اليقظة الروحيّة... تطوير العالم الداخلي السري

نشر في 05-12-2015
آخر تحديث 05-12-2015 | 00:00
No Image Caption
غالباً ما ترتبط اليقظة الروحية بالديانات والفلسفة البوذية واليوغا وفترات التقاعد والبحث الفلسفي... تبقى هذه المسيرة فردية بشكل عام لكن يمكن تحقيقها بمساعدة الغير. في ما يلي 10 خطوات لتقوية هذا العالم الروحي الكامن في أعماق الذات.
1 أسئلة بلا أجوبة

حين نبدأ البحث عن اليقظة الروحية، تظهر أسئلة لا أجوبة لها كي تزعزع طريقة تفكيرنا وتحركاتنا. غالباً ما تتخذ طابعاً فلسفياً ودينياً أو علمياً أو نفسياً. تبدو لنا معظم الأسئلة الكبرى خارج متناولنا لكنها تبقى أساسية: ما معنى الحياة؟ ماذا عن الخير والشر؟ كيف يمكن تجنب الهوس بالموت؟ لماذا أعجز عن عيش الحياة التي أريدها؟ لا يطرح الجميع هذه الأسئلة، بل إنها تجتاح الشخص الذي ينشغل بالبحث عن ذاته ويريد تحسين معارفه والشعور بأنه مستعد. لم تعد الحياة الروحية المعاصرة ترتبط حصراً بالديانات والمعتقدات، بل تتداخل فيها جوانب عدة.

2 البحث عن اللامحدود

يمكن أن تتخذ عملية البحث هذه أشكالاً مختلفة بالكامل. يستجيب البعض لهذا النداء منذ مرحلة الشباب، فيكرسون نفسهم لهذه الرسالة الروحية ويقررون الإجابة على الأسئلة الوجودية بهذه الطريقة. يكون الالتزام الروحي، بغض النظر عن طبيعته، ممكناً لكل من يشعر بهذه الدعوة. لكن لا ترتبط اليقظة الروحية بهذه المواصفات تحديداً.

يمكن أن يبدأ الانزعاج أو تظهر الشكوك في عمر العشرين أو الأربعين أو السبعين! نعلم مثلاً أن الباحثين في مجال الرياضيات يصلون في نهاية المطاف إلى بحث فلسفي. يعمل بعضهم في مجالات مثل علم الفلك الذي يطرح أسئلة عن لامحدودية الكون وطريقة نشوئه وتميّز الجنس البشري. يجب أن تبقى هذه الرحلة التي تبدو مستحيلة متماسكة ومنطقية. لكنها لن تتوصل بالضرورة إلى حل سحري أو إلى الجواب المنشود!

 

3 مسيرة فكرية تضمن الانفتاح

يمكن أن تنطلق هذه المسيرة مع أي شخص، بغض النظر عن بيئته ومكانته الاجتماعية وجذوره، لكن تتطلب هذه العملية طبعاً تحديد الطريقة التي يجب تطبيقها والاحتفاظ بجرعة كافية من حس المنطق. لا يمكن اللحاق بأي “حكيم” يدعي المعرفة، لكن يسهل أن يحصل ذلك مع الشباب الضعفاء الذين لم يعتادوا على التفكير بطريقة مستقلة، فيقعون ضحية بعض الحركات الروحية التي تركز على مواضيع مؤثرة. من خلال جمع المعلومات مسبقاً عن هذا المجال الجديد والانفتاح فكرياً على العالم، يمكن تجنب الدخول في المجهول والتسلح بالمعارف منذ البداية بعد القيام بدراسات كلاسيكية أو خوض تجربة بسيطة في الحياة. لا بد من الانفتاح على ثقافات وأفكار وقواعد جديدة تزامناً مع البقاء ضمن حدود المنطق.

 

4 تخصيص الوقت الكافي

تتطلب هذه العملية وقتاً طويلاً. لذا من الأفضل أن ندرس المسألة بجوانبها كافة ونتحدث عنها مع الأصدقاء أو أشخاص سبق وانطلقوا في هذه الرحلة. لا يمكن التسرع في هذا المجال. كذلك، يجب أن نقتنع منذ البداية بأن الخيار الذي قمنا به قد لا يكون صائباً ويجب استكماله بخيار آخر، وبالتالي إطلاق بداية جديدة من دون الشعور بالضغوط.

5 اختيار المسار الصحيح

تتعلق المرحلة الحساسة طبعاً باختيار المسار الذي يجب تبنيه. قد يكون الخيار واضحاً منذ البداية بالنسبة إلى البعض، لكنها مهمة شاقة بنظر البعض الآخر. تحتاج هذه العملية إذاً إلى الوقت قبل أن تتبلور، وتحديداً إذا لم نكن نعرف شخصاً يستطيع مساعدتنا لإغناء هذا البحث. لا داعي لتطبيق طقوس محددة، إذ يبقى الخيار شخصياً وقد لا نجد أفضل مسار بسرعة.

