6/6 المحكمة الدستورية وردّ الاعتبار

نشر في 22-12-2015
آخر تحديث 22-12-2015 | 00:01
 يوسف الجاسم أستأذنكم بالتوقف سريعاً في محطتين قبل موضوع مقال اليوم:

* شكراً لكل يد غرست الفرحة في قلوبنا جميعاً في جمعة النشوة الوطنية التي شهدت افتتاح استاد جابر الدولي، بحضور أميري ورسمي مهيب، واحتشاد شعبي متألق، وأجواء احتفالية بهيجة.  

جاءت هذه المظاهر جميعها لتكسر حالة التصحّر الإنجازي التي توطّنت لدينا فترة طويلة! وأن يتأخر الافتتاح أكثر من عشر سنوات أفضل من ألا يأتي أبداً.

"برافو" يا ديرة اليامال، ومبروك للكويت ورياضييها.

* شكراً للسفير السعودي الصديق الفاضل د. عبدالعزيز الفايز لتوضيحه لي حول مقالتي السابقة "السعودية دولة المركز "بأن المسارح غير منعدمة في أرض المملكة كما كتبت، ولكنها غير منتشرة أو منتظمة، وكذلك المرأة السعودية تحمل بطاقة مدنية منفصلة عن العائلية، لا كما ذكرت في المقالة، لذلك اقتضى التنويه، مع سعادتي بأن ذلك التوضيح يؤكد أن الحراك الاجتماعي السعودي نحو الأفضل يبقى حقيقة واقعة، ويؤكد أهمية الدور المحوري السعودي خليجياً وعربياً وإسلامياً.

***

أما موضوعنا اليوم فهو اعتقادي أن الحكم الذي صدر عن المحكمة الدستورية بشأن رفض الطعن في عدم دستورية قانون منع الاختلاط وتفسيرات المحكمة لبنوده، يؤكد رصانة أحكام القضاء الكويتي والمرجعي منه على الأخص كالمحكمة الدستورية.

فقراءة ذلك الحكم وتفسيره لغوامض نصوص القانون المطعون بعدم دستوريته تعني إقصاء التفكير الغريب الذي وقف خلف من شرّع ذلك القانون أو دفع بتشريعه (عام ١٩٩٦)، وهو ادعاء سد ذرائع الفساد الأخلاقي بين الطلاب والطالبات في الحرم الجامعي، إن هما اختلطا في مبنى واحد أو قاعة درس مشتركة! وهو تفكير أعوج انطلق ولايزال من تدنّي الثقة بأخلاق الناشئة وتربيتهم على العفاف وصون الأعراض، بل واعوجاج النظرة نحو الأنثى من جانب الذكور، وهي نظرة للأسف لا احترام فيها لكرامتها ولا انضباط أخلاقي يحكمها!

جاءت المحكمة الدستورية في حكمها لتؤكد أنه لا شائبة بدستورية القانون، بل الشائبة في تفسيره القائم على العزل والفصل الحسّي، بإنشاء المباني والفصول المعزولة بل إقامة الأخاديد والجداول المائية بين مباني الذكور والإناث، وهذا ما شهدناه بأم العين حينما زرنا مشروع الصرح الكبير (مدينة صباح السالم الجامعية).

 المحكمة قررت أنه يكفي لتحقيق مُراد المشرّع توافر أماكن للطالبات في نفس القاعات الدراسية التي يتواجد فيها إخوانها من الطلبة الذكور.

وهكذا ردّت المحكمة الدستورية الاعتبار للثقة بالأبناء وبكرامة البنات من أجيالنا الناشئة طلاب وطالبات التعليم الجامعي، وكذلك استعاد حُكمها للكويت مكانتها المتحضرة بين دول العالم، وقضى بأن التواجد المختلط في قاعات الدراسة لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية الحقة، وإلا لما أُبيح التعليم الجامعي المختلط في أغلبية الدول الإسلامية.

شكراً للمحكمة الدستورية حكمها المتكامل الرصين، وهنيئاً لأبنائنا وبناتنا رد المحكمة اعتبارهم وثقة المجتمع بهم، وهنيئاً لإدارة الجامعة والدولة توفير الملايين المهدورة على مستلزمات الفصل بين الطلاب والطالبات في الجامعات، التي كانت ستنفق على هيئات تدريس مضاعفة الأعداد والتكاليف، بعد أن أُرهقت مالية الدولة بالفصول والمباني المعزولة، وإن كانت المصادفة قد هيأت الفرصة للاستفادة من المباني الفائضة عن الحاجة لإنشاء جامعة ثانية، كما صرّح به وزير التربية وزير التعليم العالي د. بدر العيسى.

أخيرا شكراً لقضائنا العادل لردّه الاعتبار لمكانة الكويت الحضارية في القرن الحادي والعشرين.

وشكراً لقضائنا العادل لإعادة مكانة الكويت إلى حاضرة القرن الحادي والعشرين.

back to top