تداعيات فقدان الشريك
تتعدد الحالات التي تضطر فيها المرأة إلى العيش وحدها بعد فقدان شخص عزيز عليها. قد تضطر إلى التعامل مع وفاة زوجها، فتتحول الوحدة أحياناً إلى عزلة تامة لأن الحزن الذي ينتابها يكون قوياً جداً. لذا يستحيل أن تفكر في إعادة بناء حياتها مع رجل آخر. لكن يمكن أن تقدم لها الحياة مفاجآت كثيرة... لم يعد الترمّل اليوم يستمر حتى نهاية الحياة، إذ يمكن أن تبدأ الأرملة حياة جديدة بعد وفاة زوجها شرط أن تمرّ فترة معينة تسمح لها بتجاوز ألم الفراق.
مراحل الحداد
فترة الحداد هي عبارة عن مرحلة نفسية تدريجية يخوضها الفرد بعد فقدان شخص مقرّب منه. إنه مسار طويل وصعب ومؤلم. يتجاوز كل فرد مختلف المراحل بإيقاعه الخاص، بحسب ماضيه وتاريخه وموارده الشخصية. تمتد هذه الفترة عموماً على ثلاث مراحل أساسية.• الصدمةتمر المرأة بعد فقدان شخص عزيز عليها بحالة صدمة فتشعر بأنها منهارة و«مخدّرة}. حين تسمع خبر الوفاة، أول ما تفعله هو الرفض أو الإنكار. ترفض تقبّل اختفاء ذلك الشخص من حياتها. بشكل عام، يعيش الشخص في فترة الحداد بطريقة شبه {آلية} ولا يكون حاضراً في حياته بمعنى الكلمة. قد يجد صعوبة كبرى في التفكير واتخاذ القرارات وقد يشعر بأنه بعيد عن محيطه.• الفوضىتبدأ هذه المرحلة حين يدرك الشخص الذي يمرّ بفترة الحداد حجم المعاناة والفراغ في حياته نتيجة تلك الخسارة. فتنشأ مشاعر الحزن والإحباط. بعد وفاة الشريك، يبدو كل شيء تافهاً ويخاف الشخص من المستقبل ولا يرغب في فعل شيء ويعزل نفسه عن العالم الخارجي. قد يؤدي هذا الانغلاق على الذات إلى تباطؤ النشاطات الفكرية وحتى ضعف الذاكرة.يرتبط الألم العاطفي بمشاعر الوحدة والنقص. تكتشف الأرملة أن حياتها انقلبت رأساً على عقب وتدرك أنها مضطرة لتربية أولادها وتدبر أمورها العائلية وحدها. بسبب الفوضى التي تمس علاقاتها وحياتها المادية، قد تتخذ قرارات متسرعة وتندم عليها لاحقاً مثل تغيير مكان الإقامة أو بيع المقتنيات. تبقى مرحلة الفوضى هذه طبيعية ويعبّر الألم العاطفي عن اضطراب الحياة بعد فقدان الشريك.• إعادة التنظيمتبدأ هذه المرحلة بعد تقبّل الوفاة. تشمل إعادة بناء الذات، فيتمكن الشخص من النظر إلى محيطه الخارجي ومن إقامة روابط جديدة واستعادة متعة الحياة. لا تحصل هذه العملية بسلاسة نظراً إلى تجدد الذكريات الماضية أو وقوع الأحداث التي تفتح الجروح القديمة. تتطلب هذه المرحلة مساعدة خارجية. يمكن الاستفادة من مكان العمل أو الانشغال بالواجبات الاعتيادية لكن سرعان ما يترسخ شعور الوحدة وتبرز الحاجة إلى دعم الآخرين.انفصال غير مكتمليحاول الأرمل دوماً أن يجد معنىً للوضع الذي يعيشه، فيبحث عن انشغالات واستثمارات جديدة بالاتكال على دعم المقربين منه. يرتكز على الآليات التي تقوده إلى الانغلاق على الذات، لكن قد تتطور علاقات مميزة وجديدة أحياناً. وسرعان ما يحاول إثبات أنّ موت الشريك لا يعني نهاية العلاقة معه فهو حاضر دوماً في الذكريات وفي مختلف النشاطات.• شكل من {التحرر}ثمة طريقة {إيجابية} للتعامل مع اختفاء الشريك. قد تشعر المرأة بشيء من التحرر إذا كانت حياتها معزولة مع زوجها في المرحلة الأخيرة من حياتهما المشتركة. تشعر 54% من الأرامل فوق عمر الخمسين بأنهن تغيّرن منذ وفاة الزوج ويكتسبن هامشاً أوسع من الاستقلالية والكفاءة والراحة.