منظور آخر: رسالة حنان

نشر في 21-06-2015
آخر تحديث 21-06-2015 | 00:01
 أروى الوقيان كانت رسالة حنان كغيرها من عشرات الرسائل التي تصلني وتصلكم من لاجئين سوريين يطلبون المساعدة من خلال رسائل عشوائية تبعث على الواتساب، في البداية تجاهلتها ولكن كنت في رحلة تطوعية في جيبوتي فجاءتني رسالتها الثانية تشكو من اقتراب موعد ولادتها القيصرية، وأرسلت لي بياناتها كاملة، لا أعرف لماذا ساورني يقين بأنها قد تكون صادقة.

طلبت منها مزيدا من البيانات واستأذنتها بأنني سأنشر بياناتها، وقلت لها إني سأساعدها بشيء بسيط فقط، ولكن بعد فترة شهر أرسلت لي رسالة مضمونها بأن الباقي على ولادتها شهر، ولأنها قيصرية فلن يتم دفعها من المفوضية أو المستشفى المعني باللاجئين في الأردن، كنت أود أن أساعدها لكن شكّي في صحة أقوالها وخوفي أن تذهب الأموال للإرهاب أو "داعش" جعلاني أتردد كثيرا.

كان لي زميلي وصديقي في جمعية الهلال الأحمر الكويتية خالد الزيد، فاستفسرت منه إذا كان يستطيع أن يساعدني، فاقترح أن يذهب زميله من الهلال الأحمر الأردني ليتأكد من حالتها، وإن صحت أقوالها فسيتم الذهاب للمستشفى ويتم دفع العملية، لن تستلم هي أي مبالغ نقدية.

ونشرت رسائل بين المعارف والأصدقاء لمن يريد أن يساهم في عمليتها، ولحسن الحظ تجاوبت خالة صديقتي وأعطتني مبلغا تكفل بعمليتها قبل يومين فقط من ولادتها، وتم تحويل النقود، وبإشراف من الهلال الأحمر، وفور ولادتها أرسلت لي صورة وليدها.

غمرتني سعادة لأنني استطعت أن أكون وسيطة بين لاجئ لن يصدقه أحد ومتبرعة، وبالفعل أثناء زيارتي الأخيرة لعمان في رحلة لتوزيع المساعدات على اللاجئين السوريين في العديد من المحافظات الأردنية، شاهدت على أرض الواقع مشاهد متعددة بين لاجئ يكذب وآخر يبكي وكثيرين مهمشين لا يملكون شيئا ولم يستلموا شيئا، وفي كثير من الروايات صدق وفي كثير منها كذب، لكنه لاجئ ومعدم في كل الحالات، يجب أن يعمل بأي شيء ليوفر قوت يومه ومصاريفه الأخرى.

اللاجئون هناك لا يعترفون بحد للتناسل والتكاثر، يستمرون في الإنجاب وهم لا يملكون أساسيات الحياة، ينشأ أطفالهم بخيمة ويتعلمون التسول، تجدهم يتسولون في جميع البلدان التي قصدوها بعدما رحلوا من سورية، في لبنان وتركيا والأردن، فالحمل أصبح ثقيلا على الدول المستضيفة، تلك التي ضاقت ذرعا بوجودهم وخطفهم لفرص عمل المواطن بأقل الأسعار، بلد مثل الأردن يعاني فقرا واقتصادا ضعيفا تجده يشعر بالظلم لأن هذا اللاجئ بات يستولي على كل المساعدات في حين هناك فقر منتشر بين المواطنين أنفسهم.

الحرب لا تضر البلد نفسه بل العالم العربي بأسره، حين وصلت إلى منطقة المفرق طلبت من حنان أن تحضر لأراها وأسلمها شيئا من المساعدات، وصلت حنان وبحضنها ابنها عمر، وقالت لي هذا هو ابني الذي ساعدتني في ولادته، قبلت الأم والابن، وحضنتني وقالت شكراً لأنك صدقتني.

قفلة:

نتفاخر في طبخ ما لذّ وطاب في رمضان، ونحن نعلم أن القمامة ستصيبها تخمة من فرط ما نرمي بها من طعام، لو أننا نفكر بهذا الآخر كيف يكدح ليجد ما يفطر به لتريثنا قليلا، فالكويت بات فيها العديد من الحملات التطوعية من تلك التي تفيد الأسر المتعففة، فلا تتردد في تقديم القليل، فالقليل قد يكفي الكثير دون أن تعلم.

back to top