Brooklyn... قصة جميلة عن مهاجِرة

نشر في 12-11-2015 | 00:01
آخر تحديث 12-11-2015 | 00:01
No Image Caption
يتناول فيلم Brooklyn العميق والجميل من إخراج جون كرولي قصة مهاجرة إلى الولايات المتحدة، وقد اقتبس نيك هورنبي السيناريو من رواية كولم تويبين التي صدرت في عام 2009. خلال الخمسينيات، في إينيسكورثي، إيرلندا، تبحث الشابة إيليس لايسي (ساويرس رونان) عن أكثر مما تقدمه لها بلدتها الصغيرة.

تكون إيليس لايسي عاطلة عن العمل ولا تخطط للزواج، فتقرر قطع المحيط الأطلسي بحثاً عن النجاح في مدينة نيويورك، وتحديداً في بروكلين. تعيش إيليس في منزل مشترك مع شابات إيرلنديات وتعمل في متجر متعدد الأقسام، ولكنها تشتاق كثيراً إلى شقيقتها روز وكل ما هو مألوف ومريح بالنسبة لها.

يتغير هذا الوضع حين يُدخِلها كفيلها، الأب فلود (جيم برودبنت)، إلى كلية بروكلين لدراسة المحاسبة، فتحصل على فرصة الانتقال من قسم المبيعات. ثم تستفيد أيضاً من مقابلة شاب إيطالي ساحر اسمه طوني (إيموري كوهين). لفت كوهين الأنظار إليه للمرة الأولى حين لعب دور ابن برادلي كوبر النذل في فيلم The Place Beyond the Pines، وهو يتحول بشكل جذري في هذا الدور. هو يقدم أداءً مبهراً بدور سمكري رومانسي ويائس يعمل في بروكلين وينجذب إلى إيليس الإيرلندية.

تبرز عوائق ثقافية بينهما طبعاً. يسرق جيمس دي جاكومو الأضواء في الفيلم بدور شقيق طوني الأصغر، فرانكي، الذي يعلن على طاولة العشاء: {نحن لا نحب الشعب الإيرلندي}! فتضطر إيليس إلى تعلم كيفية تناول السباغيتي وكأنها إيطالية. لكنّ حبهما يمنحها حياةً مستقرة في الولايات المتحدة وسبباً للبقاء هناك ودافعاً لتحقيق النجاح. بعد فترة قصيرة، تضطر إيليس للعودة إلى بلدها الأم بسبب وفاة في العائلة، فتكتشف أن ما تركته وراءها لم يكن سيئاً كما تصورت. فهي تجد هناك صديقتها المقربة التي تستعد للزواج، وتقابل عازباً ثرياً وشهيراً اسمه جيم (دومنهال غليسون)، وتجد فرص عمل جديدة.  تحنّ إلى كل ما يريحها ويسعدها في ديارها. إنها بلدة صغيرة لكنّ الحياة فيها جميلة، وهي أسهل من التجول والنضال في المدينة الكبيرة. لكنها تحب طوني، حتى لو كان بلدها وتاريخها في إيرلندا.

يعرض فيلم Brooklyn قصة تقليدية وعالمية. هو يطرح الصراعات والأحزان التي يواجهها أي مهاجر يقرر استكشاف بلد جديد والعيش فيه، كذلك يحاكي على نحو مؤلم وضع أي شاب يترك وراءه حياته في بلدة صغيرة وينجذب إلى أضواء المدينة الكبيرة. تبدو بعض اللحظات المؤثرة في هذا الفيلم صادقة في التعبير عن تجربة القادمين الجدد إلى أي بلد: وجبات غداء فردية في مكان العمل الجديد، غصة لا تزول في الحلق، عزلة وسط صخب الحشود في وسائل النقل العامة.

تقنية تصوير الفيلم مدهشة وهي تستعمل ألواناً غنية ومتموجة وطبيعية، وكأننا أمام صورة تاريخية ملونة تركز على جمال رونان المنعش. رونان ركيزة الفيلم وهي تقدم أداءً ذكياً ومؤثراً في آن. إيليس شخصية تشعر وتفكر بعمق. لا تستخف بشيء ويسهل أن نشعر بالمعضلة المؤلمة التي تواجهها كونها مضطرة إلى الاختيار بين حياتين مختلفتين.

لا يتجاوز الجانب الدرامي للقصة هذا الخيار الفردي، لكنه مطروح بأسلوب جميل وعميق. يبدو فيلم Brooklyn أحياناً رومانسياً وحالماً لكنه ليس مجرد قصة حب بسيطة. إنها حكاية امرأة في طور النضج وهي تتزامن مع تطور الحياة في الولايات المتحدة: إنها تجربة يمكن أن يشعر بها أي شخص انطلق للبحث عن حياة أفضل.

back to top