«إنهيار أمني» في المدن الأميركية وتصاعد التحريض ضد المهاجرين

نشر في 03-09-2015 | 00:01
آخر تحديث 03-09-2015 | 00:01
لم تنجح حوادث إطلاق النار المتكررة في العديد من المدن الأميركية، في التحول إلى مادة سجال رئيسية في بورصة السجالات المحتدمة بين المرشحين إلى منصب الرئاسة الأميركية.

فالكل يعلم ان الأمر مرتبط بلوبي السلاح الأكثر حظوة وتأثيراً على مكونات السلطة في واشنطن.

ولا تنحصر المعضلة في عمليات القتل الدورية، كما حصل الاسبوع الماضي، حين قتلت مراسلة تلفزيونية، ومصورها على الهواء مباشرة في احدى مدن ولاية فرجينيا. فغالبا ما تفسر تلك الأحداث "نفسيا" او اجتماعيا او حتى عرقياً.

لكن مع انضمام العاصمة الفدرالية واشنطن الى قائمة المدن الأميركية الأكثر خطورة، فإن الأمر يتجاوز التفسير المبسط لحوادث القتل اليومية، التي تشهدها "أزقتها" بعد تجاوز عدد القتلى فيها نهاية شهر اغسطس عدد الذين قتلوا عام 2014 برمته.

واقع فرض تحركات اجتماعية، ورسمية مكثفة لتطويق هذه الظاهرة، خصوصا أن المدينة تستعد لاستقبال ضيوف غير عاديين بعد أسابيع، كبابا الفاتيكان فرنسيس الاول والرئيس الصيني زي جين بينغ.

وسجلت تحركات لافتة لمواطنين أميركيين من كل الأعراق، تطالب بمعالجات تتجاوز الجانب الأمني، الذي بادر حكام المدينة إلى تعزيزه عبر تخصيص موازنة إضافية بقيمة 15 مليون دولار، لزيادة عدد أفراد الشرطة وإنهاء خفض موازنتها.

يقول سكان واشنطن ان الأمر يتجاوز حالة الرعب من إطلاق النار شبه اليومي، وتراجع حركة الساهرين ومرتادي المطاعم والحانات، الى التأثير السلبي على الحركة التجارية عموما، وسوق العقارات خصوصا.

فالعديد من العائلات بدأ يفكر في مغادرة المدينة وبيع عقاراته التي تعد من بين الاغلى، ولو بأسعار أدنى من قيمتها السوقية. فيما مؤسسات تجارية واقتصادية كبرى تتجه الى الاستقرار في ضواحي واشنطن، خصوصا في ولاية فرجينيا الأكثر أمنا وليس في ولاية ميرلاند التي تعاني ما تعانيه على هذا الصعيد، بعد الأحداث الأخيرة التي شهدتها مدينة بلتيمور القريبة.

ولا يخفي الإعلام الأميركي حالة القلق المتنامية، في الوقت الذي يلجأ فيه بعض المرشحين الرئاسيين إلى استغلال الأمر وتوظيفه بشكل أحادي الجانب عبر التركيز على قضية المهاجرين غير الشرعيين، وتحميلهم مسؤولية تفشي العنف والمخدرات، كما يفعل دونالد ترامب المرشح الجمهوري الذي لا يزال يحتل مركز الصدارة في استطلاعات الرأي.

أصوات شعبية عدة تطالب بعدم تحويل السجال الى حرب بين الأميركيين والمهاجرين من أصول لاتينية، وبضرورة معالجة الخلل الاجتماعي والبنيوي، الذي يزيد من حدة الفوارق الطبقية، سواء بين الأميركيين أنفسهم او مع المهاجرين.

يدرك العديد من الأميركيين ان الخطاب الشعبوي والتحريضي الذي يلجأ اليه دونالد ترامب، ينهل من التململ الذي يعيشه الاميركيون، جراء الضغوط الاقتصادية والمعيشية في ظل نظام يقدس الاقتصاد الحر بعيداً من أي شكل من أشكال تدخل الدولة ولو عبر مشاريع رعاية اجتماعية بدائية، اذا ما قيست بدول أوروبا الغربية.

وتحت شعار الدفاع عن حقوق "دافعي الضرائب" يجري تحريض الناخب الأميركي على رفض تلك المشاريع، وتصوير المهاجرين على أنهم الخطر الرئيسي على رفاهيتهم.

أما المساس بـ"لوبي السلاح" المهيمن على أروقة الكونغرس فلايزال من المحرمات التي قد تطيح بمصدر ثروة تقدر بمئات المليارات من الدولارات سنويا، وتصور على انها من المصادر الرئيسية لخلق فرص العمل!

back to top