يوسف زيدان يمهد الطريق لفهم التصوف

نشر في 03-07-2015 | 00:01
آخر تحديث 03-07-2015 | 00:01
No Image Caption
من الناس من يرى في التصوف منتهى التدين وغاية الطريق الذي يسهل طريق الإنسان إلى الله، وفي المقابل يراه الآخرون بابا من أبواب الهرطقة وبين أولئك وهؤلاء مواقف عديدة ومتباينة.

هكذا يصف الدكتور يوسف زيدان التصوف ومسالكه وأساليب الناس في فهمه ويدعو للتعرف عليه عن علم لا عن تحيز ويمنح عبر سطور كتابه المعنون بـ "التصوف" مفاتيح المعنى وتاريخ الطرق الصوفية وتطورها دون أن يفرض على القارئ رؤية أو يحجب عنه فكرة، بل فقط ينير الطريق لفهم التصوف.

ويؤكد زيدان أن للطريق للصوفي ذاته مسالك ودروبا كثيرة ومتنوعة بحيث تصدق عليها العبارة القائلة "الطرائق إلى الله على عدد أنفاس الخلائق"، فلكل صوفي شيخ أو مريد علاقة خاصة بالله وسبيل شديد الخصوصية وهو ما برره الصوفيون بأن القلوب كالمرايا تنعكس عليها التجليات الإلهية في الكون والله الذي كل يوم هو في شأن لا يتجلى على عبدين بصفة واحدة ولا يتجلى بصفة واحدة على عبد مرتين.

وعن تعريفه للصوفية يقرر زيدان قصور كل التعريفات التي حاولت تعريف التصوف في الإحاطة بمفهومه، نظراً لاتساع ذلك المفهوم بما تعجز اللغة عن الإحاطة به فآونة يرادف العلو وحينا يدل على الغوص وقد يقصد به الارتقاء بالخبرة الدينية الإنسانية بما يتجاوز حدود المحسوسات وهو يرتبط بالدين وربما ارتبط بالدنيا.

والتصوف إبداع إنساني متميز ظهر في كل الحضارات، فعرفه الهنود القدماء مرادفا لحالة الترقي الروحي باسم "النرفانا" وتجلى في التراث المصري القديم باسم "الكهانة" وقدامى اليهود باسم "القبالي" وهو في الفلسفة اليونانية باسم "الغنوص" وفي المسيحية باسم "الرهبنة" وعرفه المسلمون باسم "التصوف" أما عن أصل هذه التسمية فقد شغلت مؤرخي التصوف ودارسيه، ويعرض المؤلف بعض التفسيرات المتعددة فمنها ما يرى أن التصوف مشتق من الصوف الذي كان رداء للأنبياء والزهاد دليلا على التقشف وقد يكون مشتقا من الصفا لما يؤدي إلى صفاء النفس، وآخر يراه مشتقا من كلمة "سوفيا" اليونانية التي تعني الحكمة، ومنهم من يقول نسبة إلى أهل الصُّفة وهم جماعة من فقراء الصحابة انقطعوا للعبادة في المسجد النبوي بالمدينة ولم ينكر عليهم النبي ذلك.

ومن أهم تعريفات التصوف التي يستند إليها المؤلف ما قاله معروف الكرخي: "التصوف هو الأخذ بالحقائق واليأس مما بأيدي الخلائق" ومن ثم فإن التصوف بحث دائم وراء ما يحتجب وراء الأشكال التعبدية الظاهرة ومن توالي الغوص تتواتر الحقائق حتى تتكشف للصوفي أسرار الحقائق.

back to top