«البقشيش» مستحب... والرشوة حرام

نشر في 10-07-2015 | 00:01
آخر تحديث 10-07-2015 | 00:01
No Image Caption
السؤال: يقوم بعض الناس بإعطاء بعض العمال مالاً لتقديمه له خدمة جيدة، أو لعلمه بفقره وحاجته، خاصة وقد انتشرت ظاهرة العمل بدون أجر من صاحب العمل وإنما يكون العمل في مقابل "البقشيش"، وقد يدفعه الإنسان ليدفع تهمة البخل عن نفسه، فهل هناك فارق في الحكم الشرعي بين "البقشيش" والرشوة؟

المفتي: مفتي الديار المصرية الدكتور شوقي علام.

الفتوى: الرشوة لغة تطلق على ما يعطيه الشخص لحاكم وغيره ليتحصل على مراده، وأما معناها في الاصطلاح فلا يبعد عن معناها في اللغة، فقيل: "هي ما يعطى لإبطال حق أو لإحقاق باطل".

أما كلمة "البقشيش" فليست بعربية، لكون مادتها لا تعرف في لغة العرب، قال العلامة اللغوي أبوبكر بن دريد في "جمهرة اللغة": "البقش لَيْسَ من كَلَام الْعَرَب الصَّحِيح"، وأما معنى البقشيش في العرف: فهو مقابل للهبة والعطية، لكونه يدفع بلا عوض، قال العلامة ابن الأثير في "النهاية في غريب الحديث والأثر": "الهِبَة: العَطيَّة الخاليَة عن الأعْوَاضِ والأغْراض"، وقال الإمام النووي في "المنهاج": "التَّمْلِيكُ بِلا عِوَضٍ هِبَةٌ".

هذا من حيث المعنى، أما من حيث الحكم: فالرشوة حرام بلا خلاف، وهي من الكبائر، وقد وردت الأدلة متضافرة على ذلك، منها: قول الله تعالى في معرض ذمه لبعض أهل الكتاب: "سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ" (المائدة: 42)، قال الحسن وسعيد بن جبير: "هو الرشوة".

وقال تعالى: "وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ" (البقرة: 188)، ووجه الدلالة في الآية ظاهر، حيث نهى عن هذا الفعل، ووصفه بأنه باطل وإثم.

وعن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو -رضي الله عنهما- قَالَ: "لَعَنَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الرَّاشِيَ وَالمُرْتَشِيَ" [أخرجه أبو داود والترمذي، وقال: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ"]، ووجه الدلالة منه: اللعن الواقع فيه على فاعل ذلك، واللعن على فعل من علامات كبائر الذنوب.

وأما ما يسميه الناس "البقشيش"، فالأصل فيه أنه يعطى على سبيل الهبة، وعن طيب خاطر، فيشمل الهدية - وهي التي يراد بها إكرام المهدى إليه لا غير- والصدقة - وهي التي يراد بها وجه الله تعالى، فهي مشروعة على هذا الوجه.

والفرق بين الرشوة و"البقشيش" يظهر من الموضوع والغاية، وقد تكلم العلماء عن هذا عند كلامهم عن الفرق بين الرشوة والهدية، فما يُدفع إلى الحكام ونحوهم للحكم للراشي غير جائز، أما العطية والإكرامية ونحوها مما يعطى للعمال الفقراء والمساكين فهو على أصله أنه مستحب، والأمور بمقاصدها، ولذا كانت النية دليل تفريق بين الأمرين المشتبهين في الصورة والهيئة مع اختلافهما في الحكم أو الغاية.

back to top