بين الأغاني الكلاسيكية والإيقاعية... أيّهما أقرب إلى النجوم؟

نشر في 07-11-2015 | 00:01
آخر تحديث 07-11-2015 | 00:01
يشير متابعون للوسط الفني إلى أن الأغنيات الإيقاعية تطغى على النوع الكلاسيكي، بفعل أن الشباب اليوم يفضلون الألوان السريعة التي تحمسهم للتفاعل معها. إزاء ذلك يحار مطربون كثر بين اللونين لحرصهم على إرضاء الأذواق كافة. في مطلق الأحوال، أحد أبرز معايير نجاح الفنان إجادته تقديم الألوان كافة وفي التوقيت المناسب من دون خوف من مقارنة أدائه بين هذا اللون او ذاك. كيف يفسّر النجوم طغيان الأغاني الإيقاعية على الأغاني الكلاسيكية في بعض الاوقات والعكس صحيح، وأي اللونين أقرب إليهم؟
مواكبة إيقاع الحياة

فادي عبدالله

فهد الناصر

«لا يفهم الناس، في غالبيتهم، سبب اختيار النجم للأغاني الإيقاعية، وهي حالياً الأصعب» برأي الملحن المتألق فهد الناصر، عازياً ذلك إلى محاولة إرضاء المستمع من الناحية الطربية.يضيف: «أغلب الأعمال الإيقاعية الجديدة تحمل جملا طربية، مع مسرحة الضغوط والتفاعيل، واستخدام الإيقاع الشعبي عليها، لكن  النهج  لم يتغير، فالتراث الخليجي، منذ بدايته، يحمل إيقاعات سريعة في معظمها، وأدخلت مع الإيقاعات الجديدة أصوات الدرامز والالات الموسيقية الكهربائية مثل الكيبورد أو الأورغ  التي جعلت المتلقي يشعر بأن ثمة ضوضاء في الموضوع، الأغنية الإيقاعية منبعها فرح الناس، لو تُغنى بسرعة أبطأ ستجد في غالبيتها جملة طربية».يتابع: «هذه مقولتي الشهيرة «أغلب أعمالي الغنائية السريعة، جعلت من يتلقى هذه الجملة يرقص على أحزانه»، غنيت الفراق وهو لا يهمني لذا وضعت إيقاعاً راقصاً».أما بشأن الأغاني الكلاسيكية فيرى أنها  للألبومات، «وهي لم تختف بقل موضوعة على «الصامت»، إلى حين ظهور شركة إنتاج تؤمن بمبدأ التسويق وتأمين الإنتاج، لا سيما في الوضع الراهن مع القرصنة، ونحن في الانتظار».يتابع: «شخصياً لدي أكثر من أربعين أغنية كلاسيكية مركونة، لكن المطرب الشاب لا يريد المجازفة بها لإرضاء شريحة واحدة، وغياب الألبومات حجبها عن الساحة الفنية، لكن ستظهر عولمة جديدة في المجال التسويقي عبر «السوشيال ميديا» تعيد للألبوم قيمته ومكانته، من الممكن أن نترقب ألبوماً على «آيباد» أو «آيبود»، لأن المطرب بحاجة إلى أغانٍ كثيرة خلاله ظهوره على المسرح».يوضح أن بدايته كانت  كلاسيكية مع فواز الرجيب في  «حلفتيلي أحبك ليه»، مقام بياتي ورست وكرد داخل الأغنية.  يقول: «مازلت أحب هذا النوع الكلاسيكي  واستخدمه مع الشباب مثل «فاقدها» مع إبراهيم دشتي بإيقاع بندري - إماراتي، «يا ليل» لحسين الجسمي يإيقاع البندي – الإماراتي أيضاً».

نورة القملاس

«بالنسبة إلي، الموسيقى حالة من النغم والإيقاع، وظروف الاستماع لنوعية معينة من الأغاني مرهون بالتوقيت»،  تؤكد عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للفنون الموسيقية الفنانة نورة القملاس، وتضيف: «أحب النوعين فلهما طعم خاص، ولا أستطيع الفصل بينهما لأنهما إيقاع الحياة، ومرتبطان بالحالة التي أشعر بها في أوقات مختلفة من الزمان والمكان».

تتابع: «مع اختلاف الحياة والزمن والوقت، أصبح إيقاع الحياة سريعاً، بالتالي يريد الناس الإيقاع السريع. فقد طغت الأغنية الإيقاعية، عموماً، لأن الزمن تغير وكذلك الحياة، ومزاج الناس ليس مهيئاً لسماع الأغنية الكلاسيكية الطويلة، ربما لأن وقتهم لا يسمح بذلك».

