يوم مولدي

نشر في 09-10-2015
آخر تحديث 09-10-2015 | 00:02
 د. محمد لطفـي * لما تؤذن الدنيا به من صروفها

يكون بكاء الطفل ساعة يولد

وإلا فما يبكــيه منها وإنــها

لأوسع مما كان فيه وأرغد

الحياة بسمة ودمعة وذكرى: بسمة عند الميلاد، ودمعة عند الفراق، وذكرى بعد الرحيل.

* عدت يا يوم مولدي...

   عدت يا أيها الشقي...

  الصبا ضاع من يدي...

  وغزا الشيب مفرقي...

  ليت يا يوم مولدي...

  كنت يوما بلا غد...

مع نهاية عامي التاسع والخمسين وبداية الستين استعادت ذاكرتي الأشعار السابقة، وسألت نفسي هل يجب أن أحتفل بعيد ميلادي؟ ولماذا أصلا يحتفل البعض بأعياد الميلاد؟ وما قيمة ذلك؟ وهل تستحق ذكرى الميلاد هذا الاحتفال؟ أم أنها أدعى للبكاء كما قال ابن الرومي؟

والسؤال الأهم بماذا يحتفلون؟ أبنهاية عام من العمر وقرب الأجل؟ هل يحتفلون بما مضى أم بما بقي؟ أم يحتفل الفرد بما حققه في هذا العام من نجاح؟ وإن لم يحقق نجاحا فهل يؤجل الاحتفال للعام الذي يليه؟ وكيف يحسب عمره؟ تبعا للتقويم الزمني أم بما حققه من نجاحات وإنجازات؟

يعتقد البعض أن الاحتفال بأعياد الميلاد أمر خاص بالأطفال ولا يليق بالكبار، والغرض منه إدخال الفرح والسرور والبهجة للطفل، أما الكبار العقلاء فيجب ألا يحتفلوا بهذه المناسبة، وعلى الجانب الآخر يؤمن البعض أن الاحتفال– في جميع الحالات- مخالفة صريحة للشرع، فالأعياد في الإسلام عيدان (الفطر والحج) وأعياد الميلاد بدعة ابتدعها الغرب، وسار وراءه المسلمون في الشرق، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.

ومن الغريب أن هناك بعض الأقارب والأصدقاء لا تسمع صوتهم إلا في ذكرى مولدك كل عام، وتتعجب كيف ينساك شخص طوال العام ويتذكرك فقط يوم عيد ميلادك؟!

حاولت مراجعة كشف حساب السنة الماضية، وما كان فيها، وماذا حققت، وفيم أخفقت، وكيف يكون العام القادم أفضل، وما الطريقة المثلى للاستعداد لما بعد الستين، فقد مضى الكثير، ولم يبق إلا القليل والأجل يقترب رويدا رويدا، فالإحصاءات الرقمية تؤكد أن نسب الوفيات في عقد الستينيات تبلغ 60 إلى 70% من الوفيات، فكيف يمكن الاستعداد لذلك؟ هل بالتوقف عن العمل والبعد عن الناس والزهد في الحياة والتقرب إلى الله بالكثير من النوافل؟ أم أن مواصلة المشوار واستمرار العمل بهمّة ونشاط وجدّ واجتهاد ومساعدة الآخرين ما دمت قادرا على ذلك هو الأفضل؟ أم أن هذا مجرد تبرير نفسي وحيلة سلوكية من الأنا الداخلية لمواصلة السير في طريق الـ59 عاما السابقة نفسه؟

آراء كثيرة وأفكار مختلطة وقرارات ما زالت في مرحلة التكوين لم تبصر النور بعد هي ما استيقظت عليه في صباح ذكرى يوم مولدي، ولكنها رغم كل شيء لم تمنعني من مخاطبة نفسي وتهنئتها كعادتي، ووجدتني أردد... "كل سنة وأنا طيب".

back to top