رمضان في الموصل

نشر في 05-07-2015 | 00:01
آخر تحديث 05-07-2015 | 00:01
في ذاكرة الأيام حكايات للشعوب تناقلتها أجيالها، فيها من البساطة والأصالة والخصوصية ما يستحق أن يروى، وفيها لنا عبر ودروس ومواعظ تخرجنا من عصر السرعة والمادة والتعلق بأستار الرغبات وحطام الدنيا الى مساحات واسعة من الخيال وفضاءات رحبة من التقرب الى الله بنوايا صادقة.

فللشعوب الإسلامية علاقة روحية برمضان، وعشق أزلي يتجدد باستمرار، تنتظره كل عام بشوق وفرح، ارتبطت به روحا وعانقته وجداناً، وكلها باختلاف ديارها وأصولها اتفقت عبادة واختلفت طباعا وعادات وسلوكاً.

للجغرافيا والمجتمع والتاريخ آثارها في صياغة العقل الكلي وتكوين الإرث عبر السنين.

ونحن في بحثنا هذا نحاول ان نعود بالزمن الى الوراء، ونعيد الرحلة في اتجاه المنابع لأن ما تعيشه شعوب اليوم أتى من بعيد، فهناك ولدت الأسرار. نسافر من منطقة إلى أخرى نبحث عن اخبار رمضان في ذاكرة الزمن الجميل وذاكرة الناس البسطاء، لننقل اخبارا بسيطة مثل اهلها لكنها تخبرنا عن الجذور وعن التاريخ حين يدون برغبة صادقة للوصول الى الحقيقة التي تشير جميعها الى نقاء العبادة والنفوس المطمئنة.

فالموصل أم الربيعين مدينة حالمة سكنت على ضفتي دجلة وسكنها التاريخ ضيفاً لا يفارق، رمضانها كان جميلاً كتاريخها، وفيها من الذكريات القديمة عن الأرض والناس والعادات ما يستحق أن يروى.

مدينة بعدة أسماء

يمتد تاريخ الموصل إلى أكثر من أربعة آلاف سنة، وقد تعددت أسماؤها في الحقب التاريخية المتعاقبة، وفي العصور الإسلامية اشتهرت ببعض أسمائها مثل أم الربيعين لاعتدال مناخها وتشابه ربيعها وخريفها، حيث اعتدال الجو ونزول المطر والخضرة الدائمة في الفصلين، وتسمى أيضاً الحدباء، وتختلف الروايات في تفسير التسمية، فياقوت الحموي يرى أن السبب ميلان دجلة وتحدبه عندما يعبر المدينة، وابن بطوطة يرى أن التسمية جاءت بسبب المنارة الحدباء للجامع النوري الكبير، بينما يرى المؤرخون الموصليون المعاصرون أن السبب يعود إلى احدداب الأرض ذاتها، وان من يقف على سطح أوسط بيت فيها يستطيع أن يرى أطرافها من كل الجهات، وأما الزهراء فإنها التسمية التي أطلقها السري الرفاء الشاعر الموصلي المعروف حين هرب منها بعد اتهامه بالتشيع ولجوئه إلى حلب، حيث قال في إحدى قصائده:

لا ازجر الدمع إن همت ســواكبه   

والنفـس قد بعدت منـها  أمانيـها

سقى ربى الموصل الزهراء من بلد   

جود من الغيث يحكي جـود أهليها

أرض يحـن إِليـها مـن يفارقـها    

ويحمد العيش فيـها من يدانيــها

وتسمى أم القلاع أيضا لقلاعها السبعة التي أقامها الاشوريون حولها بعد أن اتخذوها عاصمة ثالثة لمملكتهم، وأما تسمية أم العلا فجاءت في أيام  الوالي نعمان باشا جليلي، حيث مدحه احد الشعراء المغمورين واسمه مصطفى الكسيري بقصيدة منها أم العلا أفصحت بلسانها قرّتْ قالت اناريد شهمٍ يتخذني اهلْ، فأعجبت التسمية الوالي وأمر باستخدامها، وأما الفيحاء فتشترك بالاسم مع العديد من الحواضر العربية كالبصرة والحلة ودمشق وحلب، لإنتاجها الزراعي، وكثرة أشجارها المثمرة، وسميت الخضراء كذلك لخضرتها وأشجارها الكثيفة، ومرور نهر دجلة في وسطها، ولها العديد من الأسماء الأخرى الأقل شهرة التي لا يتسع المقام لذكرها.

