سلسلة Star Wars تعجّ باقتباسات من أفلام سابقة

نشر في 18-12-2015
آخر تحديث 18-12-2015 | 00:01
No Image Caption
كان شكسبير يقتبس من نصوص كلاسيكية وكأنه مهووس بالسرقة، فراح ينقل الحبكات المعقدة وقصص الحب المأساوية ويستوحي من حوادث قديمة تعود إلى {مسرح غلوب} الخاص به. وطرح المنتج الموسيقي دكتور دري ألبومات باعت ملايين النسخ بعد أخذ عينات من تسجيلات معروفة ومزجها مع نغمات هيب هوب جديدة.
نشأت واحدة من أشهر سلاسل الأفلام في تاريخ السينما بالطريقة نفسها. فقد أعدّ جورج لوكاس ملحمة Star Wars انطلاقاً من قصاصات مستعارة من الماضي، فبنى عالمه الخاص استناداً إلى أفكار وشخصيات ونغمات موسيقية قائمة منذ فترة طويلة وأفلام سينما قديمة جداً.
مع انطلاق عرض The Force Awakens، يعتبر الباحثون المتخصصون بسلسلة Star Wars أن الركائز المقتبسة هي التي تعزز جاذبية هذه السلسلة العابرة للأجيال وتضمن استمراريتها. يمكن اعتبار هذا النهج أشبه بتكريم للأعمال السابقة أو تقليدٍ لها، لكن لا يمكن اعتباره مجرد صدفة بحسب رأي براين يونغ، رئيس تحرير موقع bigshinyrobot.com وأحد مقدمي برنامج Full of Sith الذي يطرح أحدث المستجدات عن سلسلة Star Wars. أوضح يونغ: {من الطبيعي أن يقتبس الفنانون البارعون والعظماء من غيرهم وأن يسرقوا الأعمال أحياناً}. في مقابلاته مع مساعدي لوكاس، اكتشف أن أي نسخة شبيهة بفيلم آخر لا تكون مجرّد صدفة: {قالوا إن الطريقة الوحيدة التي تسمح بالتواصل مع جورج تمرّ بصناعة الأفلام. يرتكز كل شيء على المراجع السينمائية ومن المعروف أنه مطّلع جداً على تلك المراجع}. ذكر يونغ أن كل مقتطف ترويجي من فيلم Force Awakens يحتوي على مؤثرات بصرية مصممة بحذر وشبيهة بالثلاثية الأصلية. تبدو لقطات شخصية {راي} الساذجة والعالقة في كوكب تريد مغادرته وهي تتأمل المكان بحزن شبيهة بمشاهد شخصية {لوك} في عام 1977، وتهدف هذه المشاهد إلى تأجيج الحنين للأعمال السابقة.

يعرض المشهد الافتتاحي المألوف في مختلف أجزاء Star Wars الحبكة للمشاهدين تزامناً مع مرور نص متصاعد نحو النجوم، وهو يشبه بكل وضوح مقدمة سلسلة Flash Gordon من عام 1936 حيث يحارب البطل الهزلي الذي ابتكره ألكس رايموند إمبراطوراً فضائياً شريراً. اقتبس لوكاس أيضاً أول مشهد حركة في فيلمه: تمر مركبة حربية ضخمة في الفضاء وتثير الرعب. استُعمل هذا المشهد وأسلوب التصوير منذ تسع سنوات

في فيلم ستانلي كوبريك الثوري2001: A Space Odyssey.

الاحتفال بالنصر

كانت طريقة الأبطال للاحتفال بالنصر في نهاية الفيلم مقتبسة بكل وضوح من الفيلم الوثائقي القوي Triumph of the Will الذي تمحور حول مسيرة الحزب النازي في نورمبرغ في عام 1934 للمخرجة ليني ريفنشتال المقربة من أدولف هتلر. صحيح أن لوكاس كان يكره الجهة التي وظّفت موهبتها لخدمتها، لكنه أشاد بأسلوبها المعاصر واعترف باحترافها. أضاف يونغ: {أظن أنه فنان عظيم وقد اقتبس طبعاً أفضل اللقطات من أعظم الأفلام على الإطلاق. تُبنى لغتنا على مراحل تاريخها السابق. وتطبق لغة السينما المبدأ نفسه وأظن أن سلسلة Star Wars تبرع في استعمال هذا الأسلوب أكثر من أي فيلم آخر}.

تجمع مقالات يونغ بين مشاهد مقتبسة من تاريخ الأفلام، بدءاً من لقطات المعارك الجوية خلال الحرب العالمية الثانية، مروراً بأفلام الساموراي الكلاسيكية وأعمال الويسترن من بطولة جون واين، وصولاً إلى الهبوط على كوكب تاتوين الصحراوي.

قال كول هورتون، معجب قديم بسلسلة Star Wars ومؤرخ لأعمال القرن العشرين: {لا تدخل سلسلة Star Wars في فئة الخيال العلمي حصراً، ولهذا السبب على الأرجح تُعتبر عظيمة جداً}. شارك هورتون في إعداد الكتاب المرجعي

Star Wars: Absolutely Everything You Need to Know حيث يعتبر أن سر نجاح هذه الملحمة يكمن في اختيار لوكاس للمؤثرات البصرية المألوفة والفريدة من نوعها في آن}. {لا يمكن أن أتخيل أن تصل قوة الهجوم على {نجمة الموت} إلى ما هي عليه اليوم لولا تأثير أفلام صدرت قبل 20 سنة من فيلم لوكاس مثل The Dam Busters أوThe Bridges at Toko-Ri. هذا ما يجعل السلسلة مميزة، تجذب جميع الأجيال، ولست واثقاً من أن أفلام الخيال العلمي النموذجية خلال السبعينيات كانت لتصمد بالمستوى نفسه}.