لكن يجب التمييز بين نوعين من هذا {التحرر} الذي تشعر به الأرامل: قد يعكس التحرر مثلاً نهاية علاقة زوجية سيئة. لا داعي ليظهر شعور التحرر بكل وضوح، لكن يسهل أن تشعر الأرملة بأنها باتت أكثر استقلالية. قد ينشأ هذا الشعور إذا اضطرت الأرملة إلى الاعتناء بزوجها المريض. بعد انتهاء تلك المهمة الشاقة، قد تجد استثمارات جديدة وتجدد معنى وجودها.قد يظهر هذا الشعور أيضاً حين تبدأ الأرملة بنشاطات ما كانت لتحققها مع زوجها، فتكتشف جوانب جديدة من شخصيتها.إعادة بناء الحياةبعد مرور مرحلة الحداد، تتعلق المسألة الأساسية بتحديد كيفية إعادة بناء الحياة وتجديد الحب. لا بد من إنهاء فترة الحداد بشكل كامل قبل التفكير بهذه الخطوة. كل من يخوض هذا النوع من الانفصال يخسر شيئاً من تقدير الذات وتراوده الشكوك وتجتاحه مشاعر الغضب.يصعب في هذه الحالة تقبّل أي علاقة جديدة لكن يكون الوقت كفيلاً بمداواة الجروح العاطفية. حتى إنّ البعض يصبح أقوى بعد هذه التجربة، فيبلغ مستوىً أعلى من النضج والإنسانية انطلاقاً من المعاناة التي عاشها. يرغب في تجاوز شعوره بالفشل ويطلق مشروعاً جديداً يحمل فرصة النجاح.لكن كيف يمكن خوض مغامرة عاطفية جديدة من دون الخوف من المستقبل؟ في المقام الأول، يجب تجنب الوحدة وعدم التركيز حصراً على العمل وتربية الأولاد وعدم قطع جميع العلاقات الاجتماعية. لكن إذا كانت الحياة الزوجية طويلة جداً، قد لا ترغب المرأة في إطلاق أي مشاريع جديدة.المرأة بعد الترمّلإذا كانت المرأة تتكل بكل شيء على الطرف الآخر ولا تستطيع تحمّل الوحدة المستجدة، لا مفر من الانهيار. لإعادة بناء الحياة، لا بد من إنهاء مرحلة الحزن بالكامل، بعد الترمّل أو الطلاق. في ما يخص الترمّل، تضطرب الصورة الذاتية التي تحملها المرأة عن نفسها وقد لا تكون مستعدة لخوض تجارب عاطفية جديدة بسبب وفائها لزوجها رغم موته. لكن تراجعت هذه الحالات اليوم وبدأت الضغوط الاجتماعية المفروضة على المرأة بعد وفاة زوجها تضعف. تتمثل المشكلة الكبرى بوجود أولاد صغار. ترفض نساء كثيرات جميع التجارب العاطفية لحماية الأولاد من أي معاناة إضافية. وفق الإحصاءات، تتزوج المرأة مجدداً بعد سبع أو ثماني سنوات.نصائح للخروج من الحداد• البكاء عند الحاجة وعدم كبت المشاعر.• تقبّل الشعور بالحزن طوال الفترة اللازمة.• الاقتناع بضرورة أن يأخذ الحزن مجراه الطبيعي وعدم السعي إلى اختصاره أو تقليصه.• قبول مساعدة الآخرين لكن من دون أن يفرضوا عليك القيام بنشاطات معينة قبل أن تصبحي مستعدة لها.• الاعتناء بالذات: يجب أن تأكلي جيداً وتستشيري الطبيب لمعالجة أي مشكلة صحية.• الحفاظ على {روتين} طبيعي قدر الإمكان وتجنب التغيرات الجذرية خلال السنة الأولى.• عيش كل يوم ببساطته وعدم التفكير بالغد عند الشعور بالإحباط.• مع مرور الوقت، يجب الاستعداد لتجربة نشاطات جديدة والتعرف إلى أشخاص جدد.شهادةليلى (55 عاماً)، أرملة منذ 15 سنة{طوال 12 سنة، كنت أظن أن ما حصل غير عادل وكان يجب أن أموت مع زوجي في حادث السير الذي أودى بحياته. بكيتُ كثيراً عليه وعلى نفسي وعلى الحياة بشكل عام. لم يعد يهمني شيء. خلال تلك الفترة، كل ما فعلته هو محاولة {الصمود}. كنت آكل من دون أن أشعر بالجوع وكانت حياتي الاجتماعية معدومة. لكن منذ ثلاث سنوات، صادفتُ رجلاً يبكي على أحد المقاعد. لا أعرف السبب، لكني اقتربت منه لمساعدته. فشرح لي أنه خسر لتوه زوجته في حادث سيارة أيضاً. تبادلنا الحديث لوقت طويل ثم التقينا في اليوم التالي لمتابعة الكلام. مرت الأسابيع وكنا نتقابل دوماً إلى أن تغيرت نظرتنا إلى بعضنا بعد سنة، ففهمنا أن الحياة تغيرت منذ لقائنا! تزوجنا بعد فترة وقد استعدنا معاً متعة الحياة...