الاستعداد للشهر

تعود الموصليون في الماضي على الاستعداد لاستقبال شهر رمضان المبارك منذ شهر رجب، فتراهم يصومون معظم أيام رجب وشعبان تطوعا أو إبراء للذمة فيما أفطروه من أيام رمضان في السنة السابقة، وربما بدأت الأسرة الموصلية بشراء حاجاتها الرمضانية منذ بداية شهر شعبان، وعادة ما تكون الحاجات الغذائية في الغالب التمن أي الأرز والطحين والدهن الحر، ويقصد به دهن الأغنام والتمر والشاي والشكر، أي السكر والقهوة والتوابل والزبيب واللومي البصراوي والبرغل والرشتة والعدس والحمص.

وتقوم النساء الموصليات بخبز كميات كبيرة من خبز الرقاق بما يكفي أسرهن لشهر رمضان تقريباً، حيث لن يجدن الوقت الكافي في القيام بالمهمة أيام رمضان، وقد تعودن أن يجهزن كل الأطعمة غير القابلة للتلف أو ذات الأعمار الطويلة قبل رمضان، وتقوم النساء في الموصل قديما بحفظ الرقاق في الدن، وهو وعاء طيني كبير غير مفخور بشكل نصف دائري، ويرتقع ما دون المترين، ومن ضمن الأعمال المنزلية الخاصة بالأطعمة التي تجهزها نساء الموصل قبل رمضان شد البقلاوة، والشكر لمة والحجي بادة، وكلها حلويات موصلية معروفة تصنعها النساء في الماضي بمنازلهن، كما يقمن بكبس الطرشي والمخلل بنوعيه الناعم والطزوز وحشو الفليفلة والباذنجان والطماطم الخضراء بالكزبرة والثوم والكرفس، وكذلك كبس اللهانة، والقرنبيط، والزيتون بنوعيه الأخضر والأسود، وثوم العجم والخيار، وتحفظ جميع الأطعمة السابقة في دن أو برنية كل نوع على حدة لحمايتها من التلف.

الأسواق القديمة

وفي أواخر شهر شعبان، ومن أجل الاستعداد للشهر الكريم يهرع الناس إلى الأسواق لشراء حاجاتهم الرمضانية بكميات متفاوتة بحسب الحالة المادية للأسرة وعدد أفرادها، وكانت الأسواق الموصلية القديمة متخصصة بالبضائع المتشابهة، ولم تكن شاملة كما هي الآن، فسوق العطارين الذي كان يقع بالقرب من جامع النوري كانت محاله تتخصص ببيع التوابل والبهارات والأعشاب، وكانت رائحتها تملأ الطريق المؤدي الى السوق حتى قبل الدخول إليه، وسوق الحبوب كان يختص ببيع التمن والطحين والسكر والشاي والقهوة والتمر وبعض الحبوب الأخرى، وكذلك سوق السمك الذي كانت محاله تعرض اسماك دجلة النهرية كالشبوط والبنّي والقطان، وسوق الصفارين، واختصت دكاكينه بالأواني المعدنية القديمة، وهو السوق الذي تصل أصوات طرق أهل الصناعة على المعادن الى مسافات بعيدة، وأما أسواق البزازين والفحامين والقطانين فكانت تختص بالملابس والفحم المستورد والأفرشة القطنية على التوالي، وكذلك كان سوق الكوازين يختص بالأواني الفخارية كالحباب والجرار وشربات الماء، وكان سوق الغنم يختص بالمواشي كالأغنام والأبقار والجمال والماعز، وسوق الدجاج تخصص بالطيور الداجنة المختلفة، لاسيما الدجاج والحمام الموصلي الشهير.  