رجلان آليان

استوحى لوكاس أفكاراً عدة من الفيلم الكوميدي الدرامي The Hidden Fortress للمخرج أكيرا كوروساوا من عام 1958. تتمحور الحبكة حول مشاحنات بين فلاحَين يتجولان وسط مساحات طبيعية واسعة، وقد استوحى منهما لوكاس الرجلين الآليين C-3PO و R2-D2 اللذين لا يكفان عن الشجار. لكن يصب التركيز على محارب شجاع يرافق أميرة إلى بر الأمان. حتى آثار المسح الأفقي المستعملة في مونتاج أفلام Star Wars ظهرت في ذلك الفيلم أولاً. أضاف هورتون: {يبدو أن السيف الضوئي يجذب أي شخصية أسطورية تحمل السيف. ينطبق ذلك على شخصية {روبن هود} في الفيلم الذي حمل اسمه في عام 1938 وأفلام الساموراي التي أخرجها كوروساوا. حين يستلم {لوك} سيف المبارزة من {أوبي وان كينوبي}، يذكرنا المشهد بسيف الملك آرثر الشهير. ثمة أفلام أخرى عن المبارزة بالسيف. لكن حتى الأولاد اليوم يريدون أن يلعبوا بالسيوف الضوئية»!

وحين يكتشف {لوك} أن عمه {أوين} وعمته {بيرو} قُتلا على يد جنود الإمبراطورية {ستروم تروبر} وأن مزرعتهما تحترق، تبدو أجواء المأساة وردود الفعل مقتبسة من لقطات متلاحقة ترد في الفيلم الكلاسيكي The Searchers الذي صدر في عام 1956 للمخرج جون فورد. وتشبه محاولات {لوك} القتال كمحارب {جدي} الحملات الانتقامية التي يطلقها أبطال أفلام الويسترن. تعكس استراتيجية القتال الدقيقة التي يستعملها {لوك} والطيارون الآخرون جو المداهمة التي تنطلق ضد {نجمة الموت}، وهي تعرض تصميماً بصرياً مألوفاً وخيارات دقيقة للمشاهد، وحتى الكلام خلال رحلة الفريق مأخوذ من فيلم The Dam Busters من عام 1955. أثرت أفلام الحروب الجوية والأفلام الإخبارية أيضاً على التصميم السمعي في مقاتلات {تاي} المقتبسة من قاذفات {ستوكا} الألمانية المزودة بصفارات إنذار، وتشبه أبراج المدفعيات المتحركة في مركبة {صقر الألفية} تلك التي تستعملها القاذفات الأميركية.

وتشبه شخصية {هان سولو}، المهرّب المشكوك فيه أخلاقياً، شخصيات غربية لا تحمل صفات الأبطال التقليدية. اقتبس لوكاس مشهداً من فيلم The Good, the Bad and the Ugly للمخرج سيرجيو ليون حين يوجّه {هان} مسدسه الخفي باتجاه {غريدو} أثناء جلوسهما في حانة، فيطلق النار على خصمه من تحت الطاولة. هكذا كان المشهد الأصلي على الأقل قبل أن يعيد لوكاس تقطيع المشهد ويُحدِث تعديلات لاحقة، وهذا ما جعل الشخصية التي يجيدها هاريسون فورد تبدو أقل خداعاً. شاهد لوكاس شبهاً بين {هان} وأداء الممثل هامفري بوغارت الساخر لكن الحكيم والمحترم في فيلم Casablanca، ويبدو الشبه واضحاً في أداء فورد.

ممثلون مخضرمون

يختار لوكاس ممثلين مخضرمين للعب أدوار متصلة بتاريخهم السينمائي الغني مثل أليك غينيس الذي يؤدي دور {أوبي وان} ولطالما ارتبط بالمواقع القاحلة والمشمسة التي قصدها للمرة الأولى في فيلم Lawrence of Arabia للمخرج ديفيد لين في عام 1962. ومن يمكن أن يناسب دور {الحاكم تاركين} أكثر من نجم أفلام الرعب بيتر كوشينغ؟

حتى أن تأثير الأفلام الناجحة السابقة وصل إلى الملحن الذي استعان به لوكاس، جون ويليامز. كل من يفكر بالفيلم الميلودرامي King’s Row الذي صدر في عام 1942 يتذكر دوماً أفضل أداء قدمه رونالد ريغان. لكن يسهل التنبه إلى حجم التشابه بين الموسيقى الأساسية التي ألّفها إريك كورنغولد والموسيقى التصويرية التي ابتكرها ويليامز لسلسلة Star Wars.

قال يونغ: {لا أريد أن أكون ذلك المعجب الذي يكون مهووساً بسلسلة Star Wars لدرجة أن يتجاهل خلفيتها. أحب أن أوجّه الناس إلى هذه التفاصيل لأن سلسلة Star Wars مستوحاة من عالم سينمائي متكامل، وأظن أنهم يستطيعون الاستمتاع بهذه السلسلة حين يعرفون المزيد عن خلفيتها}.

مثلما شكّلت الأفلام القديمة مدرسة سينمائية اتكل عليها لوكاس في أعماله، سيكون فهم المراجع التي تشملها أفلامه طريقة ممتازة للتعرف إلى تاريخ الأفلام.

back to top