الحبار «يجمّد» الحقول الكهربائية لتفادي الافتراس

نشر في 20-12-2015
آخر تحديث 20-12-2015 | 00:01
No Image Caption
تشتهر حيوانات الحبار بقدرتها على تبديل لونها، إلا أن الرأسيات والأرجل هذه تواجه مشكلة: لا يصطاد سمك القرش، الشفنين، والحيوانات المفترسة الأخرى بالاعتماد على البصر فحسب، بل تستشعر حقول فريستها الكهربائية الحيوية أيضاً. لكن بحثاً جديداً كشف أخيراً أن الحبار يملك الحل لهذه المشكلة: يطفئ حقوله الكهربائية بالتجمد في مكانه وحبس أنفاسه. إلا أن هذا «التجمد» لم يُدرس بشكل مكثّف كما مناورة تبديل اللون أو رد فعل الحبار بإطلاقه الحبر والانطلاق مبتعداً عن الخطر، كما تشير كريستين بِدور، باحثة في الدراسة وعالمة أحياء في جامعة جورجيا الجنوبية.
تخبر الباحثة كريستين بدور Live Science أن استشعار الحقل الكهربائي {يوسع أفاق تفكيرنا بشأن أساليب التمويه}.

تصدر عن الحيوانات الحية حقول كهربائية لمجرد أنها حية. على سبيل المثال، يتتبع جهاز قياس كهربية القلب في عيادة الطبيب نظم القلب بقياس الإشارات الكهربائية التي ترسلها خلايا هذه العضلة إحداها إلى الأخرى. وتستطيع أسماك القرش وغيرها رصد هذه الإشارات، وفق بدور، ويمكنها تحديد حقل الفريسة الكهربائي-الحيوي من على بعد أكثر من نصف متر. حتى أجنة القرش تستطيع أن ترصد الحقل الكهربائي القريب.

خلال هذه الدراسة، عرّضت بدور وزملاؤها حباراً ولد في الأسر من نوع Sepia officinalis  لما يشبه فيلم رعب بحرياً: لقطات مصورة لأسماك وحيوانات مفترسة تقترب منه. فلاحظوا أن الحبار تجمد، موقفاً أي حركة، خلال 80 % من الوقت كرد فعل تجاه هذه الأفلام. نزل الحيوان إلى قعر الحوض، أبطأ تنفسه، وأقفل الأقنية والفتحات التي يستخدمها لشفط الماء وإفراغه خلال السباحة.

بوضع أقطاب قرب خياشيم الحبار، اكتشف الباحثون أن الإشارات الكهربائية-الحيوية الصادرة عنه تتراوح بين 10 و30 ميليفولت عندما يكون الحيوان مرتاحاً. ولكن عندما يتجمّد ويقفل فتحات جسمه، تتراجع فولتية حقوله الكهربائية إلى نحو 6 ميليفولتات (ينتج الإنقليس الكهربائي حقولاً كهربائية تصل إلى 500 فولت، وفق الباحثين).

إستراتيجية ناجحة

اختبر الباحثون بعد ذلك ما إذا كان هذا الانخفاض في الفولتية يؤثر في قدرة القرش على تحديد مكان الحبار في الماء. فوضعوا عدداً من أسماك قرش بونيثيد (Sphyrna tiburo) كانت تعيش في البحر، فضلاً عن بعض أسماك القرش الفتية ذات الزعنفة السوداء الطرف (Carcharhinus limbatus) في أحواض مع أقطاب صغيرة برمجوها لتصدر إشارات كهربائية تحاكي حالة الحبار خلال الراحة، خلال التجمد، وخلال إنتاجه الحبر والابتعاد (يرفع هذا النشاط الأخير فولتية حقل الحيوان الكهربائي بنحو أربعة أضعاف).

هاجمت أسماك القرش الأقطاب التي تصدر إشارات {التجمد} مرات أقل بنحو النصف، مقارنة بمهاجمتها الأقطاب في حالة {الراحة}، حسبما أفاد الباحثون في عدد 1 ديسمبر من مجلة Proceedings of the Royal Society B.

تذكر بدور: {ينجح الحبار في الحد من الإشارات الكهربائية المتوافرة لأسماك القرش المفترسة}.

علاوة على ذلك، بدت الطريقة التي تعتمدها حيوانات الحبار في تحديد إستراتيجيتها ذكيةً. فقد مالت أكثر إلى إطلاق الحبر والانطلاق مبتعدة، عندما كانت بدور تحوم فوق حوضها لتعديل المعدات، ومن ثم صارت تتجمد، حسبما لاحظت هذه الباحثة. كذلك كانت حيوانات الحبار أكثر ميلاً إلى التجمد في تفاعلها مع أفلام عن حيوانات مفترسة مثل السلطعون الذي يسهل عليها السباحة مبتعدة عنه. إذاً، قد يعتمد قرار التجمد أو الهرب على ما إذا كان الحبار يعتقد أن الحيوان المفترس قد رآه أو لا، وفق بدور.

تضيف} لا ينجح التجمد إلا إذا كان الحيوان المفترس لم يلحظ بعد وجود الحبار}. أما إطلاق الحبر والانطلاق مبتعداً، فيشكل طريقة هرب جيدة، وفق بدور، إلا أنها ليست خفية. فقد هاجمت أسماك القرش الأقطاب التي تحاكي هرب الحبار في 94 % من الحالات. كذلك بدت أسماك القرش متحمسة لمذاق حبر الحبار في الماء، وفق الباحثة. وتشير الأخيرة إلى أن الخطوة التالية ستشمل دراسة كيفية استخدام التمويه البصري والتمويه الكهربائي-الحيوي معاً لإبقاء حيوان الحبار آمناً.

back to top