الترحيب برمضان

وللموصليين طريقتهم في الترحيب بالشهر الكريم، حيث يجتمع معظم الرجال في المساجد بعد مغرب الجمعة الأخيرة من شعبان على أضواء الفوانيس، فيتم البدء بترحيبهم بأنشودة صوفية معروفة كان يتداولها الناس هناك كل عام، مطلعها مرحب مرحب يا رمضان، شهر التقوى والقرآن شهر الطاعة والغفران، مرحب مرحب يا رمضان شهر العتق من النيران، شهر الحسنى والإحسان يا رمضان يا رمضان، ثم تبدأ الفرق انشادها للمدائح والموشحات على إيقاع الطبول حتى اذان العشاء، حيث يتوقف الجميع ثم يصلون العشاء ويغادرون المساجد مسرورين يتبادلون التبريكات.

الاستهلال والرؤية

ويخرج الموصليون ليلة التاسع والعشرين من شعر شعبان عند غروب الشمس إلى أحواض المنارات وأسطح المساجد والأبنية والمرتفعات يترقبون هلال رمضان، وقد كان لبعض الموصليين طريقة غريبة في الماضي لرؤية الهلال، حيث يضعون طستا مملوءاً بالماء وينتظرون انعكاس الهلال عليه، إذ يعتقد بعضهم أن انعكاس الهلال بالطست أسهل للرؤية من مراقبة الأفق، وقد عرفت الموصل بأنها إحدى أهم مدن العراق والمنطقة التي يمكن رؤية الهلال فيها بوضوح، وحين تثبت الرؤية يكبّر من رآه ويهلل ويساعد الآخرين في رؤيته، ثم يذهب من رآه الى مبنى المحكمة الشرعية ليشهد بالرؤية، وحين يطمئن القاضي لعدالة الشهود يعلن أن غداً غرة الشهر المبارك، فيتم ضرب المدفع لإشهار الرؤية وإخبار من لم يعلم بهلال رمضان بعد.

طوب غمضان

دخل المدفع في الخدمة لشهر رمضان قبل مائتي سنة تقريباً، حيث ساعد كثيرا في ضبط المواقيت الرمضانية خصوصا الإفطار والإمساك، فلم يكن صوت المؤذن من فوق منارات المساجد قبل ظهور المدفع يصل الى كل سكان الموصل، ويسمي الموصليون المدفع (طوب)، وقد سمي مدفع الإفطار في الموصل طوب غمضان نسبة الى اشهر من عمل عليه، وهو شخص يدعى غمضان، وكانت حشوة المدفع من البارود الملفوف بالقماش، وقد نصب للمرة الأولى في موقع الثكنة العسكرية الحجرية خلف مبنى دار العدالة القديم، ثم نقل إلى الدواسة في موقع عمارة القدس التابعة للوقف السني حالياً، ومن الدواسة نقل إلى الضفة اليسرى من دجلة قرب الجسر القديم أواخر ثلاثينيات القرن الماضي، فأصبح يطلق قذائفه الفراغية من يسار دجلة الى يمينه، حيث تحدث الطلقة دويّا وصدى هائلين عندما تمرّ فوق ماء النهر ليصل صوتها إلى أبعد مدى ممكن.

التسحير والتمجيد

المسحر أو أبوالسحور كما يسميه المواصلة هو الشخصية المحببة التي كانت علامة فارقة من علامات رمضان في الموصل ومعظم المدن والمناطق والحواضر العربية، وقد كان يخرج إلى سكك الحارة أو المحلة قبل السحور بساعة بخطى سريعة بيده طبل أو نقارة، وبالأخرى عصا يضرب بها على الطبل منادياً على النائمين ليفيقوا، وقد كان يضرب على أبواب بعض المنازل ممن كان يوصيه من أهالي المحلة، وكان أثناء ضربه على طبلته أو نقارته يردد بعض الجمل الجميلة او بعض الأناشيد والمدائح، وربما كان يرافقه أطفال المحلة فرددوا معه الأناشيد بفرح وسرور، ولم يكن المسحر يشترط على الأهالي شيئا مقابل عمله، لكن بعض الموسرين كانوا يعطونه بعض المال ليوفر به متطلبات أسرته في العيد.

