«المصارف» تدفع فاتورة تردي أوضاع البورصة... فما العمل؟

نشر في 24-06-2015 | 00:05
آخر تحديث 24-06-2015 | 00:05
No Image Caption
● فتح نسب التركزات أمام الصناديق يمكن أن يحسّن دورة السيولة نسبياً

● تسريع إطلاق صانع السوق لتحقيق قيمة عادلة لبعض الأصول
يبدو أن قدر القطاع المصرفي ومساهميه أن يتحمل فاتورة الأزمة المالية بمفرده والتداعيات المستمرة منذ نحو 7 سنوات على سوق الكويت للأوراق المالية من دون أي مبادرات يمكن أن تحل الأزمة وتعوم الوضع الاقتصادي المأزوم.

عشية إقفالات النتائج نصف السنوية، وعلى بعد أسبوع تداول فقط للبورصة، ومن واقع مستويات السيولة التي بدأها في أول أيام رمضان، فإن الأداء يتخذ منحى سلبيا.

ومما لا شك فيه أن أسعار الأسهم القيادية والممتازة آخذة في التدهور والتراجع، وهي تشكل أغلبية كبيرة من رهونات لدى القطاع المصرفي.

ليس سرا أنه مع كل تراجع أو اضطراب إضافي للبورصة تتحقق بعض الانكشافات يترتب عليها بعض الضغوط من المصارف على العملاء طلبا في تغطيات إضافية للضمانات أو خفض مستويات الدين.

في المقابل تقول مصادر مالية إن بعض الشركات لم يعد لديها ما تقدمه من ضمانات أو رهونات إضافية، حيث استنزفت الغالبية ما لديها من أصول يمكن أن تقوم بتسييلها أو مقايضتها مع البنوك «أصل مقابل دين»، وهي تعيش على أمل منذ سنوت في تحسن مستويات أسعار الأصول. إلا أن ذلك لم يحدث في ضوء الوضع شبه المتجمد. وقال مصرفي في تصريحات لـ«الجريدة» إن الوضع الحالي للسوق مأساوي، مشيرا الى أن الأزمة واستمرارية تدهور أوضاع السوق المالي يستنزفان جهود المصارف في مواجهة المخاطر والتحديات والتداعيات الناجمة عن سوء أوضاع السوق وتحديدا تدهور قيم الأصول والتراجعات الحادة للأسعار التي لا تعكس غالبيتها القيم الحقيقية لبعض الشركات التشغيلية.

تعاون الرقابة

ربما من نافل القول إن الوضع بات يحتاج إلى تعاون الجهات الرقابية أكثر من أي جهات أخرى، بعد أن باتت هناك حالة يأس من أي تدخل حكومي أو معالجة من خلال خطة شاملة يمكن أن تحسن الوضع الاقتصادي، وتقود بالتالي الى استعادة الثقة بالسوق والعودة الى الاستثمار من جديد في الفرص الجيدة، ولاسيما ذات العوائد التي تقل عن مستوياتها السعرية العادلة.

مصدر مالي يقول إن تدهور السوق المالي حاليا ليس في مصلحة أي طرف بما فيها الجهات الرقابية التي تحصل على إيرادات من السوق بطريق غير مباشر.

وطالبت المصادر المالية بإمكان إعادة النظر في بعض التعليمات والقرارات المعلنة حاليا، والتي هي قيد التطبيق مراعاة لظروف السوق المأزوم.

وأضافت أنه من غير المنطقي تطبيق تعليمات واحدة في كل الظروف والأوضاع، بحيث تنفذ التعليمات ذاتها هي وقت الرواج ووقت الأزمات، مشيرة الى أن في الإجراءات التي اتخذتها الولايات المتحدة الأميركية أسوة، سواء في خفض الفائدة الى أدنى مستوياتها أو حزم التحفيز المالي وبرامج التيسير الكمي التي طبقت أو شراء الأصول وغيرها من الإجراءات.

مصادر مالية تتحدث عن أن جملة من السياسات المالية والرقابية والإجرائية مطلوب النظر فيها لمصلحة السوق وإعادة الثقة من جديد، وتحفيز النشاط الاقتصادي وتخفيف العبء عن كاهل البنوك التي تحملت أكثر من 75 في المئة من تداعيات الأزمة.

أبرز الإجراءات

ومن أبرز الخطوات الإجرائية المطلوبة ما يلي:

1 - تسريع إخراج الأطر المنظمة لصانع السوق بشكل عاجل، وأن يكون من دون تعقيدات، وذلك تشجيعا لتفعيل هذه الأداة والدور المنوط بها، وتحفيز المجاميع المالية على تطبيقها على أرض الواقع، وخصوصا أن غالبية الشركات المالية هجرت الأدوات التي كان معمولا بها أو هي ماتت اكلينيكيا بسبب العزوف اللافت عنها مثل «الأجل – البيوع المستقبلية – الأوبشن»، إضافة الى تصفية الصناديق الاستثمارية، وذلك كله نتاج ضغوط وتشدد قوانين وتعليمات وأطر وإجراءات معقدة لا تناسب المرحلة الحالية، بل تتناسب مع وضع صحي وسليم للسوق المالي والاقتصاد ككل.

وتجدر الإشارة الى أن صانع السوق من شأن تداعياته الإيجابية أن يحقق توازنا في مستويات السيولة، ويستعيد جزءا من الثقة المفقودة، ويحسن من نفسيات المستثمرين، مرورا بتحديد أسعار عادلة للأصول المتدهورة لأسباب تبدو غير فنية بحتة.

