المتسترون على الفساد

نشر في 31-10-2015
آخر تحديث 31-10-2015 | 00:01
 ماجد بورمية عندما ينمو نبت الفساد الشيطاني في مجتمع ما فلا تسأل عن انتشاره أولاً، بل انظر فيمن غرزوا بذوره في الأرض، لأن هناك متسترين على الفساد يقفون خلف الستار ويرون بأعينهم نهب المال العام... فهؤلاء تتضخم أرصدتهم في البنوك المحلية والدولية مقابل صمتهم وتسترهم على الفاسدين، وهؤلاء إذا قيل لهم اتقوا الله أخذتهم العزة بالإثم وانطبقت عليهم الآية الكريمة "وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ (12)".  ونحن في الكويت نعاني الفساد الممنهج الذي ينتشر وبقوة هائلة في معظم مؤسسات الدولة، ومن يشكك في ذلك نقل له: انظر إلى حال الكثير ممن كانوا لا يملكون سوى راتبهم، والآن بقدرة قادر أصبحوا من أصحاب الملايين والمليارات... وفي يقيني أن المتستر على الفساد والمفسدين أكثر ضرراً من الفاسد نفسه لأنه هو من يحمي جرائم نهب المال العام تحت مظلة منصبه، وهؤلاء لا يهمهم الاستثمارات التي طفشت خارج الديرة لرفض أصحابها الدفع "تحت الطاولة" لتمرير معاملاتهم... ولا يهمهم إلى أي مدى يؤدي الفساد من ضعف إحساس المواطن بالمواطنة.

ولعل السؤال الذي يطرح نفسه في معمعة طرح قضايا الفساد في الكويت: من لعب خلف الستار لحل جمعية الشفافية الكويتية من قبل الحكومة بحجة أنها تشوه سمعة الكويت خارجياً؟! إنهم يريدون من الشرفاء أن يدفنوا رؤوسهم في الرمال، ويريدون من الكل الصمت على نهب المال العام، ألم يصرح صاحب السمو أمير البلاد يوماً بأن "الفساد في البلدية لا تحمله البعارين"، فهل كان سموه بهذا القول يشوه سمعة الكويت، أم كان يطالب بضرورة حماية البلاد من الفساد؟.

ونقول إن الفاسدين ومن يتسترون عليهم هم من يشوهون صورة الكويت خارجياً، وليست تقارير جمعية الشفافية عن انتهاكات المال العام في الكويت، وبهذه المناسبة: ألم يذكر تقرير منظمة الشفافية العالمية، الذي صدر نهاية العام الماضي 2014، أن الفساد في الكويت هو الأكثر بين دول الخليج، وحصلت الكويت على المركز السابع عربياً والثامنة على مستوى منطقة الشرق الأوسط؟!

فهل هناك اسوداد في المشهد أكثر من ذلك، ونقول إن الفساد المتغلغل في أركان الدولة لن يقضى عليه إلا بوضع القوي الأمين، وبلدنا والحمد لله عامر بأصحاب الشرف والنزاهة والكفاءة، ولكن هؤلاء، مع الأسف، مستبعدون من المناصب، لأنهم لن يسكتوا أو يتستروا على الفساد، لذا نقول إن محاربة الفساد لا تأتي بالأمنيات القلبية بل لابد أن تتخذ الحكومة الآليات التي تحمي المال العام، هذا إذا كانت فعلاً ترغب في وقف نهب المال العام ومحاربة الفساد.

back to top