وأما التمجيد فهو عرف رمضاني يقوم به أهالي الموصل بصعود بعض المنشدين منارات المساجد قبل السحور، وفي ذات الوقت الذي ينشط به المسحر، ويؤدون أنواعاً من التمجيد الذي يستنهضون به النائم للاستيقاظ من اجل السحور، وأشهر ما كان يرددونه في التمجيد أيها النائم فانهض واشرب الماء المباح وتجهز وتزود قبل أن يأتي الصباح والعديد من جمل التمجيد المشابهة.

المائدة الموصلية

كان من عادة المواصلة أن تجتمع الأسرة الكبيرة يومياً على مائدة الفطور، حيث الاخوة وابناؤهم والأب والأم ان وجدا، وربما البنات وأزواجهن في بعض الأيام، ودائماً ما يبدأ المواصلة فطورهم على الرطب أو التمر بحسب الموسم واللبن المخفف، الذي يسمونه الشنينة، بالإضافة إلى شوربة العدس، وقد ينهض البعض لأداء الصلاة ثم يعودون لإكمال فطورهم، وقد يواصل البعض الفطور ثم يؤدون الصلاة بعد ذلك بحسب تديّن الأسرة وعاداتها، وقد تعود المواصلة أن يقولوا إن الواحد إن أكثر من الأكل «يتفلش»، أي يعاني الاسترخاء وعدم القدرة على القيام لأداء الصلاة، وأهم الأطباق التي تتواجد على المائدة الموصلية خصوصا الطبقتين المتوسطة والميسورة تمن عقرة، وهو نوع من الأرز الجيد في ذلك الوقت، وكبة الموصل والدولمة في الصيف والبيرغ في الشتاء، والبيرغ هو ملفوف السلق بالبصل فقط، لعدم توافر الخضار الأخرى في غير موسمها، أما الدولمة فتحشى بالفليفلة والطماطم والبصل وبقية الخضار الصيفية، وكانت النساء الموصليات يبدعن بما كان يتوافر من مواد غذائية مثل كبب التمن وأنواع الخبز المتعددة والمحاشي والسلطات الموصلية المخلوطة بالطرشي، والأشربة مثل الشنينة والشربت وعصير الزبيب والحلويات كالزلابية والمحلبية بالدارسين والبقلاوة، كما لا تغيب الفاكهة عن المائدة المصلاوية، حيث عرفت الموصل بزراعة الفواكه وانتاجها، ففي الشتاء تتوافر الفواكه الشتوية كالتفاح والعرموط والبرتقال، وفي الصيف يتوافر الرمان والعنب والبطيخ.

ويتواصل الجيران والأقارب قبل الفطور بتبادل الأطعمة بينهم والذي يسمونه الطعمة، كما يرسل البعض أطعمتهم إلى المسجد، حيث تعود بعض الفقراء وكبار السن ومقطوعي النسل والأيتام بالإفطار هناك.

