الثروة السمكية واستهداف الصيادين

نشر في 02-01-2016
آخر تحديث 02-01-2016 | 00:01
 أحمد الخياط ارتبطت دولة الكويت بالبحر ارتباطاً وثيقاً منذ نشأتها، حيث كان مصدر الرزق الوحيد قبل اكتشاف النفط، واستمرت هذه العلاقة حتى وقتنا الحالي، فهناك من يتخذ من البحر والصيد هواية ورياضة، وهناك من يتخذ منه مصدراً للرزق ويمارس المهن المرتبطة به من وسائل صيد، ومازال العديد يستخدم البحر كمصدر إضافي للدخل، لكن الهيئة العامة للثروة السمكية وضعت غرامات خيالية على الصيادين تصل إلى خمسين ألف دينار.

نحن ندرك أن المخالف يجب أن يعاقب حسب القانون، ولكن يجب أن تكون العقوبة مناسبة للخطأ لا بهذا القدر، ونحن نعلم أيضا من الفئة التي تعمل في مجال الصيد، أنهم من محدودي الدخل ممن يبحث عن مصدر رزق حلال يعينهم على توفير حاجاتهم والتزاماتهم، ومنهم المتقاعدون ممن اعتادوا ارتياد البحر والعمل في مجاله، لتحقيق مردود مادي يساعدهم في معيشتهم، والمفترض معاقبة المجرمين والمرتشين وسراق المال العام بدل معاقبة الصيادين الذين يساهمون في تنمية الموارد الغذائية.

كما أن البحر يعتبر تاريخ الأجداد وتراثهم، والمحافظة عليه وعدم محاربته واجبة، لتشجيع الشباب على ممارسة المهن البحرية في وقت فراغهم وتحصينهم من الانحراف بدلاً من إهدار أوقاتهم. والسؤال هنا: هل يستحق الصياد هذه العقوبات الخيالية؟ فالجميع يعلم أن هذه المخالفة لا يستطيع الصياد ولا حتى التاجر دفعها؛ لأنها لا تتناسب مع دخله، كما يعلم الجميع حجم التعب الذي يبذله الصياد في البحر والتكلفة المادية لشراء طراد ومستلزماته، إضافة إلى قلة المردود المادي، فلماذا نجعل البحر بيئة طاردة للصياد بدلاً من جعله بيئة جاذبة، فمشاكل البحر ليست من صنع الصيادين، بل هي متراكمة من جهات أخرى، مثل مشكلة تلوث المياه وظاهرة نفوق الأسماك وتلوث الشواطئ ومخلفات المصانع والناقلات والصرف الصحي وغيرها، فلماذا يتحمل الصياد أخطاء غيره؟

على مجلس الوزراء أو المشرع (مجلس الأمة) إعادة النظر في هذه المخالفات، وإنصاف الصيادين الكويتيين من هذا الظلم الواضح؟ ألا يجب تشجيع الكويتيين على إحياء التراث الكويتي الأصيل لا هدمه وتلاشيه؟ فلماذا نحارب أصالتنا وتاريخنا؟ أليس الأحرى محاربة تجار اللحوم الفاسدة والمخدرات لا محاربة الصيادين الذين لجأوا إلى البحر كمصدر للرزق لحاجتهم إلى ذلك؟

ليس من المنطقي أن تكون عقوبة صيد السمك من خمسة إلى خمسين ألف دينار، بينما عقوبة تجار اللحوم الفاسدة لا تتجاوز ألفاً فقط، أنصفوا بحرنا وأنصفوا تراثنا بفتح المجال لاستخراج رخص صيد لهذه الفئة، لأن هذه الرخص متوقفة منذ أكثر من ثلاثين سنة... يجب أن تراجعوا العقوبات.

back to top