خالد المسعود

«الإيقاع السريع طغى  على الساحة الغنائية في الوقت الحاضر، وقل الاهتمام وربما انعدم بإدخال الإيقاعات ذات العزف الهادئ على كثير من الأغاني»، يوضح المطرب خالد المسعود مشيراً إلى أن لكل من الإيقاعات  جمهوره، «ربما اتجاه البعض ممن يغني وترداده  عبارة «نمشي مع السوق»  هي السبب! من دون الأخذ في الاعتبار مدى ملاءمة صوته وأدائه  لمثل هذه الإيقاعات، فقط مجاراة!»

يضيف: «ثمة إيقاعات سريعة ومزعجة وتسبب قلقاً عند الاستماع إليها بفعل ما يسمى «خلطة إيقاعات»، يدخلون فيها تفعيلات وأزمنة وما شابه من دمج شرقي وغربي، لتضيع معها الكلمات والألحان ويصبح من يغني في عالم آخر».

يتابع: «أميل إلى الإيقاع المعتدل الرزين، وكذلك إيقاعات الفنون التراثية التي غابت عن الساحة مع الأسف، مثل السامري، وثمة عشاق لهذه الفنون والإيقاعات».

أحمد حمدان

«الأغنية الإيقاعية موجودة منذ القدم، وغناء الناس مع الإيقاع ليس جديداً، بل الجديد على الجيل الحالي هو انتشار «الهيوه» وغيرها، وكأن الموضوع «موديل» حديث»، يوضح مراقب الموسيقى في إذاعة الكويت الملحن والموزع الموسيقي د. أحمد حمدان.

يضيف: «في عودة إلى الوراء  نلاحظ أن إيقاعات «الرومبا» و»خبيتي» و»المعلاية» الإماراتية كانت مستخدمة  بكثرة ومحببة إلى الأجيال آنذاك».

لكن ذلك لا يعني أن العمل الكلاسيكي ليس مرغوباً، بل عليه طلب، برأيه، لكن المشكلة في المعايير، ومتى وجد المتلقي ساعة صفا يسمعها.

يتابع: «منذ أيام، التقيت مجموعة من جيل الشباب في ملتقى فكري وجلسة تدريب في آن، فوجدتهم يستمعون لمحمد عبدالوهاب وأم كلثوم، في فترة الليل، هذا الجيل واع يقرأ ويطلع، ويمتلك فكراً يكاد يكون سابقاً لعصره، فهو يحفظ أغاني على غرار «هيله يا رمانه» لعبدالحميد السيد و»عذروب خلي» لعوض دوخي وأخرى على سبيل المثال لعبدالكريم عبدالقادر وعبدالله الرويشد».

يلفت إلى أن «جيل الأغنية في الوقت الحالي يواكب حالة الفرح والمتعة مع سرعة إيقاع الحياة، وفي الوقت نفسه لم يترك حالة الشجن والاستماع، فأغنية «رد قلبي» جميلة جداً لكن التوقيت الزمني الراهن هو مع الفرح».

حفاظ على الهويّة

بيروت - ربيع عوا
د

سمير نخلة

«الأغنية الناجحة، أيًّا كانت رومانسية أو إيقاعية، تلقى إقبالا جماهرياً، بالنسبة إلي أنا أقرب إلى اللون الرومانسي»، يؤكد الشاعر سمير نخلة، لافتاً إلى أنه  يكتب عادة كلمات الحبّ خصوصاً بعدما  سلّطت  الأضواء عليه، فيما كان خجولا  في السابق.

 يضيف أنه استطاع، بكلمات بسيطة وبأسلوب شعري خاص به، تقديم تحف فنية،  يقول: «إنه أسلوب السهل الممتنع الذي يخترق بسهولة القلب إنما تصعب كتابته على غرار أغنيتي «ما فيّ عيش إلا معك وما فيّ كون إلّا إلك» لنانسي عجرم، و»حبيبي قرّب ليّ» لوائل كفوري، وغيرها من الأغنيات الناجحة التي كتبتها لنجوم ولا تزال في أرشيفهم الخاص».

 يتابع أن كتاباته نتاج تجارب شخصية وإسقاط لحالات الآخرين فضلا عن أنه يستلهم أحياناً من القصص. حول الأغنيات الإيقاعية الموجودة  اعتبر أن بعضها رخيص ورجعيّ وفاحش، وقد حاول أصحابها عبثاً تسويقها عبر «يوتيوب» لكنهم فشلوا.  يلاحظ أن أعمالا  غير مقبولة فنياً قدّمت في السنوات الخمس الأخيرة، بسبب بعض المبتدئين الذين أضاؤوا على أمور رخيصة في المجتمع، بدل تسليط الضوء على جمالية بلادهم، خصوصاً أنهم مسيّرون من خلال المنتجين الذين يبحثون عن الأوفر مادياً ومعنوياً.

