«تطفيش» العمالة الوطنية من القطاع الخاص

نشر في 17-10-2015
آخر تحديث 17-10-2015 | 00:01
 ماجد بورمية الإدارة الناجحة لأي مؤسسة حكومية أو خاصة هي التي تدير أزماتها من الجذور، وليس عن طريق الحلول الترقيعية أو المغيبة عن الواقع، ولذلك لابد أولاً عند اختيار القيادات التي تتولى المهام والمسؤوليات العظام، من تمتُّع تلك القيادات بكل أساليب الإدارة الناجحة، لأنه إذا وجدت قيادات لا تفقه "ألف باء" الإدارة، فستتوه وتتخبط إذا واجهتها مشكلة صغيرة وستصب قراراتها في إطار التخبط، والبلد ليس بحاجة للمزيد من التخبط.

فمثلاً عند حل مشكلة البطالة يجب أولاً معالجة تلك القضية من خلال دراسات ونقاشات وجهود متواصلة للوصول لأفضل الطرق الحديثة لحل هذه المعضلة، أقول هذا الكلام بمناسبة التصريحات التي خرجت في الفترة الأخيرة من برنامج إعادة هيكلة القوى العاملة والتي تؤذي أكثر من 61652 مواطناً يعملون في القطاع الخاص، حسب تقديرات الإدارة المركزية للإحصاء عن نهاية عام 2014.

وكانت تلك التصريحات تهدد وتتوعد كل كويتي يعمل في القطاع الخاص، ومؤهله لا يتوافق مع عمله، بوقف صرف دعم العمالة، وكأن مسوؤلي برنامج إعادة الهيكلة ينفقون من جيوبهم على المواطنين، والمشكلة الأعظم أن البرنامج يدرك تماماً أن هناك بطالة مقنعة يعانيها الجهاز الحكومى، فبدلاً من أن يشجع هذا البرنامج الشباب الذين اتجهوا إلى القطاع الخاص نجده يسعى إلى تطفيشهم من هذا القطاع، رغم حجم المعاناة الشديدة والصارخة التي يواجهها القطاع الخاص الكويتي في ديرته.

والأعجب أن الذين يطلقون تلك التصريحات البعيدة عن الواقع يدركون تمام الإدراك أن أكثر موظفي "إعادة الهيكلة" يعملون في وظائف تخالف مؤهلاتهم، كما هو الحال في جميع الأجهزة الحكومية، ومن يتتبع تاريخ كل وزراء الحكومة منذ الاستقلال حتى الآن يجد أن الفئة العظمى ممن حملوا الحقائب الوزارية كانت تخصصاتهم بعيدة كل البعد عن وظائفهم، فضلاً عن أن هناك شخصيات لم يشأ لها الحظ الحصول على شهادات جامعية ووصلت إلى الكرسى الوزاري.

ولذلك فإن على أي مسؤول أن يدرس قراراته وتصريحاته قبل أن يطلقها لوسائل الإعلام، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بلقمة عيش المواطن ومصيره الوظيفي، وكان الأحرى ببرنامج إعادة هيكلة القوى العاملة أن يطالب بإزالة الصعوبات والعراقيل التي تواجه المواطنين العاملين في القطاع الخاص، حتى لا تؤدي تلك التصريحات إلى تطفيشهم إلى القطاع الحكومي، وقبل أن يتحدث مسؤول ما عن ملاءمة المؤهل لطبيعة العمل في القطاع الخاص نقول له: أيها المسؤول عندما تربط الدولة أولاً سوق العمل بالتعليم الجامعي وغيره، وعندما تجد الدولة مخرجاً لمشكلة التوظيف التي تزداد تأزماً عاماً بعد عام، وعندما توفر الدولة كل السبل التشجيعية البعيدة عن الروتين والبيروقراطية للقطاع الخاص، وقتها يمكن التحدث عن تناغم الوظائف في القطاع الخاص مع مؤهلات المواطنين.

back to top