2 - إعادة النظر في بعض التعليمات والقرارات المتعلقة بتركزات النسب لدى الصناديق المالية، وترك حرية اتخاذ القرار الاستثماري لهيئة إدارة الصندوق، حيث إن بعض التعليمات تحد من إمكان زيادة حصص الصناديق في رؤوس أموال بعض الشركات جمد نشاط الصناديق من جهة، وغل يدها في القيام بالدفاع عن المستويات السعرية لأسعار أسهم لديها بمستويات عالية تهاوت بفعل عمليات تسييل من جانب بنوك، أو خروج أفراد أو غيرها من معطيات وآليات السوق، لكن الواضح أن جزءا كبير من تراجع أسعارها هي أسباب بعيدة عن الأداء المالي للشركة، بدليل تنامي أرباح العديد من الشركات التشغيلية ومحافظتها على توزيعات نقدية سنويا.

 3 - توصيف مفاهيم واضحة لبعض الأمور الغامضة كالمضاربة، حيث باتت محافظ مالية وصناديق تخشى التعامل في السوق بيعا وشراء من محاسبتها أو إحالتها الى مجالس التأديب والمحاكم، بحجة قيامها بعمليات بيع وشراء على هذا السهم أو ذاك.

عرض وطلب

علما بأن بعض المحافظ التابعة لبعض المجاميع العائلية كان من بين الأدوار التي تقوم بها هي القيام بدور صانع سوق على أسهمها، وممارسة هذا الدور في إطار محدد يضمن سائلية السوق من جهة وتوازن في العرض والطلب، وتحقيق مستوى سعري عادل، لكن مصدرا قياديا في أحد المجاميع المالية يؤكد تلاشي هذا الدور تماما بسبب غموض بعض التعليمات والقوانين التي يعد هذا الأمر من التلاعبات، وقد تعاقب الشركة عليه.

إذ إن المطلوب هو إعادة القوى المؤثرة في دورة التداول في البورصة، بعد ان سجلت تعاملات السوق نهاية الأسبوع الماضي 6.8 ملايين كقيمة نقدية للتداول، وهو أدنى مستوى، حيث عاد ولامس مستويات شهدها السوق قبل 12 عاما تقريبا مع تكرارها في تعاملات فائتة في رمضان خلال العام الماضي أيضا.

4 – وضع خطة تنسيقية بين مختلف الجهات والهيئات الرقابية لتحقيق تناغم بين التعليمات وحل التشابكات والمشكلات القائمة، ولاسيما تلبية متطلبات الجهات السيادية التي تعد من كبار اللاعبين في البورصة كالهيئة العامة للاستثمار ومنحها بعض الاستثناءات في ملف الإفصاحات وغيرها وتشجيعها على العمل بمرونة مختلفة عن الأفراد أو الشركات، وخصوصا أن هيئة الاستثمار او الجهات الحكومية الأخرى التي لديها فوائض كبيرة في السيولة هي مستمثر طويل الأجل، وليست مضارب ولها دور بناء وكبير في تعميق الثقة في السوق والاستثمار فيه. وبالتالي مطلوب تحفيزها لا غل يدها وإجبارها على الابتعاد عن السوق.

ويقول مصرفي آخر إن الأمور قد تصل الى نقطة عدم تقديم أي تمويلات إلا للمشاريع الحكومية المضمونة فقط، إذا كان الوضع الاقتصادي سيبقى على حاله، وكذلك ازمة البورصة وما يترتب عليها من تهاو للأصول والضمانات.

وأشار الى أنه مع كل فترة مالية تمثل المخصصات هاجسا وعامل ضغط نفسي كبير على البنوك، ولاسيما أن كثيرا من الملفات الأساسية للمتعثرين تمت معالجتها، في حين تبقى الأزمة المالية بلا سقف، وتدهور أسعار الأصول بلا قاع، وبالتالي باب المخصصات العامة والتحوطية يبقى مفتوحا مع هذه التداعيات السلبية الآخذة في التفاقم.

وأشار إلى أن إدارة المخاطر طغت على ما سواها من تطوير الأعمال والتوسعات والبحث عن فرص جديدة وقنوات ربحية أخرى، بسبب الحلقة المفرغة للدورة الاقتصادية المأزومة.

توجه نحو الانسحابات

يقول مصدر مصرفي إن من بين أحد أبرز أسباب انسحابات الشركات المدرجة خصوصا التشغيلية، والتي لديها تدفقات نقدية هو عدم تقييم السوق لها بالمستويات العادلة التي تستحقها بشكل خارج عن الإطار الفني، بل بسبب الظروف المحيطة بالسوق ككل، وبسبب نفسيات المتعاملين وغياب لاعبين محترفين كمستثمرين طويلي أجل كالصناديق والمحافظ مقابل غل يد كبار الملاك عن التحرك، لأن تقديم عرض ملزم سيكون مكلفا، وبالتالي يترتب على ذلك الحلقة المفرغة من تدهور لأسعار الأصول يقابله طلب وضغط مصرفي بزيادة الضمانات، لكن في حال خروج الشركة من البورصة، فإنه يمكن تقييمها التقييم العادل بناء على التدفقات النقدية للشركة والقوائم المالية السليمة لها.

ويقول المصدر إنه بجانب مستويات الأسعار تبدو عوامل أخرى فنية مهمة تتعلق بسائلية السهم، حيث إن لهذه الميزة دورا كبيرا في جاذبية الأصل.

back to top