 

 

6 حرية التغيير

عند إطلاق رحلة روحية، لا يجب أن نحدد أي موعد نهائي في عقلنا، بل يجب أن نتقبل عدم تناسب الخيار الأولي دوماً مع ما نبحث عنه. لا يجب إحداث تغيير لمجرّد التغيير أو من باب الفضول الفكري بكل بساطة لأن الرغبة الناشطة في هذا المجال لا ترتبط بالاغتناء فكرياً بل ببلوغ مستوى من الراحة الروحية وتحسين الحياة. ولا يتعلق الهدف ببلوغ سعادة ساذجة وسطحية بل بإحراز تقدم في طريقة العيش وطبيعة المشاعر. لذا يجب التمتع بحرية التغيير لاستكشاف مجالات مختلفة. ما من شيء إلزامي بل يخوض الشخص هذه التجربة طوعاً. وما من ضغوط في المراكز أو الجماعات التي تمارس اليقظة الروحية بل يسود جو من التفاهم هناك لأن الطريق ستكون شاقة. 

 

7 عدم فقدان الحس النقدي

لا يعني الالتزام باليقظة الروحية تبني إيمان معين وتقبل جميع مبادئه. بل يجب أن يبقى الحس النقدي ناشطاً. في هذا المجال، تسمح الخبرة، إلى جانب التربية والثقافة العامة جزئياً، بالحفاظ على حرية التفكير، وتسمح درجة من الثقة بالنفس بالتشكيك ببعض التعاليم إذا بدت غير مناسبة أو غير مفهومة. إذا لم نتزوّد بهذه الأدوات منذ البداية، ستصبح المهمة أكثر تعقيداً وقد يطول الوقت المخصص لإيجاد المسار المنشود، لكن من الضروري أن نحتفظ بالحرية الروحية كي لا تعيقنا العقبات أو التعاليم الشائبة. باختصار، يجب إيجاد الشخص المناسب لتوجيهنا!

 

 

8 التعرف على عالم التأمل

يجب أن نتعرف على التأمل بمعناه الواسع. قد تقتصر جلسات التأمل على تخصيص فترات بسيطة للتفكير والصلاة والتخيل... الأهم هو التحرك بشكل طوعي واكتساب المعارف من دون حمل أي أفكار مسبقة. يجب أن ندرس هذه التمارين وكأننا مجرد مبتدئين، من دون تحديد هدف معين أو البحث عن نتائج محددة لأن نجاح التأمل قد يأخذ بعض الوقت. ثم يجب إيجاد الإيقاع المناسب لأن البعض يحتاجون إلى أيام عدة للاستعداد، بينما يستطيع البعض الآخر بدء التأمل لثلاث أو أربع دقائق في اليوم فيشعرون بالتحسن فوراً ويحسنون طريقة تعاملهم مع الضغوط اليومية.

يؤدي التأمل دوراً مهماً، حتى على المستوى الجسدي. استنتج الباحثون أن الاعتياد على التأمل ينعكس إيجاباً على الضغط النفسي والقلق وضغط الشرايين، كما أنه يخفف الصداع النصفي ويحسن النوم. حتى أن بعض الأبحاث لاحظت تحسن جهاز المناعة. لكن لا تتحقق هذه المنافع كلها إلا عند ممارسة التأمل يومياً. 

9 مسار بلا حدود

عند إطلاق هذه المسيرة، يجب عدم تحديد إطار زمني لها لأنّ التقدم يبقى ذاتياً وفردياً. ما من حدود فعلية أصلاً للمسار الروحي، فهو يتواصل عبر تقنيات مختلفة وجديدة مثل الاسترخاء والسوفرولوجيا. إنها مقاربة عامة لتحقيق الانفتاح ويمكن أن تستعمل العلاج النفسي أيضاً. لكن ثمة هدف نهائي طبعاً: الشعور بالراحة والهدوء وإبداء القيم الإيجابية مثل الحب. المثابرة أهم ما في هذه المسيرة!

 

10 التفكير في الجسم

لا يعني بدء المسيرة الروحية إهمال الجسم، فهو يشكل جزءاً من كياننا. لا يكون كل شخص مدعواً للتنسك أو الصوم لأيام طويلة. لكنّ اليوغا تنشّط الجانبين معاً ولا داعي للاختيار بينهما. بحسب طبيعة الشخصية، يمكن اختيار مسارات تجمع بين الجسم والروح بدل الاكتفاء بالخيارات الفكرية. إنها مقاربة شخصية وما من خيارات أفضل من غيرها. لكل شخص مساره الخاص!

لا تستثني مسيرات اليقظة الروحية الجسم. في آسيا، يساهم الجسم في استعادة توازن الطاقة، ويُستعمل تدليك الأيورفيدا في الهند لإعادة التوازن إلى الجسم والذكريات. لكل شخص أسلوبه الخاص في ما يخص الطاقة ويمكن أن نختار إضافة نشاط جسدي إلى المقاربة المستعملة. وقد يفضل البعض التأمل تزامناً مع المشي.

back to top