نقولا الأسطا

«الجمهور يحنّ إلى اللون الكلاسيكي في ظل طفرة الأغاني الإيقاعية الصاخبة»، برأي نقولا الأسطا، مشيراً إلى قلّة الأصوات التي يمكن أن تؤدي هذا اللون الغنائي الذي يمسّ بإحساسه القلب ويصل بصدق إلى الناس.

يضيف: «للأسف أصبح مقياس الأغاني مرتبطاً بمدى قدرتها على «توليع الجو» بغضّ النظر عن المضمون». حول طغيان الأغاني الإيقاعية على الأغاني الكلاسيكية راهنًا يوضح: «طالما أن السوق الغنائية مفتوحة على بعضها البعض، تؤثر السهرات الصاخبة في علب الليل على الخيارات الفنيّة، أي أنها تسيّر خيار الفنان نحو الأغنية الصاخبة الإيقاعية التي يستطيع أداءها في المهرجانات أو في الحفلات إرضاء للجمهور».

يعتبر أن كل ذلك  أدى إلى تغييب اللون الطربي الشعبي الجميل وانقسام الخيارات الفنية بين اللونين إمّا الكلاسيكي الصرف أو الإيقاعي الصاخب.  يتابع: «شخصياً، لا أقدّم سوى ما يليق بصوتي الذي أتوّجه من خلاله إلى الناس، كوني أحمل من خلال فنّي رسالة، وإن إتُهمت أحيانًا بالكلاسيكية، علماً أنني أؤدي المواويل في الحفلات والمهرجانات والأغاني الشعبية الطربية التي تضفي جوًّا راقصاً على السهرة».  يشير  إلى أن بعض الفنانين يسعون، على غراره، إلى تقديم فن لائق وجميل لا يتناول  قضايا تعتبر محرّمات وتمسّ جوهر المرأة أو الرجل بكلام سفيه، «لذا أتمنى أن نتمكن معاً من تشكيل سند أمام إنهيار تراثنا».

أحمد ماضي

«أنا أقرب إلى اللون الرومانسي في أعمالي،  كوني أكتب الشعر السهل الصادق الذي يعبر عن احساسي الخاص وتجاربي الشخصية» يوضح الشاعر أحمد ماضي مشيراً إلى أنه يفضّل أن يغني الفنان ما يشبه شخصيته وإحساسه.

يضيف:  «قلة تميّزت بقدرة على التنويع مثل فضل شاكر، لذا اعتزاله خسارة فنية كبيرة، كونه لم يقدم أغنيات هابطة أو مسيئة للدين بل على العكس، عبّر عن الحب بأسمى معانيه».

حول الموجة الرائجة في الفترة الأخيرة للأغنيات الشعبية ذات الايقاع الصاخب يشير: «عندما راجت هذه الأغنيات قررت الاستراحة لمدة سنتين وعدم الدخول في هذه المعمعة إلى حين انحسارها وهكذا حصل. لم تكن هذه الاغنيات تراثاً لبنانياً إنما سوري ممزوج باللبناني، اعتبروها لهجة بيضاء، لكن هذه اللهجة غير موجودة أساساً،  ثمة الخليجي أو السوري أو اللبناني أو الأردني».

يتابع: «الألحان التي نسمعها على وزن «سامحتك» و{تي رش رش»، هي تراث سوري بحت تم مزجه بالدربكة والإيقاع الصاخب.  في الواقع لا وجود لاغنيات شعبية لبنانية إنما بلدية».

كل الألوان مطلوبة وضرورية

القاهرة – بهاء عمر

يرى مدحت صالح أن طغيان الأغنية الإيقاعية، في بعض الفترات، لم يكن على حساب الأغنية الكلاسيكية، وأن الجمهور يحدد، في المقام الأول، نوع الأغنية التي يحب الاستماع إليها  والتعلق بها، لافتاً إلى أنه في بعض الفترات تسود حالة عامة عند الشعوب يحتاجون فيها أغنية إيقاعية سريعة، تشعرهم بالبهجة أكثر من الأغنية الكلاسيكية التي يطغى عليها الإيقاع  الهادئ الوقور.

يضيف أن كبار المطربين يلجأون إلى الأغنية الإيقاعية كنوع من التجديد أو التطور والتحول في مسيرتهم الفنية، مستشهدا بعبدالحليم حافظ، الذي لجأ إلى الأغنية الإيقاعية عندما لمس نجاحها عند الجمهور،  لا سيما عدوية لمحمد رشدي من كلمات عبد الرحمن الأبنودي، ولم يجد حليم وقتها غضاضة في تجديد أغانيه بأغنية إيقاعية مشابهة  على غرار “على حسب وداد قلبي}.

