صفقة منتهية

نشر في 11-09-2015
آخر تحديث 11-09-2015 | 00:01
 ميامي هيرالد حقق أوباما انتصاراً بارزاً في السياسة الخارجية مع تقديم أكبر عدد من الأعضاء الديمقراطيين في الكونغرس دعمهم لاتفاق الأسلحة النووية مع إيران، ولكن لحظة! لا تتحرك! ما هذا إلا الفصل الأول في مسرحية سياسية طويلة لم تُكتب نهايتها بعد.

اعتُبرت السيناتورة الديمقراطية باربرا ميكولسكي من ماريلاند، التي توشك على التقاعد، الصوت الرابع والثلاثين الأساسي الذي يؤيد الاتفاق، وهكذا صار مجلس الشيوخ يسمح لأوباما باستخدام حق النقض في حال رُفض الاتفاق، وبهذه الخطوة، عكست ميكولسكي رأي الداعمين الآخرين الذين يعتبرون الاتفاق الخيار المتوافر الأفضل لمنع إيران من تطوير سلاح نووي.

ولكن على حد علمنا، أعلن كل مؤيد لهذا الاتفاق بعض التحفظات بشأن هذه الخطة: من عمليات التفتيش ونوايا إيران السيئة في الشرق الأوسط إلى ما سيحدث بعد 15 سنة تقريباً عندما تنتهي صلاحيات بنود الصفقة.

لا شك أنهم محقون، لكن البيت الأبيض انتصر في النهاية لأنه ما من بديل منطقي لاتفاق جرى التفاوض بشأنه طوال السنتين الماضيتين ويتمتع بدعم كل الأمم الكبرى الأخرى حول العالم.

لا يشكل الابتعاد والمطالبة (أو الأمل) بصفقة أفضل، كما يريد عدد كبير من الجمهوريين، خياراً منطقياً، فسيوقع الرفض هذا البلد في عزلة، ويجعله عاجزاً عن فرض عقوبات اقتصادية عالمية كتلك التي أرغمت إيران على الجلوس إلى طاولة المفاوضات في المقام الأول.

اتخذت أمم أخرى، بما فيها ألمانيا، واليابان، والممكة المتحدة، وهي كلها من حلفاء الولايات المتحدة، خطوات لاستئناف العلاقات التجارية مع إيران مع اقتراب احتمال انتهاء العقوبات، ولا شك أنها لن تبدل مسارها في هذه المرحلة فقط لأن الأعضاء الجمهوريين في الكونغرس لا يحبذون ذلك، فقد سارع الدبلوماسيون الإنكليز إلى طهران لإعادة فتح سفارتهم المقفلة منذ زمن.

تُعتبر إدارة أوباما مسؤولة عن جزء من المعمعة التي أحاطت بالاتفاق، كما حدث عندما أعلن وزير الخارجية الأميركي جون كيري بوضوح أننا نعرف كل ما نريد معرفته عن برنامج إيران النووي السري بفضل أجهزة الاستخبارات الأميركية، لكن الخبراء يعتقدون أن ثمة تفاصيل كثيرة نجهلها، وأن فراغات كثيرة تحتاج إلى ما يملؤها.

لكن وجهاً آخر من أوجه هذه الصفقة يُستهدف بكل وضوح: إن اتضح أن إيران تغش فستكون الولايات المتحدة في موقف أكثر قوة لدق ناقوس الخطر والفوز بالدعم من أمم أخرى للتعامل بتشدد مع طهران، عائدة مرة أخرى إلى فرض العقوبات، أو ربما اللجوء إلى القوة العسكرية، إن دعت الحاجة.

لكن هذا سيتطلب القيادة ليس من أوباما فحسب خلال السنتين المتبقيتين من عهده، بل أيضاً ممن يخلفونه، فسيُضطرون إلى إرغام إيران على الالتزام ببنود التفتيش، كذلك عليهم الاستعداد لمنعها من توسيع نشاطاتها الإرهابية وشبكاتها في الشرق الأوسط، ويعني هذا حض إسرائيل وحلفاء الولايات المتحدة الآخرين في المنطقة على الحرص على ألا تصبح إيران القوة المهيمنة.

أعلن أوباما أنه لن يسمح لإيران بتطوير أسلحة نووية خلال عهده، لكن تصريحاً قوياً بشأن السياسة الأميركية في هذا الصدد لا يلزم إدارته فحسب بل الإدارات اللاحقة أيضاً، ويُعتبر خطوة يرحب بها حلفاء هذا البلد في المنطقة، وخصوصاً إسرائيل. والأفضل من ذلك وضع استراتيجية لا تقتصر على التعامل مع الغش الإيراني، بل تشمل أيضاً ما سيحدث بعد انتهاء مدة بنود هذه الصفقة.

يجب أن تدرك إيران أن العالم سيبقى موحداً، كما هو اليوم، في رفضه القبول بها كقوة نووية، ووحدها الولايات المتحدة تستطيع حمل الأمم الأخرى في العالم على التمسك بثبات بهذا المبدأ، ولن تُسدل الستارة على هذه المسرحية، إلا إذا نشأ في إيران (إن حدث ذلك يوماً) جيل جديد من القادة المعتدلين الذين يرفضون بشكل مقنع امتلاك أسلحة نووية.

back to top