مصر ومجلس الأمن

نشر في 04-09-2015
آخر تحديث 04-09-2015 | 00:05
رفضت السعودية طواعية دخول مجلس الأمن احتجاجاً على سياساته الانتقائية وتمييزه بين الدول، ورفضاً لحق «الفيتو» الذي يمنحه المجلس للدول الدائمة العضوية للاعتراض على قراراته، في وقت تعتبر سياسة هذا المجلس بوجه عام محل انتقادات دولية واسعة، لاسيما مع استغلاله من قبل الدول الدائمة العضوية لتنفيذ سياساتها.
 د. محمد لطفـي تقف مصر على ساق واحدة وتبذل وزارتا الخارجية والإعلام أقصى طاقتهما من أجل أن تنجح مصر في دخول مجلس الأمن دورة قادمة للمرة السادسة في تاريخها. وكمصري يسعدني ذلك، ولكن هل يستحق هذا الأمر أن يتحول إلى مسألة حياة أو موت؟ أم أن هناك أسباباً أخرى؟

بداية، وكما هو معروف، يتشكل مجلس الأمن من 15 عضواً (دولة) 5 دائمين و10 غير دائمين، يتم تغييرهم كل سنتين على دفعتين، يمثلون 5 مجموعات (أميركا الجنوبية والكاريبي – آسيا والمحيط الهادئ – إفريقيا – أوروبا الشرقية – أوروبا الغربية وباقي دول العالم).

بدأ تشكيل مجلس الأمن بعد إنشاء عصبة الأمم عقب الحرب العالمية الثانية وهزيمة ألمانيا، لذلك لم تدخل ضمن الدول دائمة العضوية (روسيا- الولايات المتحدة – إنكلترا – فرنسا – الصين)، وتدخل ألمانيا كدولة غير دائمة العضوية ممثلة لمجموعة أوروبا الغربية وباقي دول العالم.

ومن المعلوم أيضاً أن هناك 60 دولة من الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة ليست أعضاء في مجلس الأمن، وبمتابعة تاريخية سنجد أن ألمانيا، رغم أهميتها ومكانتها الدولية والإقليمية وقيادتها لأوروبا، لم تدخل مجلس الأمن إلا 5 مرات فقط! بينما دخلته كولومبيا – مثلاً – 7 مرات والبرازيل 10 مرات، وبالتالي فلا علاقة بين الدولة وقيمتها ومكانتها وبين عدد مرات اختيارها لمجلس الأمن.

 وهناك ما هو أوضح دليلاً، فالسعودية رفضت طواعية دخول مجلس الأمن احتجاجاً على سياساته الانتقائية وتمييزه بين الدول، وكذلك رفضاً لحق "الفيتو" الذي يمنحه المجلس للدول الدائمة العضوية للاعتراض على قراراته، في وقت تعتبر سياسة هذا المجلس بوجه عام محل انتقادات دولية واسعة، لاسيما مع استغلاله من قبل الدول الدائمة العضوية لتنفيذ سياساتها.

وهكذا فإن دخول مجلس الأمن لفترة أو أكثر ليس الجنة الموعودة ولا النجاح والتفوق المنقطع النظير الذي يبذل دونه كل غال، وليس تعبيراً عن المكانة الدولية، ولا حلاً للمشاكل الإقليمية، وإذا كان الأمر كذلك فلماذا هذا الحرص المصري الشديد والتهافت المبالغ فيه والضجة الإعلامية لدخوله؟ خصوصاً أن مصر مثلاً لا تستطيع تغيير سياسته جذرياً، ولا يمكنها بمفردها فرض قرار ما، وسبق لها دخوله أكثر من مرة، فلماذا هذه المرة تحديداً أصبحت مسألة حياة أو موت؟

باختصار يرجع الأمر إلى سابق فشلها في دخوله منذ عامين عندما رفض الاتحاد الإفريقي ترشيحها، وبالتالي فدخولها اليوم يعتبر رد شرف واستعادة كرامة (أو هكذا يرى المسؤولون)، ويعتقد البعض أيضاً أن نجاح مصر في دخوله سيقلل من حدة الانتقادات الغربية والدولية للسياسة الداخلية المصرية، لهذا تحولت مسألة دخول مصر إلى مجلس الأمن إلى قضية كبرى تشغل الجميع.

والسؤال: هل ستنجح مصر في الدخول إليه؟ وإذا نجحت فهل سيخفف هذا فعلاً الانتقادات الخارجية للسياسة الداخلية؟... هذا ما سنراه.

back to top