}.اختبار:هل خُلِقتُ كي أعيش وحيدة؟لا يسهل دوماً أن تعيش المرأة وحدها، لكن يرتفع عدد النساء اللواتي يواجهن هذا الوضع في مرحلة معينة من الحياة ولأسباب مختلفة. ماذا عنك؟ كيف يمكن أن تعيشي هذه الظروف؟ هل خلقتِ كي تعيشي وحدك؟تلقيتِ دعوة عشاء لا تشمل إلا الثنائيات. كيف تتصرفين؟أ. أختلق عذراً كي أتجنب موقفاً مماثلاً.ب. أسأل إذا كنت أستطيع الحضور مع صديق أو صديقة.ج. سأستمتع حتماً لأنني سأكون العازبة الوحيدة في السهرة. سيحسدني كثيرون على ذلك!بماذا تشعرين حين تضطرين إلى النوم وحدك في سريرك الواسع كل ليلة؟ أ. إنه شعور مدهش! يمكنني أن أنام بكل راحة وأن أتمدد كما أشاء.ب. أحاول تجنب هذا الموقف وأبيت مع صديقاتي حين تسنح لي الفرصة.ج. آخذ أدوية منومة قبل النوم وهكذا لا أضطر إلى التفكير بشيء!بالنسبة إليك، ما معنى {الوحدة}؟أ. شجاعة.ب. عادة.ج. لا شيء... الوحدة هي الوحدة!ما أكثر ما ينقصك وأنت وحدك؟أ. رجل في حياتي.ب. التحدث مع شخص آخر.ج. القيام بمشاريع مشتركة.العيش مع طفل أو طفلين يساوي...أ. العيش وحدي.ب. تجنب الوحدة.ج. وحدة مشتركة.أجمل شيء في الوحدة:أ. عدم الاضطرار إلى تقديم التبريرات لأحد.ب. عدم التعرض للخيانة.ج. التمكن من إحراز التقدم وتطوير الذات.أصعب شيء في الوحدة:أ. غياب الحياة العاطفية.ب. المصاريف في نهاية كل شهر.ج. غياب التواصل والحوار.المرأة العازبة قد تصبح:أ. امرأة سياسية.ب. امرأة متديّنة.ج. مغامِرة منفردة.بماذا تحلمين اليوم؟أ. إيجاد الرجل المناسب.ب. مضاعفة المغامرات.ج. تحقيق النجاح من دون مساعدة أي رجل.أسوأ مصير لكل من يعيش وحده:أ. تمضية آخر أيام الحياة في مأوى للعجزة.ب. عدم إيجاد شخص للتكلم معه.ج. غياب الفرص التي تسمح بإعادة بناء الحياة. تحليل النتائج• أقل من 10 نقاط: اخرجي من قوقعتك!صحيح أن الوحدة لا تكون سهلة دوماً لكنها تشمل منافع عدة في الوقت نفسه! تكمن المشكلة في عدم رؤيتك تلك الإيجابيات بسبب شعور الوحدة الذي يسبب لك الإحباط. تحركي! اخرجي من قوقعتك وحاولي أن تجعلي من هذه المرحلة من حياتك لحظة سعادة حيث تخصصين كامل وقتك لنفسك ولكل ما يسعدك. خلال بضعة أشهر، قد تتحسرين على حياة العزوبية التي كنت تنعمين بها، حين كان كل شيء مسموحاً لك!• بين 10 و15 نقطة: حسّني مسار حياتك اليومية!اعتدتِ على الوحدة لدرجة أنك لا تدركين جميع إيجابياتها. لا شيء يمنعك من عيش حياتك كما تريدين ومن إيجاد الشريك الذي ينقصك. اخرجي، نظمي النشاطات، غيري مظهرك، شاركي في أمسيات للعازبات، استمتعي بوقتك! إذا فعلتِ ذلك، قد تجدين خلال بضعة أشهر الشريك الذي تنتظرينه وقد تتوقين إلى استرجاع حياتك السابقة، حين كنت تجدين الوقت للاعتناء بنفسك!• أكثر من 15 نقطة: أنت سعيدة بحياة العزوبية!لا شك في أنك متصالحة مع نفسك وتجيدين التحكم باستقلاليتك بكل براعة! بالنسبة إليك، لا تعني العزوبية عزل الذات وعدم مقابلة الأصدقاء أو خوض التجارب العاطفية أو كسب الاستقلالية المادية بكل فخر! لكن قد تخبّئ لك الحياة مفاجآت كثيرة وقد تجدين نفسك يوماً في علاقة عاطفية جدية. إذا حصل ذلك، لا تحرمي نفسك من هذه التجربة الجميلة!