السنعوسي... وفئران أمه حصة!

نشر في 22-08-2015
آخر تحديث 22-08-2015 | 00:10
 د.نجم عبدالكريم بعد روايته "ساق البامبو"، بات سعود السنعوسي يشكل لي علامة استفهام كبيرة، لم أتمكن من سبر غورها حتى الآن!

قد تكون هذه مشكلتي، لكنها ليست وليدة فراغ! فالرواية لما احتوت عليه من حرفية متناهية الجودة، لم تقنعني بأنها العمل الثاني له! ثم إن أحداثها التي تقع في الفلبين، وشرح فيها تفاصيل هي في منتهى الدقة عن ذلك البلد، بحيث لا تكفيه هناك إقامته شهراً واحداً فقط كما أشار!

من ناحية أخرى، فإن في رواية "ساق البامبو" الكثير من المعلومات عن الديانة المسيحية، لا يكتبها إلا من كان قسيساً أو خبيراً في هذه الديانة، فما بالك بمواطن كويتي شاب لم يتجاوز الثلاثين من عمره!

ومع أنني تابعت بعض اللقاءات التي أجريت مع السنعوسي عبر التلفاز، لكن علامة الاستفهام لم تتزحزح من مخيلتي!

 ***

قرأت روايته الجديدة "فئران أمي حصة"، ولفت انتباهي أنها طُبعت خمس طبعات خلال ثلاثة أشهر! فهي صدرت في فبراير من هذا العام! وأُعيد طبعها في مارس، أي بعد شهر من صدورها! ثم تمت إعادة طبعها ثلاث مرات في شهر أبريل! 1 أبريل، و7 أبريل، و14 أبريل! وهذا ما لم يصادفني في حياتي!

ولا أريد أن أضيف علامة استفهام جديدة... فربما تقاتل الناس في سبيل الحصول على نسخة منها، فأُعيدت طباعتها بهذه الصورة العجيبة! ثلاث طبعات في شهر واحد؟! مع أنها أقل جودة من "ساق البامبو"؛ فمضمونها ليس جديداً - كسابقتها - فهي تسلط الضوء على شريحة اجتماعية في المجتمع الكويتي، بمحلية مسرفة لا تخلو من الافتعال!

- عمى بعينك.. وين صادق؟!..

- يلعن أبوكم، لا أبو فؤادة، لا من أسسكم، يا عيال الكلب!

كما أن هناك ألفاظاً كثيرة الابتذال يحول رقيب "الجريدة" دون نشرها!

والذي يبدو لي أن السنعوسي أراد أن يسلك في روايته هذه أسلوب الواقعية الاشتراكية التي برع فيها يوسف إدريس، ونجيب محفوظ، وسواهما بعد أن تشبعوا بقراءات الروايات الروسية وبالذات لأنطوان تشيخوف، ومكسيم غوركي!

ففي رواية "فئران أمي حصة" يبرز المؤلف تلك التناقضات في خليط المجتمع الكويتي المتكون من الشيعة والسنة والحضر والبدو والعجم والمقيمين في حقب مختلفة، ويستحضر فيها الماضي على شكل ذكريات - فلاش باك - ثم سرعان ما يعود إلى الحاضر ليمزج بينهما، مبرزاً تلك التناقضات بين الحاضر والماضي والتي أدت الى الصراعات التي يعيشها المجتمع الكويتي حالياً في مواجهاته الطائفية، والقبلية، والعرقية!

ثم أقحم في روايته مقتطفات لأقوال وأشعار:

النصر للرمم

الخارجين من حفائر العصور

سطورهم شواهد القبور

وجوههم ملامح الحجر!

والكثير من الأقوال المأثورة العامية والفصحى (زور ابن الزرزور اللي عمرا ما كذب ولا حلف زور)!

لم أكن متفاعلاً مع أحداث الرواية بسبب الوصف المبالغ فيه لكل صغيرة وكبيرة، كوصف الحارات، والبيوت، والأثاث، والملابس، والأشكال، وطبائع الناس!

• " ما قالته لي أمي حصة: صغيراً، يخرج من بطنك دود يأكلك، هي قيامتك أزف أوانها، وها أنا اليوم أكتبك خوفاً منك عليك، لا أجيد شيئاً فكتابتي ليست إلا فراراً منك وإليك، لأن لا مكان لي سواك، لأنني رغم كل الخيبات فيَّ لا أنوي إلا أن أموت فيك"!

وهذا كلام مصطنع غير موظف، وهو مقحم في غير مكانه في الأحداث!

تحمست لقراءة "فئران أمي حصة" لأنني كنت فخوراً بـ«ساق البامبو» لسعود السنعوسي، والتي اشتريت منها عدداً من النسخ وأهديتها إلى الأصدقاء الأدباء العرب ممن ألتقيهم... كما فعلت يوم صدرت رواية - كانت السماء زرقاء - لإسماعيل فهد اسماعيل، ووزعتها على المثقفين المصريين في مقهى "ريش" فخوراً بالروائيين الكويتيين! لكنني لن أفعل مع "فئران أمي حصة"!

back to top