*كاتب وباحث كويتي

المقاهي القديمة

كان الموصليون في الماضي من عشاق المقاهي وروادها، حيث يتواعد الرجال والشباب والكهول والتجار وأصحاب الصنعة هناك، لذا فقد تخصص كل مقهى بنوع من الرجال الذين يجلسون عليه، ونادراً ما تجد من يأتي من خارج التصنيف إلا من اتفق مع أحد الرواد على عمل أو مصلحة أو زيارة، ومن هنا تجد أن مقاهي الموصل في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين كانت طبقية بكل ما يمكن للكلمة أن تحمله، وفي شهر رمضان بالذات كانت تتكرر ذات الوجوه وتتكرر ذات الأعراف فيجتمع الرواد بعد الفطور ليستمروا في القدوم حتى ما بعد التراويح، وفي الموصل كانت واحدة من أشهر المقاهي القديمة في الوطن العربي، وهي قهوة عزاوي، التي رويت فيها حكايات واحداث ملئت بطون الكتب والمطبوعات بها، وشاركت الاشعار وبستات الأغاني بذكرها، واما قهوة إبراهيم عرب فقد اشتهر صاحبها بالعنترية والفتوة أو كما في لهجة المواصلة كان من اهل الزماط قبل ان يؤسس القهوة، وحين أسسها اشتهرت بقهوة الزماطين، حيث لا يجلس عليها الا الفتوات، ولا يأتيها إلا الذي يرغب في استئجار أو الاستعانة بخدمات أحد الزماطين، وكانت قهوة إبراهيم عرب الوحيدة التي تفتح أبوابها في نهار رمضان، حيث عرف روادها بقلة الدين، وضعف العبادة والإفطار في شهر رمضان، ومن المقاهي الأخرى التي كانت مشهورة أيضا قهوة محمود هبارية، وتقع في الجهة اليمنى من دجلة، ومعظم روادها كانوا من المعلمين، وكانت اسطوانات محمد القبنجي وعبده الحامولي وأم كلثوم فيما بعد تصدح داخل المقهي في ليل رمضان وبقية ليالي العام، واشتهرت المقهى بهدوئها ورومانسيتها، وأما مقهى ابن عبو اقديح فاشتهرت بأنها مقهى الفنانين الموصليين، حيث كان لصاحبها ابن عبو مئات الاسطوانات المسجلة، وفي زوايا المقهى كانت تتم معظم اتفاقات الغناء في الحفلات العامة والخاصة ومعظم عقود التسجيلات، حيث عرفت الموصل بأنها إحدى أهم مدن الفن العربي القديم، وأما مقهى كشمولة فكان معظم روادها من المراجعين للدوائر الحكومية، حيث كان موقعها بالقرب من المباني الرسمية القديمة سبباً في جلوس المراجعين والموظفين عليها، لكنها كانت شبه خالية في ليالي رمضان، بسبب موقعها أيضاً البعيد عن المنازل ومناطق السكن، كما اشتهرت مقهى الخياطين بأنها مجلس أصحاب محال الملابس والخياطين والعاملين في هذا المجال، وأما مقهى كامل فإنها أولى مقاهي الموصل التي أدخلت الة البث السينمائي القديمة في خدماتها فكانت تتحول في الليل الى سينما تعرض الأفلام التركية والأوروبية ثم الأميركية والمصرية والهندية، وكان روادها في رمضان يأتون لمشاهدة الأفلام، وما ان ينتهي العرض حتى تراها خاوية بعد أن غادرها الرواد، وقد اشتهرت قهوة يحيى بأنها مقهى المقاولين والبنائين والنقاشين وعمال البناء والمقاولين، ومن يبحث عن هؤلاء من أهالي الموصل، وفيها كانت تتم اتفاقات البناء، وأيضاً كانت العديد من المقاهي القديمة الأخرى ملتجأ للموصليين يأتونها في رمضان وبقية أيام السنة للنزهة والالتقاء بالأصدقاء وقضاء الأوقات في التدخين واللعب مثل مقهى الأعرج، ومقهى أم الربيعين التي كان يعمل بها القهوجي أبودشداشة، الذي يأتيه العراقيون من مختلف المحافظات في الثلاثينيات للتفرج على طريقة حمله استكانات الشاي، وطريقة صب الشاي المذهلة، كما كانت قهوة الاخوان خاصة بالصاغة ورواد سوقهم والبيوت القريبة، وقهوة عناز التي يرتادها الشرطة والمباحث ورجال التحري والشرطة السرية، وكانت تدور الشبهات حول من يجلس عليها في الخمسينيات والستينيات ويعامله الموصليون بحذر، كما كانت العديد من المقاهي الأخرى التي تحمل تاريخا وحكايات لا يتسع المقام لذكرها لمقاهي فاضل والساعة وباري وججو وامين والسويدية والصغير، التي تعوّد المواصلة على ارتيادها في رمضان لتدخين النارجيلة، وتناول المشروبات الساخنة المتنوعة، ولعب الطاولة والدومينة وبعض الألعاب الأخرى التي كانت معروفة في تلك الحقبة الزمنية ويمارسها الناس هناك.

back to top