أزمة رئاسة كردستان أبعد من خلاف دستوري

نشر في 16-07-2015 | 00:09
آخر تحديث 16-07-2015 | 00:09
No Image Caption
لا تتوقف الخلافات في «أزمة الرئاسة» داخل إقليم كردستان العراق والتي جعلت «أربيل» تواجه صيفاً أكثر سخونة مما كان يتصور، عند بنود دستورية تتعلق بصلاحيات الرئيس، وإمكانية بقاء الرئيس الحالي مسعود البرزاني، أو عدم ترشحه مجدداً بعد أن أمضى دورتين ومددت له سنتان، كما لا تختصر في صراع خفي بين الأجنحة على علمانية الدستور وإسلاميته. فكل هذه مناقشات تعود اليوم إلى محاولة الوصول لنسخة أخيرة من مشروع دستور الإقليم الكردي، الذي كتب قبل سنوات لكنه لم يحظ بإقرار البرلمان واستفتاء سكان الإقليم. لكن الجديد في الأمر هو ميزان القوى بين الأحزاب الكردية واختلاف مقاساته. فقبل نحو سنة كان حزب الرئيس مسعود البرزاني يعتقد أنه الطرف المتماسك، لأن غريمه حزب الرئيس العراقي السابق والمقيم في العناية الصحية المركزة جلال الطالباني، منقسم على نفسه ولم ينتخب زعيماً جديداً، ولا يزال يعاني آثار انشقاق حركة التغيير. كما أن المال وعوائد النفط وحقوله، تتركز في أربيل ودهوك المعقل التقليدي لبرزاني، وتظل السليمانية مقر الطالباني، أقل ثراء ونفوذاً سياسياً.

لكن الأمر تغير بعد نكسة الجيش العراقي وانسحابه من المعركة مع تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» في يونيو 2014، حيث اندفعت البيشمركة التابعة لطالباني وسيطرت على مدينة كركوك المتنازع عليها بين الأكراد والعرب. وباتت المدينة الغنية بالنفط «قيمة جديدة» تضاف إلى حزب السليمانية، مما أدى إلى تغيير معنى المفاوضات بين الحزبين الرئيسيين إلى حد كبير. ووسط كل السجالات حول بنود الدستور، هناك عنصران يتحكمان بمسار التفاوض، هما التحكم بعوائد النفط في كردستان، وملف التسلح وقوات البيشمركة. فحزب البرزاني يسيطر على كل الاتفاقات النفطية مع بغداد أو مع الشركات الأجنبية، كما يسيطر على الاتفاقات العسكرية ومساعدات التسلح التي تأتي من حلف الناتو وواشنطن وبغداد، بينما لا يحصل حزب الطالباني إلا على مساعدات من إيران وحصة من أربيل لا ترضيه.

وتزدحم الجداول الزمنية على طاولة أحزاب كردستان، في برلمانها وحول فاتورة الأزمة الاقتصادية الخانقة التي وضعت حداً لنمو متصاعد توقف مع ظهور «داعش» في الموصل المجاورة، وفي المحيط الإقليمي الذي يتطلب رؤية جديدة، إذ لم يعد يكفي القول إن السليمانية مقربة على طهران، وأن أربيل أقرب إلى أنقرة، وسط استقطاب طائفي حاد وتنامي خطر النزاعات، وحقائق الاتفاق النووي في جنيف، لكن المعركة الأكبر تظل بسيطة بكل معنى كما يقول النافذون في الصالونات الكردية: إنها نسخة جديدة من الصراع التاريخي بين أسرتي البرزاني والطالباني.

back to top