننا إن لم نشعر بك فلن نتعلم معنى الحب ولا معنى الصبر، فأنت معلم لكل تلميذ عرف كيف يفهم درسك، ومدربٌ لكل نفسٍ تريد الرقي في الحياة، فنعم الأمل أنت يا ألم؟!

أما ختام ترانيم الأعرابي فيسكون بـ"شوارد" حتى لا يجد أحد ممن استشرتهم في نفسه شيئاً، و"الشوارد" في موروثنا الثقافي والتاريخي وحتى اللغوي كثيرة، وشاردة هذا المقال ستكون عن الأعراب، إذ إنهم حجر زاوية في قلمي.

«شوارد»:

دقّ أعرابي على دار أحدهم، فقال له صاحبها: ليس ها هنا أحد، فقال الأعرابي: إنك لأحدٌ لو جعل الله فيك بركة!

back to top