«الإجماع»... ركن أساسي بعد القرآن والسنّة

نشر في 24-06-2015 | 00:01
آخر تحديث 24-06-2015 | 00:01
No Image Caption
الإجماع في الشريعة الإسلامية هو الاتفاق على قضية من قضايا الدين الإسلامي الخلافية، لأن الإسلام بطبيعته دين مبني على قواعد أصولية منها القرآن والسنة، ويأتaي الإجماع ثالث أهم ركن في هذه الشريعة، ويعقبه القياس، وأن النبي (صلى الله وعليه وسلم) حذر من الفرقة والاختلاف، وحث على الإجماع .

هذا ما تناوله وعرفه كتاب "الإجماع في الشريعة الإسلامية" للشيخ علي عبدالرازق والصادر عن الهيئة العامة للكتاب، باعتبار أن الإجماع هو اتفاق علماء العصر من الأمة على أمر ديني، وقيل أيضاً هو اتفاق أهل الحل والعقد على حكم الحادثة قولا.

كما عدد الكتاب الأدوار التاريخية التي مر بها الإجماع، بداية من عصر الصحابة، الذي كان المهد الأول لمولد الإجماع، فقد كانت عندما تستصعب عليهم مسألة ما يجمعون كبار الصحابة، ليتدارسوا هذا الأمر، حيث كانت أولى الجلسات التي مارسها المسلمون بعد وفاة النبي (ص)، ما قام به أبوبكر الصديق رضي الله عنه، عندما جمع صحابة الرسول (ص) قبل بدء جمعه للقرآن الكريم من أجل التدوين، وأيضاً عندما أخذ رأيهم في حرب المرتدين في البلاد المفتوحة، فكانت هذه هي سنة الإجماع الأولى التي سار عليها المسلمون في ما بعد إلى يومنا هذا، ثم أتى العصر الثاني للإجماع وهو عصر التابعين، وشهد هذا العصر تفرقاً بين الصحابة، حيث هاجر أغلبهم إلى بلدان متفرقة، فأحدث ذلك صعوبة في الإجماع، وتم إهمال هذا المصدر من التشريع في تلك الحقبة، ثم تلا ذلك عصر جمع الإجماع أو "الاجتهاد"، حيث حرص الإمام مالك على جمع إجماع أهل المدينة، وقام أبوحنيفة بإجماع أهل الكوفة، وقد حرص الإمامان على الالتزام التام بإجماع من سبقه، ثم بدأ الإجماع يسير شيئا فشيئا حتى عم البلاد الإسلامية قاطبة.

وتلا ذلك عصر فقهاء المذاهب، وفي هذا العصر نضج الإجماع، حيث بدأت المذاهب الفقهية في ضبط القواعد الدينية بضرورة حجية الإجماع كمصدر أساسي للتشريع أو الاجتهاد من السلف.

كما تطرق الكتاب إلى عرض مجموعة من الأدلة الدامغة التي تؤكد الإجماع وأنواعه بمجموعة من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تؤكد ضرورة العمل بالإجماع، فقد جاء في قوله سبحانه وتعالى: "وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ" (البقرة:143)، وقول النبي (ص): "لا تجتمع أمتي على ضلالة"، كما تنوعت أنواع الإجماع منها الإجماع الصريح، وهو مدى اتفاق آراء المجتهدين قولا وفعلا على الحكم في مسألة معينة، ويصبح هذا النوع حجة أصل قديما وحديثا، أما النوع الثاني فهو "الإجماع السكوتي"، وهو أن يقول بعض المجتهدين في العصر الواحد قولاً في مسألة معينة، ويسكت بقية العلماء في ذلك العصر عن هذا الإجماع.

ويضع المؤلف مجموعة من الشروط حتى يصبح الإجماع حجة، وهو أن يكون الإجماع مبنياً على مستند صحيح من كتاب أو سنة، وأن يتفق المجتهدون في الحكم في زمن معين على وجود أمارة على الرضا، وأن يقع الاتفاق بين أهل الاجتهاد الموصوفين بالعدالة ومخالفة البدع، كما أن الإجماع الصحيح استبعد من أركانه أصحاب البدع المكفرة لغير إجماعهم، مثل إجماع الروافض، وهم من رفضوا إمامة أبي بكر وعمر، كما لا عبرة لإجماع عوام الناس ما لم تتوافر فيهم صفة الاجتهاد.

back to top