 بدورها تعتبر آمال ماهر أن الأغنية الإيقاعية لها نصيب الأغنية الكلاسيكية نفسه،  سواء عند المطرب أو عند جمهوره، ولا أحد يستطيع الحكم بأن الأغنية الإيقاعية طغت على الكلاسيكية، لأن المطرب عندما يبدأ الإعداد لألبوم جديد، يحدد لنفسه نقاطاً يفضل أن يظهر عليها هذا الألبوم ليرضي الأذواق، عندها يظهر تقاسم الأغنية الإيقاعية والأغنية الكلاسيكية المساحة وعدد كل منهما في الألبوم الواحد.

تضيف أن كل فنان  يحتاج إلى التنوع بين الكلاسيك والإيقاع في الأغاني التي يقدمها، حتى لا يحبس نفسه داخل نمط واحد قد يمل منه الجمهور بعد فترة، وليثبت الفنان لنفسه أنه قادر على أداء الألوان الغنائية المختلفة، وقادر على النجاح في كل منها.

تستشهد آمال ماهر بأغنيتها الجديدة {سكة السلامة}، التي تحمل اسم ألبومها الأخير وتتميز بإيقاعها السريع المختلف نوعاً ما عما اشتهرت به في ألبوماتها السابقة، وقد لاقت نجاحا لدى  الجمهور، ما شجع آمال ماهر لتكرار  التجربة.

مجاراة الذوق العام

يرى لؤي أن انتشار الأغنية الإيقاعية ليس تنازلا من الفنان عما يقدمه من فن كلاسيكي، وليست وصمة في جبين الفنان، لكنها جزء من كيان الفنان الذي يبنيه بتنوع الأغاني التي يقدمها.

يضيف: {ثمة  أغان إيقاعية بكلمات راقية وتسرد حكاية واضحة المعالم، لا تعتبر مجرد إيقاع غير مفهوم أوغير هادف، وهذه النقطة تميز فناناً عن آخر عندما يختار أغنية إيقاعية يجاري بها الذوق العام، فيفرض الفنان نفسه ونمطه وموهبته وخياراته  على ما هو رائج بين الأوساط، ويعتبر ذلك ذكاء فنياً، ويصبح الفنان  حاضراً وملبياً الأذواق كافة}.

توضح جنات أن الأغنية الإيقاعية جزء لا يمكن فصله عن منظومة الغناء ككل، تتساوى في ذلك مع الأغنية الكلاسيكية، ولا يمكن اعتبارها كياناً منفصلا في حد ذاته، بل ثمة علاقة تكامل بين أنواع الغناء كافة.

تضيف أن الأغنية الإيقاعية لها جمهورها الذي يطلبها في أوقات محددة، كذلك الأغنية الكلاسيكية يفضلها جمهورها من دون  طغيان نوع على الآخر، معتبرة أن الفنان الذي يقدم الأغنية الإيقاعية والكلاسيكية في مشواره الفني من دون خشية من الفشل أو المقارنة بين أدائه ونجاحه في أي نوع منهما هو فنان حقيقي ومتنوع.

تتابع أن من واجب كل فنان حقيقي  تقديم ما يطلبه جمهوره على اختلاف أذواقه، من الإيقاعي والكلاسيكي، وتقع عليه مسؤولية في أن ينجح في كل منهما، لكن النجاح المطلوب يتطلب أن يضع الفنان بصمته الخاصة  في كل أغنية يقدمها، فاختيار الكلمات والألحان عامل أساسي في نجاح أي أغنية، سواء إيقاعية أو كلاسيكية، وهنا يكون للفنان دوره في نجاح اللون الغنائي الذي يؤديه.

ترى زيزي أن مقولة طغيان الأغنية الإيقاعية على الأغنية الكلاسيكية خاطئة شكلا ومضموناً  ولا أساس  لها من الصحة، معتبرة أن اللونين الغنائيين مطلوبان في كل وقت، ولكل لون جمهور محدد له حق على مطربه أن يشبع رغبته في الاستماع إلى اللون الغنائي الذي يفضله.

تضيف أن الفنان، خصوصاً من جيل الشباب، يتقيّد في تقديم نوع الأغنية الإيقاعية أكثر من الأغنية الكلاسيكية، بحكم أن الجمهور الذي يتوجه إليه من الشباب، وبطبيعته يفضل الأغاني الإيقاعية السريعة الخفيفة، لكن للفنان رغبات وطموحات فنية لتقديم أغنية كلاسيكية هادئة تناسب الأذواق والأعمار كافة.

back to top